تونس-أفريكان مانجر
شكّل موضوع الزّيادة في الأجور مشكلا كبيرا في الواقع التّونسي، حيث يتطلّب تضخّم الأسعار وتراجع المقدرة الشّرائيّة للمواطن التّونسي ، حتما الزّيادة في الأجور، كما أنّ الوضع الاقتصادي الكارثي للبلاد -الذي أعلنت عنه حكومة جمعة منذ تولّيها الحكم وسبق أن نبّه اليه حسين الدّيماسي وزير الماليّة المستقيل في حكومة النّهضة- يحتّم على كلّ المواطنين تقديم نوع من التّضحية وعدم المطالبة بالزّيادة في الأجور. وبين رافض لمبدإ الزّيادة في الأجور ومساند لها، تبقى الحكومة بين المطرقة والسّندان.
وفي هذا الإطار، قال سامي الطّاهري النّاطق الرّسمي باسم الاتحاد التونسي للشغل في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّه تم يوم أمس السبت 17 ماي 2014 التوقيع على الاتفاق الإطاري المنظم للمفاوضات بين الاتحاد العام التونسي والحكومة ومنظمة الأعراف حول الزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص، مؤكّدا أنّ الزّيادة في الأجور لابد منها.
الزيادة في الأجور تؤثّر سلبا على الميزانيّة
ومن هذا المنطلق، أوضح فتحي النّوري الخبير الاقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الوضع الاقتصادي التّونسي صعب جدّا، مبرزا أنّ الزّيادة في أجور القطاع الخاصّ ليس لها تأثير مباشر على ميزانيّة الدّولة ويمكن أن تمثّل دفعا جديدا للاستهلاك (2.5 مليون شخص يعملون في القطاع الخاصّ)، لكن تأثيرها غير المباشر له وقع سلبي جدّا على الميزانيّة على حدّ تعبيره. وفسّر رأيه بالقول إن كلفة المؤسّسات سترتفع وبالتّالي هامش الرّبح سينخفض، ممّا سيقلّص من عائدات الضّرائب ، و يؤثّر على ميزانيّة الدّولة على حدّ تعبيره، خاصّة وأنّ هذه الزّيادة لن تكون أقلّ من نسبة التّضخّم المقدّرة بـ 5.2 %.
من جهة أخرى، أبرز نفس المصدر أنّ المؤسّسات بعد الثّورة أصبحت تعاني من جملة من الصّعوبات، بسبب التّهريب والأسواق الموازية وليس من السّهل المحافظة على نسيجها الصّناعي (80 % من الانتاج متأتّ من القطاع الخاصّ) والمطالبة بالزّيادة في الأجور والاقتداء بالمؤسّسات العموميّة ( من ناحية المطالبة بالزيادة والمنح) يمكن أن يحملها الى الإفلاس أو الى الانهيار مثلما حصل للمؤسّسات العموميّة التي تعاني اليوم من عجز قدّر بـ 3 مليار دينار. وأكّد الخبير الاقتصادي أنّ القراءة الاقتصاديّة للوضع الاقتصادي والظرفية التي يمر بها تحتّم عدم الزّيادة في الأجور في الوقت الحالي، في حين يقول المنطق أنّ الزّيادة ضروريّة. وذكّر بأن الزّيادة في الأجور تليها زيادة في الأسعار مثلما حصل سابقا وبهذا الشّكل ندخل في دوّامة لا مخرج منها، خاصّة وأنّ الحكومة ليس لديها حلول عاجلة لإنقاذ البلاد، كما أنّه ليس لدى التونسيين اليوم منسوب من التّضحية بسبب تغيّر المفاهيم وتدهور القيم على حدّ تعبيره.
التّعامل مع الثّورة كغنيمة
وفي هذا السّياق، بيّن الخبير الاقتصادي أنّنا مازلنا نتعامل مع الثّورة كغنيمة وكثورة مؤقّتة، ليطالب كلّ طرف بالزيادة في الأجور وفي المنح، دون أن يقدّم أيّ تضحيات للبلاد وللوطن، مضيفا أنّ الوضع الاقتصادي في مفترق الطّرق، ويجب على حدّ تعبيره ابعاد السّياسة عن الاقتصاد وانقاذ ما يمكن إنقاذه بصفة عاجلة وسريعة.
وحول نفس الموضوع قال وجدي بن رجب الخبير الاقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” إنّ الزيادة في الأجور في القطاع الخاصّ هدفها المحافظة على القدرة الشّرائيّة، مبرزا أنّ هذه الزّيادة يجب أن تكون في مستوى نسبة التّضخّم المبنيّة على قفّة استهلاكيّة “قديمة” ( أصبحت غير صحيحة، حيث أصبحت تحتوي على مواد غير مستهلكة)، مع الإشارة الى أنّ الزّيادة في الأجور دون الزّيادة في الإنتاجيّة من شأنه أن ينمّي التّضخّم على حدّ تعبيره.
وعن الحلول، دعا محدّثنا إلى ضرورة تعديل الأجور، مع تفعيل اجراءات لتشجيع النّاس على مزيد العمل، على غرار التّشجيع على الانتاجيّة مقابل التّقليص في نسبة الضّرائب، هذا الى جانب ضرورة القضاء على التّهريب وعلى الأسواق الموازية، مبيّنا أنّ الطّبقة المتوسّطة كانت في حدود 80 % واليوم أصبحت في حدود 40 % وحوالي 40 % انحدروا الى الطّبقة الفقيرة بسبب فقدانهم للمقدرة الشّرائيّة، مع الإشارة الى أنّ وجدي بن رجب أرجع سبب الأزمة الى تهريب الدّعم (تهريب الموّاد المدعمّة الى البلدان المجاورة) والانتدابات في المؤسّسات العموميّة.