أكد السيد عبد الحميد التريكي، وزير التخطيط والتعاون الدولي آن ثورة 14 جانفي أظهرت العديد من الاخلالات والفوارق في الكثير من المجالات والميادين ولا سيما تلك المتصلة بالتشغيل والاستثمار والتنمية الجهوية.
وأبرز الحاجة الملحة لإدراج إصلاحات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي في اتجاه القطع مع الممارسات الماضية، إذ أن الحكومة المؤقتة عملت منذ الثورة وحتى الآن، على تشخيص الإصلاحات الضرورية وإدخالها حيز التنفيذ.
وتتمثل هذه الإصلاحات الجوهرية خاصة في إقرار برنامج لدعم النشاط الاقتصادي يتضمن 20 إجراء اعتبره الوزير “من أبرز البرامج التي تم إعدادها لتونس”.
ومثل تقديم أهم ملامح هذا البرنامج محور اللقاء الإعلامي الذي جمع، يوم الثلاثاء بتونس، السيد عبد الحميد التريكي بعدد من ممثلي وسائل الإعلام الوطنية.
وأوضح أن برنامج الإصلاحات لدعم النشاط الاقتصادي والذي تمت تسميته “الحكم الرشيد والفرص التشاركية” يتوزع الى أربعة محاور أساسية وهي الحوكمة والقطاع المالي والتنمية الجهوية والتشغيل والجوانب الاجتماعية.
وفي معرض تحليله لمختلف هذه المحاور بين الوزير أن نسبة النمو التي تم تسجيلها في السابق (5 بالمائة سنويا) لم تكن كافية لامتصاص البطالة وخاصة بطالة حاملي الشهائد العليا مشيرا إلى الخلل الهيكلي الحاصل على مستوى الطلبات والإحداثات.
ويتجلى الخلل الثاني في واقع الاستثمار الخاص من خلال العزوف عن بعث المشاريع كما أن الممارسات الحاصلة في السابق كانت تعوق بشكل ملحوظ تمركز المشاريع الكبرى بسبب غياب الشفافية.
وقال السيد عبد الحميد التريكي، إن برنامج الإصلاحات لدعم النشاط الاقتصادي سيشكل إطارا يتيح لكل الفئات المساهمة في العمل التنموي ومحاسبة المسؤولين وهي من مميزات الحكم الرشيد الذي تنشد تونس الجديدة بلوغه.
واعتبر السيد عبد الحميد التريكي، أن هذا البرنامج هو من “أهم البرامج التي تم الشروع في تجسيدها” اذ اقر سلسلة من الإجراءات على المدى القصير تتمحور حول الحكم الرشيد. ويتضمن هذا المحور سبع نقاط ترمي إلى تدعيم الشفافية وضمان المنافسة الشريفة والتقليص من الإجراءات الانتقائية.
وسيتم في هذا الجانب مراجعة قانون الجمعيات في اتجاه التشجيع على تكوين الجمعيات التنموية من منطلق الدور الكبير الذي تلعبه في معاضدة جهود الدولة بتشخيص حاجيات الجهات الداخلية.
وأبرز أن النفاذ إلى المعلومات الأساسية والوثائق العمومية يعد إجراء ثوريا سيكون له تأثير إيجابي على مستوى النفاذ إلى مصادر المعلومات وحرية التعبير.
ولاحظ من جهة اخرى، أن إصلاح قطاع الصفقات العمومية سيضفي مزيدا من النجاعة والشفافية على الإجراءات ومن ثمة القطع مع الممارسات السابقة. كما سيتم تكوين لجنة عليا للإصلاح الإداري بهدف تشخيص نقاط قوة وضعف الإدارة التونسية والعمل على الرفع من أدائها لخدمة المتعاملين الاقتصاديين والمواطنين.
وبخصوص المحور الثاني من برنامج الحكم الرشيد والذي يهم إصلاح القطاع المالي فقد أوضح الوزير في هذا الصدد، بروز الحاجة إلى إحداث أنواع جديدة من التمويل ولا سيما تمويل القروض الصغيرة والعمل على إرساء الحوكمة صلب المؤسسات البنكية في اتجاه تحسن التصرف في الموارد البنكية.
أما بالنسبة إلى محور التشغيل والتنمية الجهوية فقد لاحظ السيد عبد الحميد التريكي، أن الإصلاحات التي تم ضبطها في المجال ترمي إلى تعزيز آليات التشغيل وتطوير التشغيلية عبر تطوير آفاق الإدماج المهني ولا سيما لفائدة حاملي الشهائد العليا والباحثين عن الشغل خاصة في الجهات الداخلية.
ويرمي المحور الرابع من البرنامج المتصل بالقطاعات الاجتماعية إلى تعزيز الإطار المؤسساتي المنظم للخدمات الأساسية باتجاه دعم الخدمات الصحية والارتقاء بها إلى أفضل المستويات واساسا في المناطق الداخلية.
وشدد السيد عبد الحميد التريكي على أن برنامج الإصلاحات “الحكم الرشيد والفرص والتنمية التشاركية”، يندرج في إطار المخطط الوطني لإعادة إطلاق الاقتصاد الوطني. ويهدف البرنامج الى مساعدة تونس على تخطي المرحلة الانتقالية بنجاح وتقديم إجابة سريعة وناجعة لمجمل الاحتياجات الراهنة والعاجلة التي أفرزتها الثورة.