تونس- افريكان مانجر
قالت وزارة الدفاع الوطني إنّها لن تسمح بالتهجم على المؤسسة العسكرية، نافية علمها المسبق بالعملية الارهابية بالشعانبي و التي راح ضحيتها 15 عسكريا. و افاد وزير الدفاع غازي الجريبي أنّ تصريحات عضو اتحاد نقابات الأمن الداخلي الصحبي الجويني بخصوص علم وزارة الداخلية بالعملية الإرهابية الأخيرة منذ تاريخ 10 جويلية الجاري ومراسلتها وزارة الدفاع لإعلامها بذلك لا اساس لها من الصحة.
افتراءات و مغالطات
كما اعتبر الوزير في تصريحات صحفية مختلف تلك التصريحات ليست سوى افتراءات ومغالطة مشيرا إلى أنه قد تم تحريف خطاب رئيس الحكومة مهدي جمعة و عليه سيتمّ رفع شكوى جزائية بالمحكمة العسكرية ضد ه على خلفية تصريحاته سالفة الذكر.
و في سياق متصلّ رفع آمر الحرس الوطني منير الكسيكسي دعوى قضائية ضد النقابات الأمنية على خلفية بثها للإشاعات بشأنه، على حد تعبيره.
فقد افاد مبروك كورشيد محامي آمر الحرس الوطني أنّ النقابات الامنية المتمثّلة في الصحبي الجويني وعصام الدردوري اشاعت في برامج تلفزية أنّ موكله ينتمي الى تنظيم السلفية الجهادية، وباعتبار انه آمر الحرس الوطني وهو قائد عسكري فان التهمة التي وجهت له تتعلق بالخيانة العظمى وهو ما يمس من هيبة الدولة.
و كان عضو إتحاد نقابات الأمن الداخلي، صحبي الجويني، قد في حوار تلفزي الجمعة الماضي أن جهاز إستعلامات وزارة الداخلية كان على علم بالعملية الإرهابية الأخيرة منذ تاريخ 10 جويلية الجاري و أنه راسل وزارة الدفاع لإعلامها بالعملية قبل وقوعها. كما أكّد الجويني أن جهاز الإستخبارات كان على علم بعدد الإرهابيين و الأسلحة التي يمتلكونها.
اخلالات و تدخلات في العمل الحكومي
تصريحات الجويني تُعيد على الواجهة موضوع النقابات الأمنية و مدى احترامها للضوابط المهنية، فقد اعتبر البعض أنّ هذه النقابات حادت في أكثر من مناسبة عن مسارها سيما و قد اعتادوا في كل حدث إرهابي الصعود الى المنابر التلفزية و الاذاعية الإدلاء بتصريحات ” نارية “.
كما كان للنقابات مواقف سياسية و هو ما يتعارض مع أهدافها بحسب قول البعض على غرار حادثة عماد دغيج رئيس رجال الثورة بالكرم حيث أمهلت نقابة أعوان الأمن بإقليم تونس كلا من مهدي جمعة رئيس الحكومة المؤقتة و لطفي بن جدو 10 ايام للتحقيق في تهجم دغيج عليهم،و هدّدت باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال لم تتحرك السلطات.
يُذكر أيضا أنّ حادثة رفع شعار “ديقاج”في 18 أكتوبر 2013 في وجه رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي و رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر و رئيس الحكومة المؤقتة وقتها علي العريض،قد أثار ردود فعل متباينة أيضا بخصوص النقابات الأمنية. و قد أصدرت على إثرها وزارة الداخلية ذكرت فيه بأنّ العمل النقابي المسؤول هو الذي يحترم قواعد الانضباط و يدافع عن الحقوق المادية والاجتماعية والمعنوية لكافة الأعوان طبق المرسوم عدد 42 لسنة 2011 المؤرخ في 25 ماي 2011 الذي يضبط العمل النقابي لقوات الأمن الداخلي.
