“لا لتهميش قطاع الطفولة” و “لا تحرموا أطفال 5 سنوات من طفولتهم”و”طفولة تلعب =شعب يفكر”و”لا لاستغلال الطفولة” … شعارات رفعها الاثنين ,رؤساء الغرف الوطنية والجهوية لرياض الاطفال في وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة التربية لما أسموه بالتعدي على حقوق الطفولة وإصدار قرارات عشوائية دون تشريك أهل المهنة.
وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية حسب تصريح أدت به رئيسة الغرفة الوطنية لرياض الأطفال ,نبيهة التليلي ل”أفريكان مانجر” على خلفية مشروع تقدمت به كل من وزارتي التربية والمرأة يقضي بتوحيد مناهج السنة التحضيرية وإقرار السن المبكر للتمدرس (5سنوات)
وأوضحت رئيسة الغرفة الوطنية لرياض الأطفال أن هذا الاجراء سيكون له الاثر السلبي( ذهنيا وبدنيا ) على الطفل الذي لا يزال يحتاج في تلك السن أي الخمس سنوات الى اللعب والتحرك وليس للجلوس أمام طاولة لمدّة 4 ساعات.
وأضافت التليلي أن الكثير من الدراسات والأبحاث التي أجريت من قبل الاخصائيين التربويين أثبتت أنه كلما تأخر سن التمدرس كان ذلك أفضل بالنسبة للطفل,علما وأن السن المعمول بها في كافة الدول المتقدمة هي السابعة.
وأشارت الى أنه وحسب معطيات وزارة التربية فإن الاقسام التحضيرية في رياض الاطفال تمثل نسبة 37 بالمائة من مجموع الأطفال( 29 بالمائة للأطفال البالغين 3 سنوات و34 بالمائة للذين عمرهم 4 سنوات ), وهو ما يعني أن تطبيق مثل هذا القرار سيؤدي الى غلق رياض الاطفال وإفلاسها.
و يرى رئيس الغرفة النقابية الجهوية لرياض الأطفال و المحاضن بقابس ,محمد الشين, أن التجربة قد أثبتت أن الذين ينضمون في سن الخامسة للتحضيري غالبا ما يكون لهم نقص كبير في الاستيعاب,موجّها إصبع الاتهام الى كل من يريد المتاجرة بالطفولة التي أصبحت مهددة حسب قوله.
ويعتقد الشين أن اللجوء الى هذا الاجراء يخفي وراءه الحد من النسب المرتفعة للبطالة في صفوف المعلمين في الوقت الذي سيتسبب في بطالة شريحة أخرى من العاملين داخل رياض الاطفال . و قد كانت رئيسة الغرفة الوطنية لرياض الاطفال قد أفادتنا ان القطاع يضم حوالي 5 أو 6 آلاف روضة أطفال بمعدّل 48 الف موطن شغل.
ويقول رئيس الغرفة النقابية الجهوية لرياض الاطفال بقابس أن المدارس لم تعد لها ميزانيات لذلك فإن هذا الاجراء القاضي بالتبكير في سن التمدرس سيمكن من توفير جزء من هذه الميزانيات المفقودة,دون النظر الى مصلحة الطفل وتبعات ذلك عليه.
من جانبها ,اعتبرت رئيسة الغرفة الجهوية لرياض الاطفال بالمنستير ,حبيبة جماعة تقية ان وزارة التربية ووزارة المرأة لم تفكرا قط في مصير رياض الاطفال وفي مصلحة الطفل أثناء تقديمها لهذا المقترح,فرياض الاطفال خلال هذه السن الحساسة تعتمد في أسلوبها على اللعب في حين أن المدرسة لها أسلوب تعليمي لا يتماشى مع الطفل الذي هو في الخامسة من عمره,كما أن رياض الأطفال تقوم بتهيئة الطفل للدراسة في حين ان المدرسة لا تقوم بذلك وهو ما يشكل خطرا على نفسية الطفل.
رئيس الغرفة الوطنية لرياض الاطفال السابق, عبد الجليل ناجي, قال أن هذه الفكرة انطلقت من عنصر انخفاض الولادات خاصة مع برامج تحديد النسل المعمول بها خلال السنوات الماضية ,الامر الذي أدّى إلى انخفاض عدد التلاميذ والى التفكير في مستقبل المعلمين دون التفكير في أناس آخرين في الوقت الذي يجب أن تسير العملية فيه بطريقة عكسية أي التفكير في الكيف وليس في الكم.
وأضاف عبد الجليل ناجي أن مقولة علّم الطفل وهو يلعب ليست مقولة اعتباطية مستندا في ذلك الى قول رسول الله:”لاعبهم سبعا وعلّمهم سبعا وخاويهم سبعا” ,مشيرا إلى أن الطفل أصبح بمثابة فأر مخابر يريد كل وزير أن يطبّق عليه استراتيجيته.
ردّ وزارة التربية
المكلف بالإعلام والاتصال بوزارة التربية,محمد صفر أكد أن وزارة التربية لم تصدر أي قرار في التبكير في سن التدريس وأنها ليست المسؤولة عما يتم تداوله من أخبار في الخارج.
وقال أن كل ما حدث هو مجرّد فكرة ومقترح مبني على دراسات لا غير كما أنه في صورة اتخاذ مثل هذه القرارات فذلك لن يكون إلا بالتشاور مع كافة الاطراف المعنية.
و اوضح في ذات السياق, ان الوزارة تعتبر ان السن بين 5 و6 سنوات هي سن مهمة جدا بالنسبة لنمو الطفل ومساره التعليمي ولذلك كانت لدى الوزارة نية لتعميم السنة التحضيرية سواء على مستوى المدارس العمومية أو على مستوى القطاع الخاص,مشيرا الى أن القطاع العمومي قد قطع اشواطا وبذل جهودا في هذا الاطار في الوقت الذي لم يعاضده فيه مجهود القطاع الخاص لاعتبارات تجارية.
وختم ممثل وزارة التربية قوله بأن خطأ الوزارة يكمن في أنها فكرت بصوت مرتفع على الرغم من أن ذلك يعد مؤشرا إيجابيا على التعامل بالشفافية المطلوبة في مثل هذه المواضيع.
مشاكل بالجملة
ويعاني قطاع رياض الاطفال من جملة من الاشكاليات الأخرى التي عصفت به وجعلته مهددا, خاصة مع بروز ظاهرة المدارس القرآنية التي اعتبرها أهل المهنة “مدارس تجارية باسم الدين”,وأنها تمثل خطرا يهدد الطفولة في تونس نظرا لأنها توجه رسائل خطيرة وكبيرة الحجم على نفسية أطفال لم يناهزوا سن الادراك على غرار التفرقة بين الجنسين وفرض الحجاب منذ الصغر.
وقد اعتبرت رئيسة الغرفة النقابية الجهوية لرياض ومحاضن الأطفال بالقيروان,أحلام كريّم ان القطاع مهمش بشكل صارخ خاصة مع غياب تفعيل حقيقي لكراس الشروط فضلا عن المنظومة الجبائية المجحفة المسلطة على أصحاب رياض الاطفال والتزايد المتنامي لرياض الاطفال الفوضوية وعدم الالتزام بالمسافات القانونية…
شادية الهلالي