تونس-افريكان مانجر
ليست بالوزارة العادية ، فملفاتها متشعبة و مشاكلها متعددة ..لذلك لم تكن المهمة بالنسبة لوزير النقل معز شقشوق الجديد بالهينة ..و في حوار مطول » لافريكان مانجر « كشف لنا فيه عن أهم التحديات و رؤيته لمختلف شركات النقل في تونس .
في بداية الحوار ، ماهي وضعية الخطوط التونسية ؟
وضعية الخطوط التونسية تعتبر صعبة الآن و ذلك على غرار عديد الشركات الطيران العالمية الأخرى و ذلك بسبب تداعيات جائحة كورونا ..لكن يجب استغلال هذا الوضع الصحي ليكون فرصة للإصلاح وذلك بعد تعرية هذه الجائحة لعديد النقائص بالإضافة إلى ما هو قديم .
ماهي إستراتجيتكم للإصلاح ؟
الناقلة الوطنية في حاجة إلى إستراتجية إصلاح واضحة و هي جاهزة اليوم و تتمثل على المستوى العملي مبدئيا و بصفة عاجلة في الانطلاق في تسمية مدير عام جديد للشركة …الا ان ما لاحظناه اليوم هو وجود عزوف على تحمل المسؤولية على رأسها ..حيث قُمت باقتراح هذا المنصب على عديد الكفاءات إلا أنها عبرت عن رفضها لذلك “.
لماذا هذا العزوف ؟
عديد الكفاءات ترفض تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة بدون وجود حماية قانونية لهم في توجهاتهم الإصلاحية ، هذا بالإضافة إلى أن البعض منهم تكون أجورهم في مناصبهم السابقة تكون 10 مرات الأجر الذي سيتقاضاه على رأس أي مؤسسة عمومية على غرار الخطوط التونسية .
أليس وضع الشركة هو سبب في هذا الرفض ؟
صحيح أن التحدي كبير لكن الوضع ليس بالكارثي كما يتوقعه البعض ..الناقلة الوطنية لديها إمكانيات عالية تحتاج فقط للدعم في هذه المرحلة .
هل قدمت مقترحات لرئيس الحكومة حول الخطوط التونسية ؟
نحن لم نقدم إلى اليوم أي مقترحات تهم الخطوط التونسية لرئيس الحكومة هشام المشيشي ..لكن ما نريد إيضاحه هو أن ليس كل ما تحتاج الشركة هو الاعتمادات المالية و لكنها في حاجة إلى الدعم المالي و المعنوي و إلى الإصلاحات قبل كل شئ .
اي انه حاليا لا توجد اعتمادات مالية لضخها بالشركة ؟
الدعم للناقلة الوطنية يمكن أن يكون ماليا أو معنويا عبر تنفيذ إستراتيجية الإنقاذ ، إلا أننا مقتنعين بان الاعتمادات المالية لن تكون بصفة فورية و ستكون مدروسة أكثر و ليس بالمبالغ التي تم الإعلان عنها سابقا .
يعني ذلك ان الخطوط التونسية لم تتمكن الى اليوم من خلاص مزوديها ؟
لا بالنسبة لخلاص المزودين نحن مستعدون لإيجاد الحلول لخلاص مستحقاتهم ..وقد وفرنا منذ مدة الاعتمادات للخطوط التونسية لخلاص مزوديها السابقين .
هل تعملون على تطوير أسطولها ؟
اليوم ، تعمل شركتنا بحوالي 7 طائرات فقط و هذا ضئيل ..حيث نعمل في هذا الإطار على تجديد الأسطول عبر اقتناء 4 طائرات جديدة و ذلك بداية سنة 2021 و 2022 و 2023 و ذلك إلى حين تجهيز الموارد المالية اللازمة لذلك .
جديد الرحلات في ظل جائحة كورونا ؟
تم برمجة الرحلات لتتأقلم مع الوضع الوبائي و الإجراءات الوقائية في جميع بلدان العالم إلا أن الوضع أصبح صعبا (تراجع عدد الرحلات) لذلك تم الاعتماد على تدعيمها في وجهات معينة على حساب وجهات أخرى على غرار باماكو و داكار و إفريقيا و الوجهة الليبية .
