تونس-افريكان مانجر
تتأثر تونس بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، خاصة منطقة اليورو حيث يعتمد الاقتصاد التونسي على صادراته إلى دول هذه المنطقة وأي تراجع في النمو الاقتصادي في هذه الدول قد ينعكس سلبًا على عائدات تونس.
بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الظروف الاقتصادية العالمية على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يمكن أن يؤدي تراجع الاستثمارات إلى انخفاض النمو وزيادة البطالة.
وقد توقع البنك المركزي التونسي، في تقريره السنوي لسنة 2023، أن يظل الاقتصاد العالمي خلال سنة 2024 متماسكا وأن يستمر على نفس مسار النمو و ذلك على الرغم من العراقيل المرتبطة بتأثير الحيز الزمني لانتقال تأثير السياسات النقدية التقييدية والتوترات الجيوسياسية التي ما انفكت تتفاقم، فضلا عن التأثير المتنامي لتغير المناخ.
و أشار المركزي التونسي، أن هذا التماسك يُخفي تفاوتا هاما، حيث تتناقض صلابة الاقتصاد الأمريكي و الاقتصادات الكبرى الناشئة مع الافاق المتواضعة لمنطقة الأورو، وهي الشريك التجاري الرئيسي للبلاد التونسية، وهو ما من شأنه أن يلقي بتبعاته على أداء اقتصادنا الوطني.
و لفت في هذا السياق، الى أنه من المتوقع أن يُحافظ الاقتصاد التونسي على تماسكه خلال السنة الجارية وأن يبلغ النمو الاقتصادي 1,6 ٪ بفضل تحسن أداء القطاع الفلاحي والنشاط السياحي، مشيرا الى أن هذه التوقعات تاتي على الرغم من ضعف الصناعات المعملية التصديرية وضعف أداء قطاعي المناجم والمحروقات.
ومن جانب آخر، اعتبر المركزي التونسي، أنه وحتى مع وجود بوادر لتراجع التضخم منذ السنة الماضية، إلا أن حالة عدم اليقين لاتزال تُخيّم على تطور الأسعار في المستقبل و لا يزال خطر استمراره قائما، خاصة مع ارتفاع الأسعار الدولية جراء تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتفاقم الإجهاد المائي وتزايد الضغوط على المالية العمومية.
و شدد البنك المركزي على أنه سيظل في إطار مهمته المتمثلة في الحفاظ على استقرار الأسعار، يتابع باهتمام التطورات المستقبلية للمناخ الاقتصادي والمالي من أجل تجنب انزلاق التضخم مجددا.
وفي هذا اإلطار، يتعين التأكيد على أهمية الحفاظ على النهج الحذر والتحلي بالكثير من الصبر في تنفيذ السياسة النقدية، خاصة في مواجهة الضغوط التضخمية غير المؤكدة. إذ من الضروري اتباع هذا التمشي لتجنب ردود الفعل المتسرعة إزاء التقلبات المفاجئة للأسعار، والتي قد تؤدي حتى إلى تهديد الاستقرار المالي. وعليه، يلتزم البنك المركزي التونسي بتكييف إجراءاته على نحو موزون ومدروس، مع الأخذ بعين الاعتبار التداعيات المحتملة للصدمات الاقتصادية.
واعتبران هذا التوجه سيُمكن من تدعيم استدامة النمو الاقتصادي، مع الحرص على أن تكون التعديلات التي يتم إدخالها على السياسة النقدية مدروسة بشكل جيد وتتناسب مع الواقع الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي.
كما أكد البنك المركزي، على أنه في ظل استمرار هذه التحديات، من الضروري مزيد تنسيق السياسات المالية والنقدية من أجل تعزيز تماسك الاقتصاد التونسي، في مواجهة الصدمات الخارجية في بيئة عالمية مضطربة، والحفاظ على توازنات الاقتصاد الكلي وضمان الاستقرار المالي وتحفيز الانتعاش الاقتصادي وإحراز التقدم نحو نمو متواصل ومستدام.