تكرّر العثرات
و في ظلّ ما اسماه البعض بتكرر العثرات، فقد صدرت دعوات تطالب باخذ اجراءات حازمة ضدّ المخالفين، في المقابل أكد نقابيون أمنيون أنّه لا مجال لحلّ نقاباتهم في تونس، على اعتبار أنّ العمل النقابي داخل المؤسسة الأمنية مكسب ثوري لا يمكن التنازل عنه.
كما أوضح بعضهم في تصريح ل”افريكان مانجر” أنّ المُطالبة بحلّ هياكلهم مرّدها محاولة لتركيع السلك الأمني من جديد لخدمة أجندات سياسية معينة.
و في هذا السياق أكد عصام الدردوري رئيس المنظمة التونسية للأمن و المواطنة أنّه يتوهم كلّ من يعتقد أن حلّ النقابات الأمنية في تونس مسألة واردة، مُشيرا إلى أنّ النقابات تحولت إلى مصدر إزعاج لبعض الأطراف الحزبية فما كان عليها إلا أن بدأت تُنادي بإيقاف نشاطها و هي على حدّ قول محدثنا محاولة لتدجين القطاع و تركيعه لتنفيذ أجندات معينة.
و في المقابل أفاد الدردوري أنّ التجربة النقابية في تونس حديثة التأسيس و هو ما يُفسرّ الأخطاء التي ارتكبتها بعض القيادات، قائلا إنّ العمل النقابي في الفترة الأخيرة بدأ يترشد. هذا و قال المصدر ذاته إنّ النقابات و منذ تأسيسها ساهمت في تحقيق العديد من المطالب الاجتماعية و المهنية للأعوان كما لعبت على حدّ قوله دورا بارزا في التحذير من الخطر الإرهابي الذي كانت تتربص بتونس. و في جانب آخر أوضح رئيس منظمة الأمن و المواطنة أنّ بعض النقابات تتعرّض إلى ضغوطات من طرف الأحزاب صاحبة الأغلبية في انتخابات 23 أكتوبر2011.
من جانبه قال كاتب عام النقابة العامة للحرس الوطني سامي القناوي في تصريح سابق إنّ تونس ليست الوحيدة التي فتحت الباب أمام الأمنيين لممارسة الحق النقابي، مُؤكدا على أنّ دورهم الوحيد يتمثل في الدفاع عن حقوق منظوريهم الاجتماعية و المهنية على غرار الترقيات و التغطية الاجتماعية و النقل التعسفية و الأجور…
و قد عبر القناوي عن استنكاره من دعوة بعض الأصوات إلى حلّ النقابات الأمنية قائلا إنّ العمل النقابي سجل مؤخرا تحسنا على مستوى خطابات القيادات.
شروط العمل النقابي الامني
و بالعودة إلى الدستور التونسي الجديد فإنّ الفصل 36 ينص على أنّ الحق النقابي بما في ذلك الإضراب مضمون، و لكن حق الإضراب لا يشمل قوات الأمن الداخلي و الديوانة.
و بالتالي فإنّ ممارسة الحق النقابي مكفولة للأمنيين،إلا أنّه و بالنظر إلى حساسية هذا المرفق العمومي فإنّه يُمنع عليهم الإضراب،و في هذا السياق أوضح رجل القانون مصطفى صخري ل”افريكان مانجر”أنّ تونس واحدة من بين الدول القلائل في العالم و الوحيدة في العالم العربي التي سمحت بالعمل النقابي الأمني بشرط أن لا ينخرطوا في العمل السياسي و تقتصر مطالبهم و اهتماماتهم على تحسين الوضعية الاجتماعية لمنخرطيهم كما لا يمكنهم الانضمام إلى المنظمات الشغلية. و أوضح محدثنا أنّ النقابات تخضع لقانون الجمعيات و عليه فإنّ حلها يقتضي إصدار حكم قضائي و ليس قرارا سياسيا.