تونس- افريكان مانجير
نشر رئيس جمعية الشفافية المالية التونسية اليوم 28 ماي 2012 وثائق رسمية مسربة تكشف عن مجموع الميزانية المخصصة للمجلس الوطني التأسيسي والتي ناهزت 22.23 مليون دينار، في مؤشر يدل على عدم اعتماد حكومة الائتلاف الحالية على سياسة تقشف محكمة تتماشى والوضع الاقتصادي الصعب لتونس بعد ثورة 14 جانفي 2012.
وانتقد سامي رمادي رئيس جمعية الشفافية المالية التونسية تصريحات لوزير المالية حسين ديماسي أقر فيها مؤخرا أن اعتزام الرفع في منحة النواب بحوالي الضعف غير معقول، معتبرا في سياق متصل أن عدد أعضاء الحكومة الذي يفوق 80 عضوا مبالغ فيه، إلا أنه استدرك بالقول إن “الأمر أصبح واقعا”. وتساءل السيد رمادي عمّن يتحمل مسؤولية مثل هذا الإسراف وسوء التصرف في ظل صعوبات اقتصادية تتكبدها حاليا الدولة التونسية وعجز ميزانية متوقع يفوق 7% من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام مقابل مستوى مقبول اقتصاديا يقدر بـ3%.
وكان نائبة من حزب النهضة الذي يترأس من حكومة الائتلاف المتكونة، وإلى جانب حزب النهضة، من حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل، أكدت خطة للرفع في منحة النائب بالمجلس التأسيسي إلى 4.2 ألف دينار مقابل نحو 2.2 حاليا وهو ما أثار ردود أفعال مستنكرة خاصة بعد طلب الحكومة اتحاد العمال بالتضحية بالزيادة في الأجور العام الحالي.
مصاريف ترف
وجاء في وثائق نشرها السيد رمادي على صفحته بشبكة “الفيسبوك” واطلع عليها “أفريكان مانجير”، أن مجموع المنح المخصصة يقدر بـ13 مليون دينار في السنة وهو ما يعادل 4.99 ألف دينار لكل نائب، هذا من دون اعتبار الميزانية المخصصة للموظفين بالمجلس والمقدرة بأكثر من 6 ملايين دينار.
وانتقد سامي رمادي بشدة باقي المصاريف التي خصصها المجلس لهذا العام حيث تم تخصيص 100 ألف دينار للسفر وبنفس المبلغ لحفلات الاستقبال و200 ألف دينار للغذاء والفنادق و360 ألف دينار للصيانة و150 ألف دينار للمحروقات و120 ألف دينار للكهرباء والغاز، وهي كلها نفقات تؤشر على ترف مقابل سياسة تقشف يفترضها الوضع الراهن للبلاد.
ويرى مراقبون أن انتهاج الحكومة لمثل هذه السياسة غير التقشفية يؤكد فشلها في إدارة الشأن الاقتصادي للبلاد وهو ما قد ينجر عنه اضطرابات اجتماعية وما يمس من الاستقرار الأمني لتونس.
يذكر أن حسين الديماسي وزير المالية قال إن تونس قد تواجه سيناريو الإفلاس اليوناني إذا لم تسارع كل الأطراف إلى العودة المبكرة إلى العمل والإنتاج مؤكدا على تهيئة كل التونسيين كل حسب موقعه وحسب قدرته على التضحية لمدة أقصاها سنة حتى تتمكن البلاد من الخروج من المرحلة الحرجة الحالية، وفق تعبيره أمام المجلس التأسيسي نهاية العام الماضي وخلال مناقشة ميزانية الدولة.
وفي سياق متصل، طالبت جمعية الشفافية المالية الحكومة التونسية الحالية بالإسراع في الكشف عن مكاسب وزرائها وكبار المسؤولين فيها كما ينص على ذلك القانون. وبحسب القانون، يفترض ان يقدم أعضاء الحكومة قبل توليهم لمهامهم تصريحا على الشرف للكشف عن مكاسبهم وممتلكاتهم. يشار إلى أنه تم إهمال العمل بهذا القانون رغم اقراره منذ 10 أفريل 1987.
وحسب تقارير صحافية، كان رئيس الحكومة الحالية حمادي الجبالي أصدر منشورا في 2 جانفي الماضي دعا فيه الوزراء وكبار المسؤولين إلى التصريح بمكاسبهم ومكاسب أبنائهم القصّر لدى دائرة المحاسبات تكريسا لمبدا الشفافية ولمصداقية القائمين على الشأن العام. لكن لم يقع تطبيق هذا المنشور من قبل أغلب أعضاء الحكومة، بحسب جمعية الشفافية المالية.
وفي سياق الانتقادات ذاتها، استنكر رئيس جمعية الشفافية المالية صفقات البيع الاستثمارية التي نفذتها الحكومة الحالية دون اللجوء إلى طلب عروض دولي والتي تمثلت بالأساس في بيع محطة قطار مدينة وسوسة وبيع أراضي ضخمة بولاية توزر لمستثمرين قطريين.
كما انتقد سامي رمادي اتفاقية التمويل التي تم بمقتضاها منح جمعية “قطر الخيرية” تمويلا لفائدة “تونس الخيرية” ودونا عن غيرها من الجمعيات المدنية الناشطة في تونس ومن دون الاعتماد على طلب عروض أو تقديم مشاريع منافسة، محذرا من التجاذب بين المال السياسي والجمعياتي ومن تضارب المصالح خاصة بعد تصادف أن يكون رئيس “تونس الخيرية” من أقرباء مدير الديوان الرئاسي، بحسب ما كشفه السيد رمادي في برنامج تلفزيوني.
عائشة بن محمود