هل ستواصلون في خطة الإنقاذ السابقة و تسريح العمال ؟
فكرة تسريح العمال بالشركة موجودة من قبل ..لكن يجب ان يتم الاتفاق مع الطرف الاجتماعي حول هذا الموضوع مع تجهيز برنامج واضح حول كيفية التسريح و تحديد الاعتمادات اللازمة و المدروسة بالتدقيق لهذا القرار ..”
هنالك فرق بين نظرية لدينا برنامج محدد و جاهز لتنفيذه و نظرية لدينا برنامج فقط يكون غير واضح المعالم ..من هنا أقول جهزوا البرنامج الاجتماعي الخاص بالشركة ..ناقشوه مع اتحاد الشغل ..و قوموا بتحديد قيمة الاعتمادات المطلوبة لهذا البرنامج و نحن حينها كوزارة إشراف نكون جاهزين ..
هل تعملون على تحسين صورة الخطوط التونسية و ماهي القرارات عمليا ؟
أولا ، الخطوط التونسية “غزالة” و تبقى دائما بصورة “الغزال” ..و سنعمل على تحسين صورتها إلا انه يجب الانطلاق بداية في تغيير التوجه الخاص بالخطوط التونسية السريعة و تحويلها إلى شركة مستأجرة محليا و دوليا ” compagnie .charter حيث تقوم بمنافسة بقية شركات الطيران .
مقابل ذلك يتم جعل شركة الخطوط التونسية “شركة طيران متميزة ” Compagnie premium على غرار عديد البلدان الأخرى مثل فرنسا مع القيام برحلات منتظمة .
كذلك شركة الخطوط التونسية مطالبة بالقيام بتأسيس شركة “الخطوط التونسية للشحن ” ، حيث انه من غير المقبول أن لا يكون لهذه الشركة العريقة طائرة خاصة بالشحن مثل بقية الشركات الدولية .
في جانب أخر ، سيدي الوزير أين وصل مشروع النفيضة ؟
مشروع ميناء النفيضة يعتبر مشروعا نموذجيا وهو من أولياتنا في الوزارة ..الأشغال في تقدم رغم انه قد تم تأجيل طلب العروض الخاص ببناء الميناء إلى تاريخ 21 افريل 2021 بسبب جائحة كورونا ..
يعني يوجد بعض التعطيلات للمشروع ؟
لا بالعكس نقوم باجتماعات الدورية مع كل المتداخلين،و قد تم الأسبوع المنقضي فتح طلب العروض الخاص بالترويج للميناء حيث يوجد إلى الآن 4 مشغلين قد قدموا عروضهم ..لنجد أنفسنا مستقبلا في عمل متوازي بين بناء الميناء من جهة و انطلاق استغلاله من جهة أخرى .
للإشارة فان هذا المشروع هو شراكة بين القطاع العامة الدولة و القطاع الخاص .
ماذا تقول لمن يشكك في اختيار منطقة النفيضة ؟
هذا اللغط سمعته كثيرا منذ تولي الوزارة ، حيث أقول لمن يشكك في اختيار المكان و سبب تواجده بمنطقة النفيضة بالذات ..قدموا لي مكان واحد في تونس تتوفر فيه للدولة رصيد عقاري بحوالي 3000 هكتار …
يكفينا من التشكيك حيث لا نستطيع القيام بميناء في مياه عميقة إلا بوجود فضاء لوجيستي ملائم لذلك..فميناء النفيضة لن يكون ميناء فحسب بل ستكون بجانه منطقة لوجستية ضخمة على غرار الموجودة بتلك المنطقة و هي الوحيد بهذه المواصفات في كل أنحاء الجمهورية.
بقية الموانئ لا تحتوي على مثل هذه المنطقة ؟
نحن لسنا ضد أي منطقة في تونس, مثلا ميناء رادس لا يحتوي الآن سوى على 50 هكتار من المنطقة اللوجستية الفارغة و التي سيتم استغلالها في شئ أخر ، كذلك ميناء بنزرت لا يتمتع بهذه المواصفات لكننا سنقوم بتطويره في مشروع أخر .
