“البطّال لم تكن له ثقة في حكومة بن علي ولا في الحكومة الحالية ولا حتّى في التي ستأتي من بعدها. “
هذا ما قاله منجي الحضيري عن المنظمة الوطنية للمحرومين من الشغل خلال المنتدى الاقليمي للتشغيل بالشمال الشرقي الذي انتظم صباح اليوم الخميس 15 مارس2012 بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وبحضور وزير التكوين المهني والتشغيل, عبد الوهاب معطّر وعدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الممثلين عن ولايات الشمال الشرقي وممثلي الاحزاب السياسية وأصحاب المؤسسات وكذلك بعض مكونات المجتمع المدني.
ويذكر أن هذا اللقاء يندرج في إطار سلسلة من اللقاءات الاقليمية استعدادا للمؤتمر الوطني للتشغيل الذي سينطلق يوم 27 أفريل 2012, علما وأن المنتدى القادم سيخصّ ولايات الشمال الغربي.
وتهدف هذه اللقاءات إلى تشريك مختلف الأطراف في صياغة مقترحات وحلول عملية لوضع سياسة هادفة لقطاع التشغيل وذلك حسب ما أشار إليه وزير التكوين المهني والتشغيل و الذي اعتبر أيضا معضلة البطالة موروثا سابقا ,واصفا من يحمل القيادة الحالية مسؤولية القضاء عليها بعصا سحرية بالظالم , ذلك أن البطالة كانت نتيجة لسنين طويلة مورس خلالها منوال تنموي أعرج وبرامج تعليمية ترقيعية لا علاقة لها بإحداث مواطن الشغل. وأشار الوزير أنه منذ عشرات السنين تم تخصيص ما يقارب ألفي مليار لإسنادات التشغيل لكنها تحولت كلّها إلى معالجة اجتماعية تعويضية لمشكل البطالة ولم تسهم إلا في إحداث عدد محدود من مواطن الشغل,مؤكدا أن هذه المعضلة أصبحت مسؤولية وطنية تلزم الجميع بدأ من طالب الشغل وصولا إلى رجل الأعمال مرورا بالعامل والموظّف .
تصريح وزير التكوين المهني والتشغيل أثار حفيظة البعض من المتدخلين الذين قالوا أنه أجوف وخال من الحلول العملية والعاجلة,حيث اوضح عضو المجلس التأسيسي عن ولاية نابل,نعمان الفهري أنه كان ينتظر من الوزير أن يتحدّث عن حصيلة ما قامت به الوزارة في هذا القطاع منذ تشكيل الحكومة والحلول التي ستقترحها, كما علّق ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل بمنوبة,منجي خليفة على كلام الوزير قائلا:”نحن لا نحملكم المسؤولية وإنما نطالبكم بالتدخل العاجل, فمن الصعب أن يتحمّل” البطّال “و الجائع كل هذه المدّة .لقد ان الاوان لمراجعة كل القوانين المتعلّقة بالتشغيل في تونس وكذلك إعادة النظر في العلاقات الشغلية الهشّة خاصّة بالنسبة للقطاع الخاص والتي انعكست سلبا على الصناديق الاجتماعية وكبدتها خسائر فادحة وعجزا متواصلا.”
وأضاف منجي الحضيري أنه لا يمكن اطلاقا الحديث عن ملف البطالة وكيفية القضاء عليها دون المرور بملف الفساد والمحسوبية والرشوة خاصة وأن العديد من المتورطين فيها لا يزالون يتمتّعون بالامتيازات. وأشار ممثل المنظمة الوطنية للمحرومين من الشغل إلى جملة من العوائق التي حالت دون توفير مواطن الشغل والقضاء على البطالة منها “سلعنة” التعليم والدخول في شراكات مع برامج أوروبية لا علاقة لها بالمنظومة التعليمية في تونس والتي ذهب ضحيتها آلاف الطلبة والتلاميذ فضلا عن توغّل الدولة في التفريط أو خوصصة بعض المؤسسات العمومية التي من شأنها أن تسهم في استيعاب العاطلين عن العمل.
وطالب في المقابل باعتماد مبدإ الشفافية في المناظرات العمومية ومراجعة مجلّة الشغل وإعطاء أكثر صلاحيات للمكاتب الجهوية للتشغيل حتى لا يقتصر دورها فقط على مجرّد عملية التسجيل واشتراط مرورعملية الانتدابات بالنسبة للمؤسسات الخاصة بهذه المكاتب.
وفي نفس السياق,أكد رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بزغوان,عبد الرحيم القادر أن النهوض بالتشغيل موضوع غير ممكن في ظل عدم استقرار المؤسسات, داعيا الاتحاد العام التونسي للشغل للتخفيف من الضغط على هذه المؤسسات.
من جانبها,شدّدت مديرة المكتب التنفيذي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ببن عروس والتي قالت أنها عانت من البطالة لمدة 6 سنوات على التطرّق الى موضوع عقود التشغيل الخاصة بالمستثمرين الاجانب واستشهدت في هذا السياق بالوضع المزري للعاملين في شركة “تليبرفورمانس” ببن عروس وما يتعرض له العاملون من إهدار للحقوق واستغلال.
وبالنسبة لممثل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية,مهدي عمّار فأفاد أن للحزب جملة من الاصلاحات الهيكلية المتعلقة بمنظومة التشغيل أولها غياب الوصل بين العرض والطلب في سوق الشغل وكذلك غياب الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتنسيق بينهما لمعرفة حاجيات سوق الشغل والكفاءات المطلوبة.
وطالب ممثل حزب المؤتمر من جل الجمهورية بالتقليص من اليات التشغيل و اكسابها المزيد من النجاعة وتطوير اليات تمويل المشاريع الصغرى ومتابعتها.
في المقابل,تحدّث ممثّل القطب الديمقراطي,علي الفزّاني عن ضرورة إدراج الحق في الشغل في الدستور كما تسائل عن عدد مواطن الشغل الذي يمكن إحداثها مستقبلا في إطار قانون المالية في القطاعين العام والخاص ومصير برنامج أمل والحلول البديلة له.
أما ممثل الحزب الدستوري الجديد عن ولاية بنزرت,صالح الطريدي فاقترح الاهتمام أكثر بالقطاع الفلاحي الذي حسب قوله شاخ وشهد عزوفا كبيرا خلال السنوات الأخيرة وذلك من خلال إعادة هيكلته و تركيز شركات فلاحية في مجمل العمادات داخل الجمهورية والذي يقارب عددها 3 آلاف عمادة قصد تثبيت السكان.
وأقترح عبد الستار ريحاني,صاحب مشروع من حاملي الشهادات العليا النظر في مسألة التمويل الذاتي بالنسبة للراغبين في إحداث مشاريع والتي تصل إلى حدود 10 بالمائة من خلال إمكانية التخفيض في هذه النسبة.
و تضمنت المداخلات الاخرى جملة من الاقتراحات على غرار الابقاء على برنامج منحة أمل وتحيين بنك معلومات وزارة التكوين المهني والتشغيل وكذلك مقترحات خاصة بالإصلاح الإداري والإسراع بإنجاز منوال تنموي عادل يستجيب لتطلعات الجهات والفئات المحرومة وضرورة تمتع العاطلين عن العمل بالتغطية الصحية …… شادية الهلالي