تونس- افريكان مانجر
أكّد عبد الكريم لسود مدير عام التمويل والدفوعات الخارجية بالبنك المركزي التونسي، بخصوص تخفيض موديز للترقيم السيادي لتونس من ب2 إلى ب3 مع الإبقاء على آفاق سلبية، أنّ التخفيض كان يمكن أن يكون أكثر من درجة واحدة، بمعنى أنّه كان يمكن أن يكون ترقيمنا في درجة C وهذا حدث مؤسف بالنسبة للبلاد وفق قوله.
وتابع لسود في تصريح لاكسبرس اف ام اليوم الأربعاء 24 فيفري 2021، أنّ هذا القرار اتخذته الوكالة يوم أمس على الساعة العاشرة ليلا وخرج للأسواق، وله انعكاسات سلبية على مخاطر الدولة التونسية وعلى الأسواق الدولية فيما يخص تعبئة الموارد الخارجية للميزانية مثل ارتفاع كلفة هذه الموارد، وقدرة المؤسسات التونسية على تمويل حاجياتها من الأسواق إضافة إلى قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الخارجية “ونحن في أمس الحاجة إليها الآن” وفق تعبيره.
وأضاف أنّ هذه الوكالات تصنّف المخاطر على قدرة الدولة على الإيفاء بتعهداتها الخارجية وقدرتها على خلاص دائنيها، وقد تمكننا على امتداد 3 سنوات من المحافظة على الترقيم ب 2 رغم الصعوبات، إذ في 2019 تحسن الأداء الكلي للاقتصاد، لكن ب 2 حافظنا عليها مع تغيير الآفاق من سلبية إلى مستوى مستقر.
وأشار لسود إلى أنّ هناك عامل أساسي اتخذت على إثره الوكالة ترقيمها وهي المؤشرات الاقتصادية التي أغلقنا بها سنة 2020، قائلا: “المؤشر الهام هو نسبة النمو 8- بالمئة وهي نسبة تاريخية في السالب لها تأثير على عدة مؤشرات أخرى، وخلال العشرية الفارطة كانت هذه النسبة ضعيفة جدا، وفي المعدل، نسبة النمو كانت تقريبا 0.5 بالمئة وهي نسبة ضعيفة للاستثمار وإحداث مواطن الشغل”.
وشدّد على أنّ الجانب الثاني متعلق بالمالية العمومية وميزانية الدولة، قائلا: “العجز التجاري الذي أغلقنا به 2020 كان 10.1 بالمئة وهو أيضا عالي جدا مقارنة بما سجلناه خلال السنوات الفارطة الأخيرة بعد أن كنّا 3.5 في 2009، وهو توسع هام يعادل 7 نقاط مئوية في عجز الميزانية”.
وقال لسود إنّ تأثير عجز الميزانية رأيناه في نسبة التداين، مضيفا: “الدين العمومي في 2020 أغلقنا بـ 84.6 بالمئة من الناتج الوطني الخام مقارنة بـ 74.6 سنة 2019، والدين الخارجي يقارب 70 بالمئة من الدين.. وقد تضاعف من 34 بالمئة عام 2012، إلى 70 بالمئة سنة 2020“.
وأبرز أنّ مؤشر التداين ركزت عليه موديز مع عدة عناصر أخرى، قائلا: “إذا احتسبنا نسبة ديون المؤسسات العمومية بضمان الدولة والتي تعادل 15 بالمئة من الناتج الوطني الخام، نسبة الدين تصل مائة بالمائة من الناتج وهي نسبة كبيرة جدا، ولا بدّ من التفكير في التخفيض” وفق وصفه.
وأوضح لسود أنّ المؤشر الثالث السلبي، هو البطالة التي بلغت 17.4 بالمئة، قائلا: “وفي هذا كله، السبورة ليست سوداء كليا.. حيث سجلنا تحسنا في العجز، وتراجع إلى 6.8 بالمئة في الناتج، على مستوى التوازنات الخارجية، بمعنى أننا تحكمنا في العجز الجاري، وهي نتيجة إيجابية لكن ثمة قطاعات مصدّرة ديناميكية حقّقت هذا”.
وبيّن لسود أننا سجلنا مستوى لا يستهان به من احتياطي العملة الأجنبية يغطّي أكثر 5 أشهر، والنقطة الثالثة الإيجابية هي التحكم في التضخم إلى مستوى 5.4 بالمئة، وحاليا المستوى أقل بكثير.
وشدّد لسود على أنّ التصنيف السيادي يأخذ بعين الاعتبار الجانب السياسي والمؤسساتي والحوكمة، قائلا: “الوضعية الاجتماعية الصعبة، وضعف الحوكمة يجعلان السلطات غير قادرة على إقرار إصلاحات كبرى للاقتصاد وهذا هو التخوّف الأكبر لموديز، فالجانب السياسي مرتبط بالحوكمة، والوكالة بيّنت أنّ البرلمان يتميّز أداؤه بالتشرذم، والإطار السياسي الحالي يؤثر على قدرة الحكومة في القيام بالخطوات الضرورية” على حد تعبيره.
وأبرز أنّ الحكومة استغرقت فترة طويلة في التكوين ما عقّد الأمور، وموديز تخشى ألا تتمكن هذه الحكومة من تفعيل الإصلاحات اللازمة، قائلا: “لقد أكّدت في 4 فقرات على هذه المسائل، وخاصة فشل السلطات، وذكّروا بالإصلاحات منها: الميزانية، دعم المحروقات، وكل ما يهم المنشآت العمومية”.
وحذّرت موديز من تفاقم الدين الذي سيفوق 90 بالمئة في السنة القادمة، وهو ما سيضعف قدرات البلاد على تحمل الأزمات، قائلا: “العلامة المضيئة، هي حجم الموجودات بالعملة الأجنبية تقريبا 8,5 مليار دولار والتي ستساهم في الإيفاء بالدفوعات.. وهذا ما ساند الترقيم”.
ولاحظ لسود أنّ البنك المركزي أكّد في عدبد المرات ضرورة عدم التأخر مع صندوق النقد الدولي، ودعا الأطراف المتدخلة في المشهد إلى العمل، قائلا: “لدينا الوقت لتلافي الأمر، ولا بدّ أن تنكب السلطات على العمل مع صندوق النقد الدولي في أقرب الآجال، في أجل أقصاه آخر شهر أفريل، لأنّ هذا يترك لنا الوقت الكافي للذهاب للأسواق لتعبئة الموارد الخارجية” على حد قوله.
المصدر (إذاعة اكسبرس اف ام