تونس- افريكان مانجر
بات القانون الجديد المتعلق بالشيكات دون رصيد، الذي سيُمكن من الغاء العقوبة السجنية، ودخوله حيز الاستغلال مسألة وقت، وذلك بعد مصادقة لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب على التنقيحات المقترحة ضمن مشروع القانون برمته.
أثرياء من “الشيكات”
وينص القانون الجديد على ان يكون رفع الدعاوى في قضايا الشيكات مباشرة من المتضرر وليس من البنوك كما هو معمول به الآن.
وقد تباينت الآراء بين من ثمنها لما تحتويه من تنقيحات هامة ستساهم في تطوير التشريع المتعلق بالشيكات ولما لذلك من تأثير إيجابي على الدورة الاقتصادية ككل، وبين من رفض التخلي التام عن عقوبة السجن لما يمكن ان يحدثه ذلك من تفاقم ظاهرة التحيل والاختلاس، بحسب رأيهم.
غير انه لا يختلف إثنان على أنّ ظاهرة إصدار الشيكات دون رصيد تُشكل خطرا على قطاع الأعمال في تونس، خاصة وقد تسببت في إفلاس العديد الشركات وأضر بمصالح الكثيرين وتشريد آلاف العائلات، ووفق بعض المؤشرات الإحصائية، فإنّ المؤسسات البنكية تقوم شهريا بإحالة أكثر من 8 آلاف قضية على أنظار النيابة العمومية بسبب الصكوك غير المستخلصة.
خوفا من السجن… الهروب الى الخارج
وفي ظلّ تفاقم الظاهرة، دعارئيس المنظمة التونسية لرواد الاعمال ياسين قويعة الى ضرورة التعجيل بالمصادقة على مقترحات تنقيح أحكام الشيك بدون رصيد الواردة بالمجلة التجارية وإلغاء العقوبة السجنية، قائلا في تصريح لـ “افريكان مانجر” إنّ العديد من الحرفيين وأصحاب المهن الحرة مهددون بالسجن لعجزهم عن سداد الديون جراء تقلص مداخيلهم خلال فترة الحجر الصحي الشامل للتوقي من انتشار فيروس كورونا.
وأشار الى ان نحو ثلث المساجين هم من روّاد الأعمال جراء تعرّضهم لإشكاليات مالية ومديونية، كما أوضح أنّ حوالي 9600 صاحب مهنة حرة غادروا البلاد للهروب من التتبعات القضائية بسبب اصدارهم شيكات بدون رصيد.
وبين انه في تونس يتمّ تسجيل 54 قضية شيك بدون رصيد كلّ ساعة.
ويرى المصدر ذاته، أنّ الشيك ورقة تجارية ومن غير المعقول الزج بمواطن السجن لانه عجز عن سداد دين، مقترحا سنّ عقوبات أخرى على غرار المنع من السفر والمنع من الحصول على دفتر الصكوك.
دعوة لمنع الموظف العمومي من الحصول على دفتر صكوك
من جانبه، طالب رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إبراهيم الميساوي في تصريحات سابقة لـ “افريكان مانجر” بإدخال تعديلات على النصّ القانوني المنظم لعملية اصدار الصكوك، وأن يصبح البنك هو الضامن من خلال تحديد الأطراف المخولة لها الحصول على دفتر صكوك كما دعا إلى ضرورة إلغاء العقوبة البدنية بإعتبار أنّ عملية إيداع المتهمين السجن أثبت فشلها وعدم نجاعتها في التقليص من الظاهرة، وفق قوله.
وشدد الميساوي على ضرورة منع حصول الموظفين والمواطنين العاديين على دفاتر صكوك وتشديد إجراءات منحها.
وقال الميساوي أنّه يتوجب على البنوك إعطاء أكثر ضمانات للمتعاملين بالشيكات والمتمثلين خاصة في رجال الأعمال والشركات من خلال تشديد الإجراءات.
يشار الى انه ووفقا لمؤشرات إحصائية صادرة عن وزارة العدل، فان السنة القضائية (2017-2018) سجلت حوالي 193 ألف قضية تتعلق بجرائم إصدار شيكات بدون رصيد بعد ان كانت حوالي 173 ألف قضية في السنة القضائية (2016-2017).
نزاع… لا دخل للدولة فيه
وقد تم تقديم المبادرة التشريعية لإلغاء العقوبات السجنية في جرائم الشيك بدون رصيد خلال شهر جوان سنة 2020.
ويقول أصحاب المبادرة ان الأحكام الزجرية المتعلقة بإصدار أو قبول شيك بدون رصيد والتي لم تثبت نجاعتها وفاعليتها في الحد من هذه الجريمة، علاوة على ما تسبّبه من أضرار وسلبيات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بما فيها الدولة نفسها التي تتولى القيام بمصاريف طائلة لا فائدة منها على مرتكبي هذه الجريمة و الحال ان النزاع في الأصل يقوم على علاقة مدنية بين طرفين لا دخل للدولة فيها.
واقترح أصحاب المبادرة جملة من الحلول البديلة لعقوبة السجن والمتمثلة أساسا في عدد من التضييقات الإدارية والمالية التي تفرض على المدين وتجعله في وضعية شبيهة بوضعية الشخص المفلس دون منعه من العمل والإنتاج بهدف خلاص شيكاته في اجال معقولة .
ويُنتظر ان تتم إحالة مشروع قانون على انظار جلسة عامة بمجلس نواب الشعب، وفي حال المصادقة على بنوده فانه سيدخل حيز النفاذ بعد ستة أشهر من تاريخ صدوره بالرائد الرسمي.