تونس-افريكان مانجر
القطاع المصرفي في تونس يشهد تطورا ملحوظا في ظل قيادة البنك المركزي التونسي الذي يقوم بعمل جبار لحمايته من مختلف التطورات و التحوّلات الحاصلة في العالم و العالم العربي، ذلك ما أكده أمين عام اتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوّح.
وشدد فتّوح في حوار خاص لموقع افريكان مانجر، على أن القطاع المصرفي يعتبر إحدى أهم الركائز الأساسية للاقتصاد التونسي عبر تمويل عديد القطاعات كالفلاحة و الصناعة و الخدمات.
واعتبر أن تجارب القطاع المصرفي التونسي في تمويل المشاريع الصغرى و المتوسطة من أنجح التجارب عربيا، مشيرا إلى أن البنوك مُطالبة بالترفيع في الاعتمادات المالية المخصصة لها سواء لمواجهة الأزمات أو لتوسيع استثماراتها، وهو ما من شانه أن ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني التونسي.
وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا:
كثيرا ما تؤكدون في الاتحاد على أهمية تمويل البنوك للمشاريع الصغرى والمتوسطة لما لذلك من أهمية في دعم التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، فكيف ترون تعامل البنوك التونسية مع أصحاب المشاريع الصغرى و المتوسطة؟
المشاريع الصغرى و المتوّسطة تمثل 70% من الوظائف و90% من اقتصاد ايّ دولة في العالم ويعتبر تمويل هذا الصنف من المشاريع مهم جدّا في الاقتصاد الوطني، ومن واجب البنوك وخاصة البنوك المتخصصة على غرار بنك المؤسسات الصغرى و المتوسطة تمويل المشاريع خاصة تلك المتواجدة في الأرياف لزيادة فرص العمل و الترفيع من الإنتاجية.
وهناك عدّة تجارب ناجحة في هذا المجال في العالم العربي مثل مصر و المغرب و لبنان و تونس تعتبر من أنجح التجارب في موضوع تمويل المؤسسات الصغرى و المتوسطة.
*السنوات الأخيرة و في ظل الأزمات التي مرت بها عديد الدول العربية أصبح الضوء مسّلطا بشكل كبير على أداء البنوك و المصارف نظرا لدورهم في دفع الاقتصاد، فما رأيكم في الواقع الاقتصادي التونسي وفي أداء القطاع المصرفي؟
في ظلّ قيادة البنك المركزي التونسي، فان القطاع المصرفي في تونس محميٌّ و محصّنٌ و يتطور يوما بعد يوم وهو قادر على توسيع و تعزيز دوره في الاقتصاد.
وتونس على غرار عديد الدول العربية تواجه تحديات كبرى بسبب التحوّلات التي شهدتها و مازالت تشهدها المنطقة العربية، ولكنها تسير على الطريق الصحيح على الصعيد السياسي و الحكومي و كذلك على مستوى السياسة المالية و النقدية، هذا بالإضافة إلى أن البنك المركزي في تونس يقوم بعمل جبّار و رائع لحماية القطاع المصرفي الذي يُعدّ عاملا أساسيا في تمويل الاقتصاد وهو يعمل بشكل ممتاز للمساهمة في تمويل القطاع الفلاحي و الصناعي و الخدماتي.
*وقعتم مؤخرا اتفاقية جديدة مع الجمعية المهنية التونسية للبنوك و المؤسسات المالية، فماهي تفاصيلها؟
بالفعل، تم توقيع اتفاقيتين جديدتين، وتتعلق الاتفاقية الأولى بمجالات التعاون العام بين اتّحاد المصارف العربية و الجمعية المهنية للبنوك و التي سيتّم بمقتضاها إعداد دراسة عن الاقتصاد التونسي وبحث فرص استثمار المصارف العربية في تونس و النظر في مجالات التعاون بين الجانبين.
أما الاتفاقية الثانية فهي خاصة بمركز الوساطة و التحكيم التابع لاتحاد المصارف العربية، حيث تم توقيع اتفاقية شراكة بينه و بين جمعية البنوك لحل النزاعات بين المصارف التونسية إن وجدت.
كما سيتم العمل مع القطاع المصرفي التونسي بالتعاون مع الجمعية و بالتنسيق مع البنك المركزي التونسي على وضع خطة عمل طموحة تهدف إلى المساهمة في تعزيز العمل المصرفي المالي التونسي بالإضافة إلى أنه سيتم إحداث شراكة بين المعهد العربي لإدارة المخاطر و الجمعية المهنية للبنوك بهدف تطوير الكفاءات البنكية و المالية التونسية.
*القطاع المصرفي العربي مرّ من أزمة كوفيد-19 الى الحرب الروسية على اوكرانية التي اندلعت أواخر شهر فيفري 2022، فماهي التداعيات المحتملة لهذه الحرب على القطاع المصرفي العربي؟
صحيح، البنوك و المصارف العربية مرت خلال سنة 2020 بأزمة بسبب جائحة كورونا و لكن القطاع تمكن من استعادة النسق العادي سنة 2021 و تمكن من إعادة الهيكلة و حقق أرباحا هاما و ارتفاعا في الموجودات، حيث بلغ إجمالي موجودات القطاع المصرفي خلال سنة 2021، 4،2 ترليون دولار.
و بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية على القطاع المصرفي العربي، فلن تكون لها تأثيرات كبرى خاصة و انه لايوجد أي مصرف عربي في روسيا باستثناء مكتب ممثل لأحد البنوك المصرية فضلا عن أن التعاملات المصرفية العربية مع روسيا محدودة جدّا.
إلا أن التأثيرات الحقيقية لهذه الحرب ستكون على الأمن الغذائي العربي بشكل عام، و تونس من بين البلدان التي يعتبر أمنها الغذائي مهددا باعتبارها تستورد من روسيا حوالي 111 ألف طن من القمح سنويا و من أوكرانيا حوالي 900 ألف طن.
*صندوق النقد العربي أصدر مؤخرا تقريرا أكد فيه أن البنوك المركزية في كل البلدان العربية ستضطر خلال السنة الجارية للترفيع في نسب الفائدة المديرية، فما مدى صّحة هذه الفرضية؟
السياسة النقدية في مختلف دول العالم ترتكز على معدّلات التضخم و كل البنوك المركزية تبني نسب الفائدة على أساس معدّلات التضخم، ومن الطبيعي أن يتم الترفيع في نسب الفائدة المديرية في صورة تزايد هذه النسب في الأسواق و من ثم يتم إقرار نسب فائدة معقولة.
بالتالي فانه من الممكن و الوارد الترفيع في نسب الفائدة المديرية من قبل البنوك المركزية، و حاليا البنك الأمريكي الفيديرالي بصدد النظر في هذه المسألة.
*ختاما، ماهي نصيحتكم للقطاع المصرفي و البنكي التونسي؟
بشكل عام البنوك تعتبر إحدى أهم مكوّنات القطاع المالي و من بين أهم أعمدة الاقتصاد، لذلك أنصح البنوك التونسية بمزيد دعم المؤسسات و الشركات في مجالات وقطاعات متنوعة و توفير التمويلات لكل المشاريع الاقتصادية وهي مطالبة بعدم التركيز على القروض الاستهلاكية والتحكم فيها بالشكل الذي يخدم الاقتصاد.