شهدت ورشة للحوار بين نواب التأسيسي وخبراء دوليين حول صياغة الدستور والمعايير الدولية لحماية حرية التعبير تباينا في وجهات النظر بين نواب حركة النهضة وهؤلاء الخبراء حول حدود حرية تبادل المعلومات وحقوق الإنسان والخصوصيات الثقافية مما أدى إلى قطع أشغال الورشة على أن تستأنف يوم الثلاثاء.
واتفق الخبراء الأجانب وهم مهدي بن شلح رئيس مكتب اليونيسكو بتونس وجوزيف ثلولو الخبير الجنوب الإفريقي في مجال الصحافة والإعلام وبمبانغ هاريمورتي نائب رئيس مجلس الصحافة والإعلام باندونيسيا وتوبي ماندل المدير التنفيذي لمركز القانون والديمقراطية في كندا ضمن مداخلاتهم على أهمية دسترة الضمانات لحماية حرية التعبير وتبادل المعلومات بالرجوع الى القانون الدولي والمعايير الدستورية التي أصبحت محل وفاق عالمي في صياغة الدساتير. وقدموا تحليلات عن كيفية ضمان حرية التعبير والصحافة والمعتقد والإبداع في دساتير كل من جنوب إفريقيا وأندونيسيا وكندا والاستثناءات القانونية لقاعدة الحرية.
كما أكّدوا على ضرورة ملاءمة دساتير البلدان التي تعيش انتقالا ديمقراطيا مع المعايير الدولية الضامنة للديمقراطية بشكل عام ولحرية التعبير والصحافة والإبداع بشكل خاص، بينما تركز اهتمام نواب حركة النهضة على كيفية حماية القيم الدينية والحريات العامة مقابل الحريات الفردية وتنزيل الحقوق في الخصوصيات الثقافية.
وشدد الخبراء الدوليون على أن الاستثناءات التي يمكن أن تنص عليها الدساتير والقوانين لقاعدة الحرية يجب ان تكون في حدها الأدنى وتهدف الى حماية الدول من الأخطار الكبرى وان تضبط تحت رقابة محكمة دستورية.
وتساءل عبد المجيد النجار مقرر لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية للدستور (النهضة) عن كيفية حماية الدين من “النقد والسخرية” قائلا “نقد الدين بالنسبة لنا كدولة إسلامية يمثل مشكلة كبيرة ويمكن أن يصبح مدعاة للفتنة”.
كما طرح المقرر العام للدستور الحبيب خذر (النهضة)، تساؤلا مؤداه “ما المبرر لان تمنح الدولة المعلومات لمواطنيها ؟” و”ما إذا كانت الدولة حرة في أن تختار ما تعلن عنه وما تحتفظ به ؟” وكيفية تجنب “فوضى الصحافة”.
أما النائب أحمد المشرقي، فقد اعتبر انه يجب تنزيل حقوق الإنسان في الثقافة والمنظومة القيمية لكل مجتمع معبرا عن “رفضه أن يكون تلميذا” أمام الخبراء الدوليين مما أدى إلى ارتفاع حدة النقاشات ثم وقفها على أن تستأنف في حصة الثلاثاء.
وفي رده على تساؤلات نواب التأسيسي قال الخبير الجنوب الإفريقي أن الحصول على المعلومات هو حق ثابت لكل مواطن في دستور جنوب إفريقيا ولا يقيد إلا بقانون يصادق عليه بعد نظر المحكمة الدستورية فيه. أما الخبير الكندي توبي ماندل فأكد أن للمواطن حق لا نزاع بشأنه في الحصول على المعلومات التي تتعلق بممارسة حقوقه كمواطن.
ومن ناحيته قال الخبير الاندونيسي انطلاقا من تجربة بلاده وهي اكبر الدول الإسلامية في العالم من حيث عدد السكان انه “من الأفضل عدم اعتماد الشريعة الإسلامية” في الدستور مذكرا بان “أوروبا عرفت حروبا دامية بدعوى حماية المسيحية إذ اقتتل الناس بدافع الدين”.
وقال ممثل اليونيسكو مهدي بن شلح أن “النقاش ليس سهلا” وان منظمة اليونيسكو تريد من وراء هذه الورشة شرح المعايير الدولية والقواعد التي أصبحت محل إجماع داخل المجتمع الدولي في مجال حماية حرية التعبير بما فيها حرية الصحافة وتداول المعلومات.
.(المصدر “وات”)