على ذكر ميناء راس إلى أين وصلت أشغال توسعته؟
مشروع توسعة ميناء رادس في طور التنفيذ و هو من أولوياتي منذ تولي المسؤولية ..حيث تقدمت أشغال الرصيفين 8 و 9..و تم الأسبوع الماضي القيام بأخر اجتماعاتنا مع الجانب الأمريكي باعتباره مقدم الهبة للجانب التونسي (300 مليون دولار ) لإنشاء الرصيفين المذكورين .
هل ستمنحون حق استغلال الرصيفين الجديدين للشركة التونسية للشحن و الترصيف ؟
لا ، في الواقع الشركة التونسية للشحن و الترصيف “ستام “له حاليا الحق في استغلال ميناء رادس من الرصيف عدد 1 إلى الرصيف عدد 7 ..لذلك سيكون هنالك مشغل جديد للرصيفين الجديدين لتحقيق مبدأ المنافسة في الميناء .
ملف أخر أثار الجدل مؤخرا” مشروع مترو صفاقس “..هل سيتم تنفيذه ؟
أولا الدراسات أثبتت أن هذا المشروع ضخم من ناحية التمويلات و الاعتمادات و لكنه دون المطلوب من ناحية المردودية و يمكن لهذه المعطيات أن تتغير مستقبلا .
لذلك استنتجنا بأن هذه التمويلات الضخمة لا تستطيع الدولة توفيرها لوحدها وذلك في إطار الميزانية العادية .. فتم توجيه المشروع في منحى الشركة بين القطاع العام و الخاص على غرار عدة مشاريع أخرى .و سيتم مبدئيا الانطلاق في انجاز الخط الأول “الشيحية ” على أن نقوم بتحين الدراسات مع الوقت .. و هنا الخبر الجيد يتمثل في أن عديد المستثمرين بالجهة عبروا عن رغبتهم في الدخول في هذه الشراكة وتنفيذ المشروع .
هل هنالك مشاريع للمترو في ولايات أخرى ؟
بالطبع توجد عديد الدراسات حول “مترو نابل” و” مترو سوسة ” و سيتم النظر إليهم قريبا في إطار الشراكة بين القطاع الخاص و العام كذلك .
في نفس الإطار أين وصل مشروع الشبكة الحديدية السريعة RFR ؟
حاليا يتم القيام و بصفة دورية باجتماعات بين كل الأطراف بنسق أسبوعين و هو من أهم مشاريع الوزارة .
وقد تم بالنسبة للخط (E) ، والذي سينطلق من وسط العاصمة إلى بوقطفة، تجاوز عديد الإشكاليات الإدارية على أن يتم الانتهاء من الأشغال الخاصة به أخر هذه السنة(2020) ..و من ثم الانطلاق في التجارب على هذا الخط باستعمال القطارات بداية من السنة القادمة و إلى غاية شهر جوان المقبل ..على ان يدخل حيز الاستغلال رسميا في شهر جويلية لسنة 2021 .
لماذا كل هذا التأخير في المشروع رغم أهميته ؟
صحيح ، هناك تأخير بحوالي 4 سنوات في أشغال مشروع الشبكة الحديدية السريعة
بسبب التعطيلات الإدارية و البيروقراطية , و قد تسببت ذلك في مضاعفة تكلفة المشروع حيث وصلت إلى حدود 1000 مليون دينار بعد أن كانت تكلفته لا تفوق ال500 مليون دينار .
هل تم حل إشكالية الخط (D) ؟
حول هذا الخط يوجد اجتماع هذه الأيام مع بلدية باردو لتقديم تصور جديد و محين للوزارة حول ساحة باردو للوصول إلى حل وسط على أن يتم الانطلاق في العمل به سنة 2022 و من المنتظر أن ينطلق بصفة متوازية مع الخط الأخر (E).
ماهو الحل لجل مؤسسات النقل العمومي ؟
قبل الحديث عن المردودية و الإصلاحات ، يجب أن نقر بان النظام المعلوماتي بجل مؤسسات النقل العمومي بما فيها شركة التونسية للسكك الحديدة و شركة نقل تونس غير جيد .حيث يجب تطويره للقيام بالإصلاحات اللازمة و تفعيل آليات الرقابة.
