تونس- أفريكان مانجر
اعتبر الكاتب السياسى اللبناني البارز حازم صاغية والذي يعتبر من أكثر المثقفين العرب تأييداً لثورات “الربيع العربي”، أن الجيش التونسى الأفضل في الجيوش العربية حين أبدى عزوفا عن السلطة مشيرا إلى أن الإسلاميين فى تونس أبدوا استعدادا لتسويات رائعة .. وأن الإسلام السياسى التونسى أفضل من الإسلاميات السياسية العربية، بحسب تعبيره في حوار مع تلفزيون “مصر العربية”.
ولاحظ صاغية أن العسكر ليسوا سواء في الدول العربية، حيث أن الجيش التونسى أبدى عزوفا عن الحكم افتقده الجيش المصرى، على حد قوله، وكذلك لعب الإسلاميون هناك “حركة النهضة” السياسة بذكاء وحنكة كانت بعيدة عن فكر الرئيس الإسلامى السابق فى مصر، بحسب ترجيحه.
مواصفات تونس
ولدى تشخيصه لتجربة “الربيع العربي” فى تونس، قال صاغية إن تونس تتميز عن المنطقة العربية بعدد من المواصفات الأساسية:
أولا: هى أقرب إلى أوروبا وإلى التأسى بالقيم الأوروبية، فأعداد العاملين التوانسة بدول أوروبا كثير جدا.
ثانيا: تونس تعرضت لـ “التجربة البورقيبية” (نسبة إلى بورقيبة)، والتى نتج عنها تقوية المرأة وتمكينها، والحفاظ على الطبقة الوسطى، وتحسين مستوى التعليم، لاسيما تعليم اللغات الأجنبية.
ثالثا: تونس مجتمع متجانس دينيا وطائفيا وعرقيا.. وأكثر من 95% من التونسيين مسلمون سنة.
أما السبب الرابع والأخير، فهو بـُعد تونس عن قضايا صراعية كبرى، كالصراع العربى الإسرائيلى مثلا، والذى لعب دائما فى حالة المشرق دورا فى إثارة الأوضاع وتحريكها على نحو يخالف الاستقرار ويهدده.
التجربة البورقيبية
وعن التجربة البورقيبية فى تونس، لاحظ صاغية أن “كل القيم التى وردت إلينا من الغرب بات ينظر إليها على أنها تهدد نسيج حياتنا الخاصة، والتى يسميها البعض “أصالة”، ويرجع هذا فى الأساس إلى أن الغرب قدم إلينا هذه القيم بينما كان مستعمرا لدولنا ومجتمعاتنا.. ينسحب هذا على العلمانية والديمقراطية بمعناها الحقيقى، وكذلك مفاهيم الحداثة بصفة عامة”، بحسب تعبيره.
وأردف قائلا:” للأسف التجارب العلمانية التى شهدناها تكاد تكون منحصرة فى تركيا “أتاتورك” أو فى تونس “بورقيبة”، ورغم إيجابياتها، فإن لها سلبيات خطيرة أيضا، حيث فرضت من منصة السلطة على المجتمع، وكان المؤمل فى ثورات الربيع العربى أن تخلق ظروفا حرة تكتشف الناس من خلال حياتها وإنتاجها وتعليمها بالتجربة والممارسة ضرورة التوصل إلى وعى علمانى، واكتشاف أن الوعى الدينى “المسيطر” قد يتعارض مع مصالح الناس.. لكن هذا الاكتشاف قُطع الطريق عليه إما عبر حرب أهلية فى سوريا أو عبر انقلاب عسكرى فى مصر”، بحسب رأيه.
مستقبل الثورات العربية
وعن مستقبل الثورات العربية يقول صاغية: “أتصور أننا أمام مرحلة جديدة أغلب الظن أنها مظلمة، وإن اختلفت ظلمتها بين بلد وآخر.. يعنى فى حالة مصر أعتقد أن النظام سيتعسكر أكثر فأكثر، وأعتقد – وعسى أكون مخطئا – أن أجهزة الأمن ستقوى وسيتم اللعب أكثر وأكثر على أيديولوجية تآمرية تقول إن الغرب وراء هذه المسألة والغرب حرض علينا واستخدم حقوق الإنسان، وهذه المعزوفة التى كانت رائجة فى عهد مبارك، فى الوقت نفسه سيبتز النظام العسكرى الغرب بأنه هو الذى يحافظ على “كامب ديفيد”” بحسب ترجيحه.
وفى سوريا يتوقع الكاتب اللبناني أن زمنا طويلا نسبيا سيستمر فيه الاحتراب الأهلى والداخلى ومن النزاع الدموى وقد يؤدى إلى تعفين منطقة المشرق برمتها، ويترك تأثيراته البالغة الضخامة على لبنان والأردن، فضلا على أن العراق أصلا بوضع ليس أفضل حالا بكثير.
وقال أيضا إن ليبيا تشبه سوريا بهذا المعنى، وقد تضعنا أمام أسئلة كبرى حول خريطة المنطقة كلها، هل العالم يتحمل نزاعين أهليين مفتوحين فى ليبيا وفى سوريا، وكل منهما يفتح على بلدان أخرى كثيرة ويهدد أمنها.
التفاؤل في تونس
وأضاف صاغية بالقول: “ربما فى هذه اللوحة الكئيبة كانت تونس المكان الوحيد الذى يسمح بقدر من التفاؤل، بفعل الأسباب التى عددناها من قبل، وبات الجيش التونسى أفضل من باقى الجيوش العربية والإسلام السياسى التونسى أفضل من باقى الإسلامات السياسية العربية، بحسب تعبيره.
وقال الكاتب اللبناني إن الإسلام السياسى فى تونس “حركة النهضة” أبدت استعدادا للتسوية لم يبده “محمد مرسى” فى مصر، وطبعا لا تبديه “داعش” و”النصرة” وسواهما فى سوريا، وفى المقابل أبدى الجيش التونسى عزوفا عن التدخل فى السياسة لم يبد مثله الجيش المصرى، وفق رأيه.