بين رضا السعيدي الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالملف الاقتصادي والاجتماعي أن قرار إعفاء محافظ البنك التونسي وقع اتخاذه استنادا إلى أربعة محاور رئيسية هي علاقة البنك المركزي بالسلطة التنفيذية، وحوكمة وإصلاح البنك، والرقابة النقدية وإصلاح النظام البنكي، ونجاعة التصرف بخصوص متابعة ملف الأموال المنهوبة.
وأبرز ممثل الحكومة أن العلاقة الحالية بين السلطتين التنفيذيتين بشقيها الرئاسي والحكومي من جهة والبنك المركزي من جهة أخرى تتسم بالفتور والتوتر وانعدام التشاور مما خلق حالة من قلة الثقة بين الأطراف الثلاثة، فضلا عن “التأكيد المبالغ فيه على استقلالية البنك المركزي” على حد قوله في غياب آليات تحدد المقاييس الفعلية لمفهوم الاستقلالية.
وأوضح أن الاستقلالية التي تعني انعزال البنك المركزي عن محيطه السياسي تقلص من نجاعة السياسة الاقتصادية من ذلك انخفاض سعر صرف الدينار مقابل ارتفاع مؤشرات الأسعار مما يهدد السياسة النقدية للبلاد، بالإضافة إلى “انتهاج محافظ البنك المركزي لسياسة إعلامية تزعزع ثقة الناس في الاقتصاد”على حد تعبيره.
وذكر السعيدي أن مصطفى كمال النابلي حافظ على التنظيم المعتمد سابقا في السياسة النقدية وهذا الأمر لا يخدم النهوض بها وتطويرها، فضلا عن أنه لم يقم بعملية تدقيق شاملة لتحويلات عائلات النظام السابق وأتباعه إلى الخارج ، ولم يعلن حتى عن الشروع في إصلاحات بالبنك المركزي وهو”قطاع يشكو عجزا ويستوجب إصلاحات كبرى”.
وقال “إن محافظ البنك المركزي الحالي لم يقم بتدعيم فرق التفقد النقدي البنكي بالآليات والموارد البشرية اللازمة ولم يتم تناول المعاملات البنكية للنظام السابق بالجدية اللازمة، إضافة إلى التأخر الحاصل في تحديد قائمة الأشخاص المرتبطين بالنظام السابق ومعاملاتهم البنكية المشبوهة” إلى جانب “عدم نجاعة مكتب المحاماة الأجنبي الذي اختاره محافظ البنك المركزي لاسترجاع الأموال التونسية المهربة” على حد قوله.
وسادت هذه الجلسة نقاشات حادة خاصة حول شكل وثيقة القرار الجمهوري التي وردت على المجلس التأسيسي ولم تحمل على حد قولهم تاريخ الإيداع بالمجلس والختم الرئاسي، مما يعد “خللا تقنيا وبالتالي لا يمكن اعتماد هذه الوثيقة المقدمة ومناقشة القرار على ضوئها”.
واعتبر النواب المعارضون قرار إقالة محافظ البنك المركزي “باطلا ولاغ” شكليا وإجرائيا، وبينوا أنه وقع تجاوز سلطة المجلس الوطني التأسيسي بالتنصيص في الوثيقة المقدمة إلى المجلس على نشر القرار بالرائد الرسمي للبلاد التونسية قبل أن يقع البت فيه من طرف المجلس.
و استأثر طلب نقاط النظام من طرف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مساء الثلاثاء 17 جويلية 2012 قبل شروعهم في مناقشة القرار الجمهوري الخاص بإعفاء محافظ البنك المركزي التونسي، بحيز زمني كبير .و تركزت على موعد قدوم المراسلة الخاصة بقرار إعفاء محافظ البنك المركزي التونسي الى المجلس الوطني التأسيسي.
وتحولت هذه المسألة الى جدال ونقاش بين رئيس المجلس، مصطفى بن جعفر، وعدد من النواب الذين انتقدوا الطريقة التي تم بها التعامل مع مثل هذا الموضوع الحساس، على حد قولهم. وأجمع أغلب من تدخّل على تقديم تأويلات تتجه نحو القول بتجاوز الآجال القانونية لعرض قرار الإعفاء على المجلس، متسائلين عن مشروعية الآجال وفق ما نص عليه التنظيم المؤقت للسلط العمومية.
واقترح أحد النواب تكوين لجنة نيابية تبحث في التدقيق في آجال خروج القرار الجمهوري من رئاسة الجمهورية الى حين وصوله إلى المجلس التأسيسي.
وكان مصطفى بن جعفر رئيس المجلس أوضح قبل ذلك ان رئيس الجمهورية أمضى على قرار اعفاء محافظ البنك المركزي بتاريخ 27 جوان 2012 وتم تسليمه لاحقا في شكل ظرف سري إلى رئيس المجلس التأسيسي الذي أحاله إلى مكتب الضبط بالمجلس الذي تولى ختمه بتاريخ 3 جويلية 2012 مؤكدا أن المرجعية في العملية هي تاريخ الختم من قبل مكتب الضبط بالمجلس
رفعت الجلسة العامة بالمجلس الوطني التأسيسي مساء الثلاثاء على الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، بعد الاستماع إلى عرض ممثل الحكومة رضا السعيدي حول مبررات إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي من مهامه.
ويواصل المجلس أشغاله حول هذا الموضوع الأربعاء على الساعة الثالثة بعد الظهر، لمناقشة كلمة ممثل الحكومة، وفق ما أعلنه رئيس المجلس مصطفى بن جعفر. .(المصدر”وات”)