هل تفكرون في تغيير نظام التعريفة و الدعم ؟
يمكن ذلك لكن بعد إصلاح المنظومة المعلوماتية و الإدارية لهذه الشركات حيث يتم فيما بعد الذهاب لتغير نظام التعريفة و لما لا توحيدها على مستوى تونس الكبرى .
منظومة الدعم كلها خاطئة ..يجب التوجه لرقمنة الإدارات بهذه المؤسسات لتحديد مستحقي الدعم الخاص ببعض الأسلاك و الفئات .
السكك الحديدية و تجديدها أين وصل هذا المشروع ؟
يوجد حوالي 15 مشروع استثماري تريد الشركة التونسية للسكك الحديدية تنفيذهم و قد طالبت باعتمادات تقدر ب5500 مليون دينار لذلك .. إلا أن تطبيق كل هذه المشاريع حاليا ليس ممكن حيث يجب إعادة النظر في هيكلتها و إصلاحها جذريا قبل الانطلاق في الاستثمارات.
بالإضافة للمشاكل المشتركة مع بقية المؤسسات ماهي مشاكلها الخاصة بها ؟
هنالك مشكل أخر للسكك الحديدية يتمثل أساسا في تراجع نشاط نقل البضائع حيث وصلت نسبة نقل الحبوب عن طريق القطارات إلى 5 بالمائة فقط و تراجع بأكثر من 15 بالمائة في نسبة نقل الفسفاط .
و بالنسبة للخط عدد 13 الخاص بنقل الفسفاط يتم حاليا صيانة هذا الخط لإعادة تشغيله مع العمل حاليا بالخط عدد 15 ..و قد تم فض جميع الاعتصامات الموجودة سابقا على هذه الخطوط .
ماهي الإصلاحات العاجلة لهذه الشركات ؟
شركات النقل عموما في حاجة الى إعادة هيكلة و إصلاح لتستطيع استعادة عافيتها ..و هذه الإصلاحات لا يمكن القيام بها في ظرف سنة فقط بل يتطلب ذلك الكثير من الوقت .
يعني ان هذا غير ممكن سنة 2021 ؟
لا ، ذلك غير ممكن خلال السنة المقبلة ، لكن بامكاننا الانطلاق في عملية الاصلاح ، سنعمل على ان تكون المؤشرات بالنسبة لهذه الشركات تتجه الى النسق ايجابي .
تحدثت عديد الجهات على شبهات فساد في مختلف شركات النقل في تونس ..هل هذا صحيح ؟
عمليا يوجد فساد و لا يمكن نكران ذلك , هذا لا يعني انه لا يوجد تضخيم لبعض الملفات الخاصة بوزارة النقل من بعض الأطراف ..الا انه يجب ان نقر بوجود عدد من المسؤولين الذين لا يقومون بعملهم على اكمل وجه ..لان المسؤول من واجبه ضبط الأخطاء و إصلاحها في وقتها قبل تفاقمها مع إحالتها على القضاء في حل ثبوت التورط.
هل تمت رقمنة السجلات المتعلقة بشركة نقل تونس بعد ملفات الفساد التي تم نشرها ؟
لا حقيقة ، لم يتم حيث يوجد نقص في العمل , في جميع الشركات ، لهذا السبب نحن اليوم سنستعجل برقمنة جميع السجلات و الإدارات بهذه المؤسسات
نحن اليوم في توجهنا نقوم بمعالجة هذه الملفات و لذلك يتطلب من المسؤول اخذ القرارات في إيقاف النزيف او إنجاح المشاريع مع القيام بالرقابة المتواصلة لكل المجالات .
ختاما ,هل تعتبرون عدم الاستقرار الحكومي يساعد على تطبيق خطة الإصلاح بوزارة النقل ؟
بالنسبة للاستقرار سأكون واضحا، هذه الوزارة هي وزارة تقنية بامتياز و لا تستحمل التجاذبات السياسية و تحتاج للاستقرار لتنفيذ خطط الإصلاح بمختلف مؤسساتها .
