تونس-افريكان مانجر
نور الدين البحيري وزير العدل الأسبق مُتهم باستغلال نفوذه و تمتيع شقيقه بالسراح الشرطي رغم أنّ جرائم الإعتداء بالفاحشة لا تندرج ضمن خانة العفو سيما و أنّ الضحية طفل لم يتجاوز 8 سنوات…سنية بن تومية نائبة بالمجلس الوطني التأسيسي الذي يُعدّ أعلى سلطة في البلاد، هي الأخرى تجد نفسها اليوم في موقف مُحرج بعد أعلنت وزارة الداخلية أنّ شقيقها مُورط بشكل رسمي في المشاركة مع جماعات إرهابية لتسفير الشباب التونسي للجهاد في سوريا… وزيرة المرأة سابقا سهام بادي رُفعت ضدّها قضايا مُتعلقة بفساد مالي و اتهامها بإهدار المال العام كما أثارت غضب المعارضة والمنظمات الحقوقية والنسائية بعدما صرحت بان الزواج العرفي الممنوع قانونا في تونس “حرية شخصية” و مع ذلك احتفظت الوزيرة بمنصبها قبل أن تُغادره في جانفي الماضي”غصبا” بعد أن قدّم علي العريض استقالة حكومته كاملة.
الاستقالة في تونس استثناء لا غير
تلك عيّنة من بعض المسؤولين الذين تقلدوا- و بعضهم لازال- مناصب عُليا في الدولة و قد حامت حولهم العديد من الشبهات سواء باستغلال النفوذ أو التقصير في أداء مهمة أو غيرها من التهم، و مع ذلك لم يجرؤ تقريبا أي مسؤول على تقديم استقالته أو التعهد بذلك في حال ثبت تورطه في أي ملف مشبوه،باستثناء حالات نادرة لعلّ آخرها ما أقدمت عليه وزيرة السياحة آمال كربول التي وضعت استقالتها على مكتب رئيس الحكومة الحالي مهدي جمعة بسبب الاتهامات التي وجهت لها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.
و خلافا لما هو معمول به تونس فإنّ المسؤولين في أغلب الدول الديمقراطية لا يترددون بمُغادرة مناصبهم مهما كانت درجتها احتراما لهيبة الدولة، من ذلك تقديم الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف استقالته في فيفري سنة 2012 و ذلك في إطار التحقيقات في إتهامات له بالفساد المالي ليُصبح بذلك صاحب أقصر فترة رئاسة في تاريخ ألمانيا لم تتجاوز العامين.
و في حادثة هزت الرأي العام الفرنسي، وجد وزير المالية في حكومة فرانسوا هولاند نفسه مُجبرا على الاستقالة ساعات على إعلان النيابة فتح تحقيق قضائي بتهمة التهرّب الضريبي على خلفية اعترافه بحساب بنكي في سويسرا برصيد 600 ألف يورو.
المطالبة بإحداث قانون يُجبر على الاستقالة
و الحقيقة فإنّ الوضع في تونس و رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على سقوط النظام السابق مازال بعيدا جدّا بحسب رأي العديد من المراقبين عن بلوغ هذه المرحلة من الحذر و التحلي بالمسؤولية في ممارسة المسؤوليات السياسية و الحكومية.
و حول هذا الموضوع أفادنا إبراهيم الميساوي رئيس جمعية مكافحة الفساد أنّ المسؤولين في تونس ليست لهم ثقافة التخلي عن المنصب ضمانا للمصداقية و الشفافية و عليه فإنّهم لا يستقيلون إلا بضغط من طرف الأحزاب أو المجتمع المدني، و تبعا لذلك أكد في تصريح ل”افريكان مانجر” أنّه يتوجب على الحكومة وضع نظام قانوني محدد للنزاهة يُقدّم من خلاله المسؤول استقالاته بصفة آلية في حال فشله أو تورطه في احد ملفات الفساد.
و في سياق متصل قال محدثنا إنّ وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري كان يتوجب عليه الاستقالة من منصبه في مناسبتين و مع ذلك لم يفعل، سواء عندما اتهمه البعض باستغلال نفوذه لتمتيع شقيقه المورط في الاعتداء بالفاحشة على طفل لم يتجاوز سنّه 8 سنوات و قد ثبت فعلا تورطه قضائيا أو عندما إتهمته العديد من الجهات باستغلال منصبه لتمكين زوجته المحامية سعيدة العكرمي من المرافعة في أبرز القضايا و بأسعار مرتفعة على حدّ قول محدثنا.
ترقيات
كما انتقد رئيس جمعية مكافحة الفساد طريقة تعاطي الحكومة مع بعض الملفات و تقوم بترقية بعض الشخصيات التي تحوم حولها شبهات.و في سياق متصل أكد الميساوي أنّ الديمقراطية تتكرّس من خلال المستوى الفكري للمسؤولين في كيفية فهمهم لمناصبهم، مُشيرا إلى أنّ الاستقالات لا تحدث في تونس إلا عن طريق الحراك الشعبي.
بسمة المعلاوي