تونس-افريكان مانجر
خلافا لما هو متداول بشأن تواصل تردي الخدمات المسداة في القطاع الصحي العمومي بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، أكد طارق بن الناصر مدير عام الهياكل الصحية العمومية بوزارة الصحة بداية تسجيل تحسن في مستوى جودة الخدمات بالمستشفيات، عبر الانخراط في المنظومة الرقمية و تجديد المعدات و توسعة طاقة الاستيعاب و إحداث مشاريع جديدة.
وقال ” نعمل على تحسين و تطوير الخدمات الصحية و تقريبها من المواطنين في مختلف ولايات الجمهورية”.
مشاريع جديدة
وكشف بن الناصر في حوار خصّ به “افريكان مانجر” ان مشاريع جديدة ستُعزز القطاع في غضون الفترة القليلة القادمة، حيث سيدخل المستشفى الجهوي الجديد في سبيطلة من ولاية القصرين حيّز الاستغلال موفى شهر جوان 2024، بكلفة جملية تقدر بـ50 مليون دينار وقد بلغت نسبة تقدم اشغاله 94%.
و من بين المشاريع الأخرى، مشروع بناء إدارة عامة وتهيئة الإدارة القديمة لإيواء قسم جديد للإنعاش الطبي للأطفال بمستشفى البشير حمزة بكلفة في حدود 10 مليون دينار و من المرجح الإنتهاء من الأشغال خلال شهر جوان 2025.
ومن ضمن المشاريع التي من المتوقع الانتهاء من أشغالها موفي السنة الجارية، مشروع بناء مستشفى جهوي جديد بنفطة من ولاية توزر بحجم استثمار بقيمة 10 مليون دينار، وقد بلغت نسبة تقدم أشغاله 90% .
و من المشاريع أيضا، تركيز معجل خطي ثاني بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس بقيمة 5،5 مليون دينار لقسم العلاج الإشعاعي.Accélérateur linéaire pour le service de radiothérapie.
كما ستشمل مشاريع التوسعة مختلف المستشفيات الجامعية بالعاصمة على غرار مستشفى صالح عزيز بالرابطة و مستشفى شارل نيكول و القصاب و عبد الرحمان مامي و محمود الماطري و منزل بورقيبة و المستشفى الجامعي بجندوبة.
مراجعة التعريفة
و من ضمن المقترحات لتحسين الموارد الذاتية للمؤسسات الصحية، أكد مصدرنا وجود مقترح يتعلق بمراجعة تعريفة الخدمات المقدمة في المؤسسات الصحية العمومية التي لم تتغير منذ الثمانينات.
ويقول بن الناصر، إن مراجعة التعريفات يهدف إلى توفير موارد إضافية لتحسين الخدمات و ليس لتحقيق أهداف ربحية و دون أن تؤثر سلبًا على الأفراد أو تثقل كاهلهم المالي، كما لن تمس المراجعة من الفئات المحدود الدخل، وفق قوله.
أقطاب صحية جديدة
وفي معرض حديثه عن الوضعية الراهنة للمستشفيات العمومية، أقر مدير عام الهياكل الصحية العمومية، طارق بن الناصر، أنه رغم السعي المتواصل لتطوير الخدمات، إلا أنها ما زالت تعاني من بعض الهنات.
وأوضح أن المستشفيات تواجه تحديات مثل نقص الأسرة وطول فترة انتظار المواعيد، مشيراً إلى أن هذه النقائص تعود إلى عدة أسباب أبرزها ارتفاع عدد السكان، في حين أن المستشفيات لم تشهد أي تغييرات جوهرية على مدى السنوات الماضية ولم تتطور الأقسام الصحية بشكل يتماشى مع الاحتياجات المتزايدة للمواطنين.
وأكد بن الناصر، أن الجهود مستمرة لمعالجة هذه الإشكاليات وتحسين جودة الخدمات الصحية، عبر الترفيع في طاقة الاستيعاب و إقرار برامج توسعة و إحداث أقسام طبية جديدة.
وأفاد بأن كل مشروع جديد يتم بناءًا على دراسة وتشخيص دقيق لضمان نجاعتها وتحقيق الفائدة القصوى منها، مشيرا إلى أن الاكتظاظ الذي تشهده مستشفيات العاصمة يعود كذلك إلى الإقبال المتزايد من الولايات الداخلية، بشكل يتجاوز طاقة استيعابها، وهو ما استوجب التوجه نحو تعزيز اللامركزية في القطاع الصحي عبر إنشاء أقطاب صحية في العديد من الولايات مثل صفاقس وجندوبة وأريانة، لتخفيف الضغط وتقريب الخدمات من المواطنين.
