تونس-افريكان مانجر
سياسة البنك المركزي التونسي مُتناغمة والاقتصاد الوطني أظهر قدرته على الصمود أمام مختلف الأزمات التي واجهها خلال السنوات الماضية، مع وجود عديد المؤشرات التي تؤكد أن الاقتصاد بصدد استرجاع أنفاسه، ذلك ما أكده المدير العام الأسبق للسياسات النقدية بالبنك المركزي محمد سويلم، في حوار لموقع أفريكان مانجر.
تناغم سياسة البنك المركزي
و يقول سويلم، ان البنك المركزي التونسي تمكن من السيطرة على نسب التضخم حيث اتخذت خلال الـ17 شهرا الأخيرة منحى تنازلي من 10،4% خلال شهر فيفري 2023 إلى 6،7% في سبتمبر 2024، و هو ما يعكس تراجعا بـ 3،7 نقاط مئوية، بحسب البيانات الأخيرة للمعهد الوطني للإحصاء.
وأشار سويلم في هذه السياق، إلى أن بيانات المعهد الوطني للإحصاء علمية و دقيقة و تعكس تطور أسعار الصناعة و الخدمات بصفة شاملة.
و اعتبر أن تراجع نسب التضخم متواصل، مرجحا أن تشهد مزيدا من التراجع خلال الأشهر القادمة خاصة في ظل انخفاض نسب التضخم في أغلب بلدان العالم.
و ردا عن سؤال يتعلق بأسباب عدم اتخاذ البنك المركزي قرار التخفيض في نسب الفائدة الرئيسية التي لم تتغير منذ ديسمبر 2022، قال سويلم، إن هذا القرار مدروس و مبني على بعض التخوفات التي مازالت قائمة و التي من بينها الحرب الروسية الأوكرانية و الاضطرابات الجيوسياسية وتقلبات أسعار الطاقة.
ولفت إلى أن قرار تخفيض نسبة الفائدة الرئيسية في أوروبا و الولايات المتحدة يعود إلى أن نسبة التضخم تقترب من مستوى 2% وهو الرقم الذي تهدف إلى تحقيقه هذه الدول، و تونس لم تحقق بعد مثل هذا التراجع الهام.
و في معرض حديثه عن المؤشرات الإيجابية المتصلة بالتضخم، بين محدثنا أنها تتمثل في التراجع الدولي لأسعار الحبوب و أسعار المواد الصناعية، إلى جانب عودة الإنتاج في تونس لنسقه الطبيعي في عديد القطاعات على غرار القطاع الفلاحي وذلك عقب الأمطار الأخيرة المسجلة في مختلف الولايات، وهي بوادر أيضا لتراجع أسعار بعض المواد الغذائية.
وشدد على أن البنك المركزي التونسي، مازال يعمل على التأكد من السيطرة على المخاطر التضخمية خاصة منها المستوردة، بالإضافة إلى العمل على تحقيق نسبة فائدة حقيقية إيجابية من شأنها التشجيع على الادّخار الذي يعد الدعامة الأساسية للاستثمار بدلا عن الاستهلاك.
وأشار إلى أن المركزي التونسي موكول له مهمة الرقابة المصرفية و التصرف الحذر و عدم المخاطرة.
مؤشرات إيجابية
و في علاقة بالوضع الاقتصادي، يرى سويلم ان الاقتصاد الوطني أثبت مرونة وصلابة في مواجهة الصدمات الخارجية والداخلية.
وقال سويلم، “عديد المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد التونسي بصدد استرجاع أنفاسه يظهر ذلك من خلال ارتفاع احتياطي العملة الأجنبية وتقلص عجز ميزانية الدولة و تراجع العجزين التجاري والجاري في ميزان المدفوعات، فضلا عن نسب التضخم التي تعرف تراجعا بوتيرة منتظمة، إلى جانب شبه استقرار الدينار التونسي”.
و أضاف، ” الدين العمومي بدوره شهد خلال السنوات الأخيرة استقرارا في مستوى 80% من الناتج المحلي، كما تمكنت بلادنا من الإيفاء بالتزاماتها الخارجية دون اللجوء إلى الأسواق المالية العالمية و صندوق النقد الدولي”.
وذّكر محدثنا، في هذا السياق، بمراجعة مؤسّسة فيتش تصنيف تونس في سبتمبر الماضي، والتي رفعت بدرجتين في تصنيف البلاد إلى CCC+، ليعكس المؤشرات الإيجابية الاقتصادية و المالية المسجلة مؤخرا.
ورجح سويلم أن تنسج مؤسسات التصنيف الائتماني الأخرى على منوال مؤسسة فيتش.
وخلص إلى انه على الرغم من عديد الصعوبات و كل التوقعات السلبية التي لحقت الاقتصاد إلا انه أثبت متانته بفضل تنوعه واعتماده على قطاعات متعددة كالصناعة، و السياحة و التكنولوجيا و الفلاحة وغيرها، فضلا عن تموقع تونس الجغرافي الاستراتيجي.
و في سياق متصّل، أقر المسؤول السابق بالبنك المركزي، بوجود نقاط ضعف بالاقتصاد تتصل بجودة الخدمات المقدمة في عديد القطاعات و الخدمات المصرفية و الإدارية، إلى جانب الحاجة الملحة إلى مراجعة قانون الشغل و تهيئة البنية التحتية.
و اعتبر أن تجاوز هذه النقاط سيُمكن من تعزيز قدرة البلاد على الاستثمار و مزيد استقطاب الاستثمارات الأجنبية.