تونس-افريكان مانجر
تسبب غلق معبر رأس الجدير الحدودي في الفترة الممتدة من شهر مارس الى غاية شهر جويلية 2024 في خسائر مالية لتونس من حيث مداخيل الصادرات بقيمة 180 مليون دينار، فيما تشير التقديرات إلى إمكانية أن تبلغ الخسائر 300 مليون دينار مع نهاية السنة الجارية في صورة تواصل الغلق و عدم استرجاعه لنسقه الطبيعي.
و استنادا إلى معطيات قدمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات في ورقة بحثية حول تداعيات إغلاق معبر رأس جدير على الاقتصاد الوطني، فان الإشكال الراهن أثر كذلك على المؤسسات التي تعتمد السوق اليبية للتصدير، سيما في قطاعات مثل مواد البناء وتحديدا الاسمنت، والمواد الفلاحية (الفواكه)، والمستحضرات الأخرى على غرار الشامبو وحفاضات الأطفال.
ودعا المعهد العربي لرؤساء المؤسسات إلى إيجاد حلول بالتنسيق مع السلط الليبية لتسهيل عملية المرور عبر المعبر وضمان انسيابية الحركة التجارية، بما يعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وقد أدى إغلاق المعبر إلى تعطل حركة السلع والبضائع التي تمر ببعديها الرسمي والموازي، وأثّر ذلك على المستهلكين الذي يعتمدون على هذا النوع من السلع، مما خلق فراغًا في السوق بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، هذا النقص دفع الأسعار إلى الارتفاع.
في المقابل، وبحسب تقرير للبنك الدولي ، فإن حجم التجارة الموازية عبر المعبر نحو تونس تقدر بحوالي 600 مليون دينار سنويا، وتشكل تجارة الوقود النشاط المهيمن،حيث تمثل 10 بالمائة من قيمة المبيعات، و30 بالمائة من الأرباح، ومن أبرز البضائع التي تمر الوقود و الأدوات المنزلية و والأجهزة الكهربائية والمعدات والملابس والفواكه.
رغم أن الغلق ساهم في السيطرة على التجارة الموازية والتهريب في الجنوب التونسي والغرب الليبي، الا أنه فتح المجال للتجارة الموازية والتهريب عبر الحدود الجزائرية، حيث إن إجمالي التجارة الموازية والتهريب يساهم في خسارة في الإيرادات بقرابة الـ 1200 مليون دينار كان يمكن للسلط التونسية تحقيقها، بحسب تقرير للبنك الدولي .
و يشار الى أن الصادرات التونسية نحو ليبيا شهدت تطورا خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت بحوالي 55 بالمائة بين سنة 2017 و2023 مسجلة زيادة من 1195مليون دينار، لتصل إلى 2650مليون دينار.
وتتطلع تونس لتجاوز حجم صادراتها الـ4860 مليون دينار (قرابة الـ 1،6 مليار دولار)بحلول سنة 2025.
و قدر حجم الصادرات التونسية عبر المعبر البري بحوالي 479 مليون دينار سنة 2022، لتصل إلى 480 مليون دينار سنة 2023، أي قرابة الـ18 بالمائة من مجموع الصادرات، وفق بيانات وزارة التجارة وتنمية الصادرات.
و خلص المعهد العربي لرؤساء المؤسسات إلى أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية و الاجتماعية المنجرة على غلق معبر رأس جدير الحدودي الذي يعد أهم المعابر الحدودية بين تونس وليبيا، وأحد أكبر المعابر البرية في إفريقيا نظرا لدوره الحيوي في التبادل التجاري بين البلدين، إلا أن هذا الغلق سلط الضوء على مدى تداخل الاقتصاد الرسمي مع الاقتصاد الموازي عبر المعبر، مشيرا إلى تضرر الأسر بشكل مباشر نتيجة لاضطراب تدفق السلع والبضائع.
و شدد على أنه للتغلب على هذه التحديات، فان تعزيز التعاون بين البلدين يعتبر ضروري لضمان استمرار حركة التجارة بشكل آمن ومستدام، الى جانب أهمية تحسين البنية التحتية، وإنشاء منصات إلكترونية لتسريع الإجراءات الديوانية وتقليل البيروقراطية، وتقديم حوافز للمؤسسات الصغرى والمتوسطة الناشطة في الجنوب التونسي للاستثمار في المنطقة لتفادي آفة الاقتصاد الموازي.