تونس- أفريكان مانجر
بعد أكثر من شهرين من تولّي حكومة الحبيب الصيد مقاليد الحكم، يؤكّد الخبراء والمراقبين للشّأن العامّ، أنّه رغم كل التدابير الامنيّة والاجراءات الصارمة التي اتّخذتها حكومة لمكافحة الارهاب والقضاء عليه، إلاّ أنّه لم يتمّ الى حد الان اتخاذ اجراءات عاجلة وجريئة خاصّة في المجال الاقتصادي و100 يوم من عمل الحكومة على وشك الانتهاء، وهو ما يمكن أن يهدّد السّلم الاجتماعي ويزيد من نسب الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات حسب قولهم.
توجّهات أمنيّة أكثر منها اقتصاديّة
وفي هذا الإطار، قال وجدي بن رجب الخبير الإقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” إنّ الحديث على عمل الحكومة في 100 يوم، مسألة لا يمكن الحديث عنها إلاّ في البلدان المتقدّمة التي تعرف استقرار على مستوى مؤسّساتها واقتصادها وأمنها…، في حين أنّ تونس تعاني من حالة عدم الاستقرار خاصّة على المستوى الاقتصادي وهو ما يتطلّب اجراءات عاجلة واستعجاليّة دون انتظار مرور 100 يوم.
وأوضح نفس المصدر أنّ حكومة الصّيد لديها توجّهات أمنيّة أكثر منها اقتصاديّة باعتبار أنّ الارهاب لديه تأثير مباشر على الاستثمار وعلى السّياحة، مشيرا إلى أنّ القطاع السّياحي في انهيار مستمرّ حيث تراجعت بعض الاسواق منذ حكومة مهدي جمعة بحوالي 50 بالمائة بالنسبة للسوق الفرنسيّة وبما يناهز 20 بالمائة بالنسبة للسوق الألمانيّة، وقد غطّت على هذا التّراجع تحسّن مردوديّة السّوق المغاربيّة وخاصّة منها اللّيبيّة، لكن بحدوث عمليّة باردو الارهابيّة واستهداف السّيّاح أساسا، تراجعت مرّة أخرى الحجوزات خاصّة بالنّسبة للسوق الفرنسيّة (سوق تقليديّة) وهو ما سيجعلنا نخسر تقريبا 80 من بالمائة من الفرنسيين الوافدين على تونس على حدّ تعبير مصدرنا.
شركات طاقية تُغادر تونس
من جهة أخرى، بيّن محدّثنا أنّ الاستثمار في تونس في تراجع مستمرّ خاصّة على المستوى الطّاقي، حيث أغلق عدد من الشركات الطاقيّة وعادو الى بلدانهم، نتيجة عدم مراجعة العقود وعدم المصادقة على القانون المتعلّق بالطّاقة، مضيفا أنّ هذا التّدهور الاقتصادي تخلّله تحسّن طفيف في التّصدير بالتّوازي مع تراجع في أسعار البترول، الشّيء الذي خفّف مسألة انهيار سعر صرف الدّينار التّونسي، غير أنّ هذا عجز الميزان التّجاري مازال تقريبا في نفس المستوى، كما أنّ تضخّم الأسعار مازال متواصلا ولم يشهد أيّ تراجع طيلة الفترة القادمة.
تحسين القدرة التّنافسيّة من الأولويّات
وعن الحلول، أكّد وجدي بن رجب أنّه يجب تحسين القدرة التّنافسيّة للمنتوجات التّونسيّة، كما يجب الكفّ عن استغلال القروض في توريد مواد استهلاكيّة من الخارج وايجاد حلول جذريّة وعاجلة لملفّ الاقتصاد الموازي الذي أصبح يوفّر حسب بعض المصادر ما يساوي ميزانيّة الدّولة التّونسيّة والقضاء على ظاهرة التّهريب المرتبطة أساسا بالإرهاب…
وفي سياق متّصل، دعا الخبير الاقتصادي إلى ضرورة الاهتمام بالجانب الاقتصادي الى جانب الجانب الامني لأنّ الفقر والخصاصة والاحتياج هم ارضيّة خصبة لنموّ الارهاب، مضيفا أنّ المشكل اليوم يتمحور حول عدم وجود توجّهات اقتصاديّة واضحة رغم حاجة الوضع الرّاهن الى النّظر بصفة استعجاليّة في هذا الملفّ وايجاد حلول جريئة تحسّن من المقدرة الشّرائيّة للمواطن التّونسي.