كما كشف محدثنا أنه سيتم إنشاء أقطاب صحية جديدة أخرى في العاصمة متخصصة في 3 مجالات رئيسية، القلب والشرايين و الأمراض السرطانية وطب الأعصاب.
ولفت إلى أن إحداث أقسام جديدة يستلزم أيضًا توفير تجهيزات ومعدات حديثة و مخابر متطورة، إلى جانب تأمين الموارد البشرية الضرورية من أطباء اختصاص وطاقم تقني وشبه طبي متكامل.
نقص الأدوية
وبخصوص نقص الأدوية والمعدات، أقر بن الناصر، أن فترة كوفيد-19 أثقلت كاهل المؤسسات و تسببت في ارتفاع نسب مديونيتها لدى الشركات الناشطة في القطاع، وهو ما اضطرها في فترة زمنية محددة لمطالبة المرضى باقتناء بعض الأدوية و المستلزمات على نفقاتهم الخاصة، مشددا على أن الوضع الحالي يشهد عودة إلى النسق الطبيعي وتوفير الحاجيات اللازمة بالمستشفيات، موضحاً أن نقص الأدوية مرتبط كذلك بالصيدلية المركزية التي تواجه بدورها عديد الإشكاليات.
كما تمت مواجهة هذا النقص بالتوجه نحو تصنيع الأدوية الجنيسة، التي تمتاز بفاعلية مماثلة للأدوية الأصلية ولكن بكلفة أقل.
واعتبر بن الناصر أن تصنيع هذا الصنف محليا سيساهم تدريجياً في تحقيق استقلالية البلاد في قطاع الأدوية، داعيا إلى تشجيع المستثمرين لتصنيع الأدوية الجنيسة، خاصة و أنها ستساهم في توفير اعتمادات مالية إضافية من شأنها تخفيض العجز المالي للمستشفيات، علما و أن العجز لدى بعض المؤسسات كبير جداً.
ديون “الكنام” لدى المستفيات العمومية
وردا عن سؤال يتعلق بارتفاع مستحقات المستشفيات العمومية لدى صندوق التأمين عن المرض، قال المسؤول بوزارة الصحة، إنها شهدت خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا و أن احد المستشفيات بالعاصمة تناهز مستحقاتها لدى” الكنام” 14 مليون دينار، لكن يتم تدريجيا تدارك العجز، وفق تعبيره.
و يرى محدثنا، أن تحسن الوضعية المالية “للـكنام” سيكون له انعكاس إيجابي مباشر على مستوى أداء القطاع سواء مستشفيات أو صيدلية مركزية أو غيرها.
و أضاف قائلا” القطاع حلقة متكاملة و تحسن احد عناصره سيساهم في تطوره”.
الرقمنة و التجاوزات
و أرجع بن الناصر، التحسن في مستوى الخدمات و الموارد إلى الشروع في اعتماد الرقمنة بالمستشفيات على أن يتم تعميمها على كل المؤسسات في القترة القادمة.
و لفت إلى أن مداخيل بعض المؤسسات الصحية الجهوية تضاعفت في فترة وجيزة، باعتبار أن المنظومة الرقمية تحد بشكل كبير من التجاوزات و عمليات سرقة الأدوية و مختلف المعدات و الأدوات الطبية.
ويقول بن الناصر: ” نتجه نحو تعزيز الرقمنة في جميع المؤسسات الصحية العمومية، سواء مستشفيات الخط الثالث أي المؤسسات الجامعية أو المستشفيات الجهوية التي تمثل الخط الثاني أو مؤسسات الخط الأول التي تشمل المستوصفات والمستشفيات المحلية”.
ومن بين الموارد المالية الإضافية التي عززت قدرات المؤسسات الصحية العمومية، تلك المتعلقة بالتمويلات الخارجية على غرار الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج الصحة عزيزة، أو كذلك تمويلات أخرى تحصلت عليها في شكل هبات أو قروض من البنك الدولي.
وفيما يتعلق ببرنامج الصحة عزيزة، فانه في إطار جزءه الثاني، يتم حاليا القيام بجرد كامل لمعدات المستشفيات بهدف ضبط النقائص، معلنا أنه سيتم قبل نهاية السنة الجارية تعزيز كل الأقسام بمختلف المستشفيات بتجهيزات أساسية جديدة كأجهزة الكشف بالصدى و سيارات الإسعاف…
وفي إطار قرض من البنك الدولي، يجري حاليا تجديد كل آلات و معدات تصفية الدم في مختلف المستشفيات.