تونس-افريكان مانجر
اكد المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في دراسة اعدها تحت عنوان “التوجهات الجديدة في مرحلة ما بعد الصراع: تحدٍّ جديد للصمود” ، ان اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، و الذي يتعلق باثنين من أكبر مصدري المواد الأولية المهمة في العالم، يمثل صدمة، ساهمت في عرقلة أنظمة الإنتاج الدولية ، والزيادة من الصعوبات التي تشهدها سلاسل التوريد.
و توقعت في هذا السياق ذات الدراسة بان يؤدي هذا الصراع الى تباطؤ النمو، وذلك بالتوازي مع ارتفاع في معدل البطالة و في نسب التضخم، و بالتالي الدخول في مرحلة من الركود التضخمي العالمي.
و اوضح المعهد بان ارتفاع الأسعار، المصحوب بانخفاض في النشاط، يُنذر بركود تضخمي، يمكن أن يستمر، ويقضي على أي أمل في الإنعاش.
محليا ، فقد أظهرت الدراسة ان الاقتصاد التونسي يعيش فعليا مرحلة الركود التضخمي و الذي من سماته تباطؤ النمو، و الارتفاع المستمر لمعدل البطالة مع اتجاه تصاعدي في الأسعار.
و اعتبر المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، ان تونس من البلدان التي لا تملك موارد إضافية، لتنفيذ برامج صمود واسعة النطاق لخروج من الازمة الاقتصادية العالمية ، حيث انها تخضع لضغوط كبيرة على مستوى الميزانية، تصل حد التقشف، كما انها ستجد صعوبة في العودة إلى النمو السليم .
و ذكرت نفس الدراسة بان مزيد التنسيق على المستوى الوطني، وصياغة وتطوير البرامج الجهوية، هو الحل الأفضل للخروج من الأزمة ، أما بالنسبة للغاز، فيمكن لتونس الاستفادة من زيادة الصادرات الجزائرية، عبر التراب الوطني، وزيادة إنتاج الغاز المسال في السنوات القادمة بحسب ذات المصدر.
و اقترحت الدراسة بعض الحلول الاخرى لفائدة تونس ، وذلك على غرار توجهها للتركيز على الاستعداد للموسم الجديد للحبوب، عبر تشجيع الفلاحين و مضاعفة أسعار شراء الحبوب محليا في الموسم القادم مع إنشاء خط تمويل بقيمة 100 مليون دينار على ان تكون هذه الجهود مصحوبة بمساعدات لصغار الفلاحين.
كما دعا ذات التقرير المؤسسات الوطنية الى اعتماد طُرق تنظُّيم جديدة، وتشكيل تكتلات شراء مركزية، وغيرها من الإجراءات الأخرى، وذلك من أجل توحيد مواقفهم، والتخفيف من تأثير الأزمة.
و يرى المعهد العربي لرؤساء المؤسسات ، انه من الضروري بالتوازي مع ذلك بان تقوم الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحسين من مناخ الأعمال، والتقليل قدر الإمكان من العقبات والإخلالاتمن خلال الخفض من التكاليف المتعلقة بالخدمات اللوجستية ، بالاضافة الى تبسيط الإجراءات الإدارية، وتسريع الإجراءات الديوانية، وتحسين شروط الوصول إلى التمويل.
في سياق اخر ، شددت الدراسة المذكورة بانه يمكن أن يؤدي النظام العالمي الجديد، الذي يتسم بتعزيز التكامل الإقليمي، إلى مراجعة التحالفات والاتفاقيات التجارية.
و عددت الدراسة الخاصية البارزة لهذا النظام العالمي الجديد، و الذي يأسس على التعايش بين عالمين (العالم الروسي والعالم الغربي)، في العلاقات الاقتصادية العالمية، حيث انها عالمان مختلفان تقريبًا، و لكل منهما آليات عمل خاصة به، ومعاملاته التجارية والمالية والمعلوماتية (العملة المرجعية المعتمدة، المقايضة، حرية التجارة، حرية الاستثمار، التكامل اللوجستي، ازدواجية الإنترنت).
و يعتمد الاقتصاد التونسي، بشكل كبير، على محيطه الخارجي، سواء في التصدير أو التوريد، وذلك بسبب نظام اقتصادي ضعيف من حيث الاندماج والتكامل، ولمواجهة هذا النظام العالمي الجديد، اشارت الدراسة الى ضرورة ان تعيد بلادنا التفكير في علاقاتها مع شريكها التجاري الأول (الاتحاد الأوروبي)، و مع بلدان الجوار، خاصة الجزائر وليبيا، وفقًا لمقاربة أكثر براغماتية، اقتصاديًا وسياسيًا.
و من بين التحديات الذي ذكرتها الدراسة و التي يواجها الاقتصاد التونسي نجد إعادة هيكلة الاتفاقيات التجارية المعتمدة، خاصة مع أوروبا والجزائر والصين والولايات المتحدة وتركيا، بهدف تعزيز الاندماج الإقليمي.
هذا و دعت الدراسة البنك المركزي التونسي للنظر في إدراج الروبل واليوان في سلة عملاته، مما سيسمح للمشغلين التونسيين في قطاع السياحة بشكل أساسي، بقبول المدفوعات بهاتين العملتين، لتساهم في رفع وارداتنا من المواد الأولية من هذين البلدين (الصين وروسيا)، كما ستسهل أيضًا جذب السياح من البلدين، باعتبار أن وجهاتهم في الخارج ستصبح محدودة بشكل متزايد بحسب ذات المصدر .