تونس- أفريكان مانجر
خفضت وكالة “فيتش رايتينغ” التّصنيف الائتماني لتونس من ب ب ايجابى (BB+) إلى ب ب سلبى (BB-) مع آفاق سلبيّة، وتعلّق هذا التّخفيض بقدرة البلاد على الإيفاء بتعهداتها بالعملة المحلية إلى ب ب سلبى (BB-) وأرجعت ذلك إلى تأخر عمليّة الانتقال السّياسي و حالة عدم اليقين بشان نجاحه.
ويذكر أنّ هذا التّخفيض ارتبط أساسا بعمليّات الاغتيال السّابقة لكلّ من شكري بلعيد ومحمّد البراهمي، وقد حذّرت وكالة التصنيف العالمية “فيتش رايتنغ” من أن يؤدي تصاعد العنف الاجتماعي وغياب الاستقرار السّياسي إلى تخفيض ترقيم تونس مجدّدا.
هذه التّحذيرات من إمكانية تخفيض ترقيم تونس مجّددا في صورة تنامي العنف تزامنت مع العمليّة التّفجيريّة التّي قام بها انتحاري يوم أمس، ممّا بات من شبه المؤكّد تخفيض التّصنيف الإئتماني لتونس في الفترة القادمة، خاصّة وأنّ الأوضاع السّياسيّة والأمنيّة والاجتماعية… غير مستقرّة ولا تنبؤ بقرب انفراج الأزمة، غير أنّ كثير من الخبراء الاقتصاديين وحتّى محلّلين سياسيّين يعتبرون أنّ هذا الوضع الحرج الذي تعيشه البلاد يمكن أن يشهد انفراجا سريعا في صورة تكوين حكومة اقتصاديّة، أولويّة أوليّاتها الاقتصاد والأمن، ومن المتوقّع حسب هذه التّحاليل أن تسترجع تونس بسرعة تصنيفها العالمي وتحتلّ مكانة أفضل تسترجع بها ثقتها تجاه المستثمرين الأجانب والمحليين وتجاه البنوك العالميّة.
تونس في نفس مستوى بلدان إفريقيا السّوداء
وفي هذا السّياق أكّد وجدي بن رجب الخبير في إدارة الأعمال في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ : ” هذا التّخفيض منطقي وموضوعي، لأنّه في الوقت الحالي لا توجد مؤشّرات تبعث عن طمأنة المستثمرين أو المقرضين، نظرا لتأخير انطلاق الحوار الوطني، إلى جانب غياب الوفاق بين الأطراف السّياسيّة، وتفاقم مظاهر العنف والاغتيالات السّياسيّة… كلّها عناصر دفعت “”فيتش رايتينغ” الى التّخفيض في تصنيفها”.
وأضاف نفس المصدر أنه : ” نتيجة لهذه الأسباب تراجع كلّ من البنك الإفريقي وصندوق النّقذ الدّولي عن إقراض تونس، إلى أن تتضح ملامح الحكومة القادمة وتستقرّ الأوضاع، رغم أنّ تونس كانت قد تحصّلت منذ فترة على موافقة مبدئيّة من قبلهما”، من جهة أخرى قال إنّ : “تونس بهذا التّصنيف بلغت نفس مستوى بلدان إفريقيا السّوداء، إلى جانب بعض الدّول التي انفصلت عن الاتحاد السّوفياتي سابقا، وبذلك صنّفت ضمن البلدان غير القادرة على تسديد ديونها في مواعدها”.
الحلّ في تكوين حكومة اقتصاديّة
وعن الحلول أوضح وجدي بن رجب أنّ : ” تكوين حكومة اقتصاديّة بتنصيب شخصيّة وطنيّة مستقلّة ذات كفاءة عالية خاصّة المجال الاقتصادي، ومحلّ وفاق الأطراف السّياسيّة المعنيّة إلى جانب وزراء أكفّاء يهتمّون أساسا بالجانبين الإقتصادي والأمني، ستكون رسالة واضحة لهذه الوكالات بأنّ تونس قادرة على استرجاع نسق نموّها في ظرف وجيز، والتّقليص من نسب البطالة والتّرفيع في فرص التّشغيل في جميع القطاعات (لا فقط في القطاع العمومي كما هو الحال في الوقت الرّاهن)”.
وفي ذات السّياق أشار الخبير إلى أنّ : ” تكوين حكومة اقتصاديّة من شأنه أيضا أن يساهم في تراجع نسبة التّضخّم وتحسّن المقدرة الشّرائيّة للمواطن التّونسي خاصّة وأنّ المقدرة الشرائية للطّبقة المتوسّطة التي تمثّل 70 ٪ من المجتمع التّونسي تراجعت بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة نتيجة تضخّم الأسعار وارتفاع الجباية، ممّا قد يتسبّب في انزلاق حوالي 43 % منهم تحت عتبة الفقر إن تواصلت الوضعية الاقتصاديّة بهذا الشكل وذلك حسب آخر الدّراسات التي أجريت في هذا المجال”.
شبه إجماع
ومن خلال هذه التّصريحات وبعض الآراء المتفرّقة من قبل خبراء اقتصاديين وحتّى محلّلين سياسيين، لاحظنا شبه إجماع حول تكوين حكومة اقتصاديّة، سواء بتنصيب شخصيّة اقتصاديّة رئيسا للحكومة، أو بتنصيب وزراء ذوي خبرة اقتصاديّة لإنقاذ الاقتصاد التّونسي واكتساب مكانة جديدة على مستوى دولي، وكأنّ الجميع يرشّحون مصطفى كمال النّابلي رئيسا للحكومة القادمة (دون الإعلان عن ذلك صراحة)، ويرون فيه الشّخصيّة المؤّهلة لإخراج تونس من هذا المأزق، رغم أنّ كثير من التّسريبات عكس ما نفته حركة النّهضة تؤكّد رفضها تقليد محافظ البنك المركزي السابق منصب رئيس الحكومة، فهل يبقى مستقبل تونس رهين الشّخصيّة التي سيقلّدونها رئاسة الحكومة ؟
ه ه