تونس- أفريكان مانجر
تحصّلت اليوم حكومة الحبيب الصيد المكلّف من حزب نداء تونس لتشكيلها، على ثقة نواب مجلس الشعب بأغلبية مريحة متوقعة، بعد نجاحه في تشكيل حكومة “ترضية” لأحزاب تضمن هذه الأغلبية غير المسبوقة.
وقال رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر (نداء تونس) على اثر التصويت وعلى وقع التصفيق، إن هذا التصويت قياسي وفاق ما يعادل 75% من النواب الحاضرين. وحصلت حكومة الصيد على ثقة 166 نائبا وما يمثل 81% من النواب الحاضرين تقريبا.
ولا يمكن انكار أن صعود النداء في الانتخابات الأخيرة كان مردّه الأساسي رفض “عامة” الناخبين لحركة النهضة التونسية خاصة وأن هؤلاء عرفوا في فترة حكمها أحلك الظروف وعلى رأسها تدهور قدرتهم الشرائية والى حد عجزهم على شراء “اللحمة” وما دفعهم إلى نبذها، وفق شهادات السواد الأعظم من هذه العامّة.
في المقابل، انقسمت أصوات “خاصة” الناخبين في تونس وما يوصف بـ”النخبة”، بحسب انتماءاتهم الايديولوجية والفكرية والثقافية والسياسية أساسا.
وقد نجح التونسيون في ابعاد النهضة انتخابيا عن سدّة الحكم لكنهم تفاجئوا اليوم بعودتها إلى الحكم عبر نداء تونس ومن خلال أربع وزارات (وزارة و3 كتاب دولة)، وهو مشهد كان متوقعا في واقع الأمر بسبب عدم فوز النداء بالأغلبية في الانتخابات.
وكما يلاحظ فإن تشكيلة حكومة الصيد اقتصرت على الأحزاب اليمينية من نداء تونس والنهضة والاتحاد الوطني الحرّ وآفاق بالإضافة إلى ما يعبّر عنه بـ”المستقلين” الذي عينوا أساسا على رأس وزارات السيادة، طالبت حركة النهضة بتحييدها، فيما تم استثناء وزارة الخارجية التي آلت إلى “نداء تونس”.
ويبدو هنا أن نداء تونس استجاب إلى حد كبير إلى طلبات النهضة في تركيبة الحكومة خاصة على مستوى وزارة الداخلية التي سيمسكها وزير مستقل لكن مشكوك في ميولاته النهضاوية، كما تم تعيين الهادي مجدوب كاتب دولة للشؤون المحلية في هذه الوزارة والذي اقترحته النهضة عندما كانت على رأس “الترويكا” في 2013 لتولي وزارة الداخلية.
وكان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي واضحا في تصريحه مؤخرا لصحيفة جزائرية على هامش زيارة رسمية للجزائر، حول تواجد النهضة، بقوله إن: “حكومة الصيد توافقية ومحسوبة، وضمت حركة النهضة، لأنها جزء من المكون السياسي والبرلماني”.
كما أوضح أن «وجود حركة النهضة في حكومة الصيد يعطيها مصداقية في الخارج، ويجعلها تعمل بأريحية سياسية».
ومن هنا يمكن القول إن النداء اضطر لقبول النهضة ضمن تشكيلة حكومته تفاديا لاسقاطه وعرقلته من طرف ذات النهضة في حال بقاءها ضمن المعارضة بالنظر إلى عدد مقاعدها بالبرلمان.
كما أنها تشكيلة حكومية قد تؤدي في واقع الأمر إلى حصول استقرار اقتصادي مفقود منذ الثورة التونسية ولا يمكن تحقيقه في الوقت الراهن في حال تواجد معارضة سياسية قوية التي لا تتلاءم مع تفاقم الفقر والبطالة في تونس.
معادلة سياسية صعبة اضطر إليها نداء تونس ويصعب حاليا التكهّن بتداعياتها، لكن في المحصلة، فإن ما حصل واقعي ومنطقي خاصة وأن الشعب التونسي برهن على أن ميولاته “يمينية” بالأساس، وهو ما يفسّر استمرار اقصاء “اليسار” الذي لا يزال حكرا على “النخبة”، وما يبرّر أيضا عودة النهضة عبر النداء.
عائشة بن محمود