تونس-أفريكان مانجر
لاقى مقترح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى 59 للاستقلال السير نحو “مصالحة وطنيّة ” ، تفاعلا من قبل العديد من السياسيين و المراقبين بين رافض و مؤيد له ، خاصّة وأنّه يجهل الى حد الان تفاصيله و من له الحق في المصالحة ومع من يتصالح؟.
وفي هذا الإطار, قالت رئيسة مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التّحوّلات الدّيمقراطيّة في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّه كثر الحديث في المدة الأخيرة عن المصالحة الوطنية وخاصة بين بعض السياسيين وهو ما يثير عديد المخاوف والتساؤلات على حدّ تعبيرها، خاصة أن مضمون هذه المصالحة الوطنية لا زال غامضا ومبهما.
وأوضحت محدّثتنا أنّه لا شك أن المصالحة الوطنية مطلوبة لتتمكن تونس بكل مكوناتها من النظر للمستقبل وبناء ما تم تخريبه على مدى نصف قرن ولكن هذه المصالحة سوف تكون هشة إذا لم تكن تتويجا لبقية مراحل العدالة الانتقالية من كشف للحقيقة ومساءلة ومحاسبة وبما في ذلك من تعويض للضحايا (سواء كانوا أشخاصا أو جهات) ورد الاعتبار لهم وهو ما يؤسس لمصالحة وطنية صلبة بعد تضميد الجراح وبداية التأسيس لمبدأ عدم الإفلات من العقاب على حدّ تعبيرها.
وفي السياق ذاته ، أضافت رئيسة مرصد شاهد أنّه يبدو انه يراد من وراء الحديث عن المصالحة الوطنية الالتفاف على قانون العدالة الانتقالية وعلى هيئة الحقيقة والكرامة وهو ما يعد خرقا للأحكام الانتقالية للدستور التي اقتضت بان الدولة تلتزم بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها، داعية كل القوى الوطنية وخاصة صلب المجتمع المدني توخي الحذر والحيطة إزاء هذا الخطاب.
من جهة أخرى، استند المتفاعلين مع هذا المقترح إلى المثل في المصالحة بجنوب إفريقيا بعد التمييز العنصري، مؤكدين أنّه باستعادة السود حقوقهم وإنسانيتهم وتحول زعيمهم نيلسون مانديلا من السجن إلى كرسي الرئاسة، لم يتم نصب المشانق ولا إقامة جلسات المحاكمة، بل كان “النظر إلى المستقبل بدل التعلق بالماضي” على حد عبارة مانديلا المشهورة فتوجه المذنبون بطلب الصفح وقابلهم المتضررون بقبول الاعتذار .
ومن جهته اقر رئيس الحزب السلامي في تونس راشد الغنوشي في تصريح لجريدة الشروق بعدم وجود تناقضا بين الدعوة التي دعا لها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للمصالحة والعدالة الانتقالية مشيرا الى ان المصالحة هي مصالحة سياسية, تهدف الى تنظيف جروح وآلام الماضي بين جميع الأطراف والتيارات وتفتح صفحة جديدة في التاريخ.
و اضاف قائلا:”أيضا جزء من المصالحة التي دعى لها الرئيس السبسي كما فهمتها هي دعوة لغلق ملف طال وتعفن هو ملف رجال الاعمال ، هذا خسارة للبلاد وتضيع أموال كبيرة على المجموعة الوطنية نتيجة ذلك فالبلد تضرر من هذا التصرّف الغاشم ولم يعد بالامكان المواصلة في هذا المسار الذي يبدد المال والمؤسسات التي كانت تشغل مئات الآلاف”.