تونس-افريكان مانجر
من المنتظر أن يشرع رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة في تشكيل فريقه الوزاري بداية من يوم الأربعاء المقبل 18 ديسمبر الجاري،على أن تستقيل رسميا حكومة علي العريض في أجل أقصاه أسبوعين بحسب ما نصت عليه خارطة الطريق.
و لئن رأى البعض من المحللين السياسيين في هذا الاختيار فرصة للخروج بتونس من الأزمة السياسية الخانقة التي تواجهها منذ 25 جويلية تاريخ اغتيال الشهيد محمد البراهمي،عن طريق إعادة ترتيب الحقائب الوزارية و تقليصها سيما و أن الرباعي الراعي للحوار الوطني سيُشرف على هذه العملية فإنّ نخب سياسية أخرى قالت إنّ رئيس الحكومة الجديد مهدي جمعة لن يتمكن من التحرك بأريحية في مهمته الجديدة لأنّ حركة النهضة لن تسمح بحسب قول البعض بمراجعة التعيينات التي تعتبرها خطا أحمر.
النهضة لن تسمح بمراجعة التعيينات
في ظل التجاذبات السياسية و رفض جزء من المعارضة النتيجة التي أفضت إليها مفاوضات الحوار الوطني باختيار وزير الصناعة الحالي في حكومة علي العريض ،فإنّ مهدي جمعة و استنادا إلى ما صرح به ل”افريكان مانجر” اليوم الاثنين 16 ديسمبر 2013 رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل ناصر بن سلطانة لن يتمكن من العمل بأريحية خاصة و أن التوافق السياسي هو مُعطى هام في كلّ سياسة و أهداف يُراد تحقيقها.
و أضاف محدثنا أنّ الحكومة الجديدة ستعمل على التقليص في عدد الوزراء و المستشارين،مُشيرا إلى أن مراجعة مهدي بن جمعة للتعيينات ستكون صعبة إن لم تكن مستحيلة باعتبار أن حركة النهضة و بحسب قول بن سلطانة ترفض ذلك كما أن هذه الخطوة ستفتح الباب أيضا أمام التعيينات التي حدثت في حكومة الباجي القائد السبسي.و في السياق ذاته أوضح ناصر بن سلطانة أنّ الحكومة الجديدة لن تجرأ على فتح ملفات التعيينات لأن وصول مهدي بن جمعة إلى منصب رئاسة الحكومة تقف وراءه حركة النهضة التي ترفض مراجعة تعييناتها في مختلف المناصب لأن ذلك سيضر بمصالحها و سياستها خاصة على مستوى استعداداتها للانتخابات المقبلة.
80% من التعيينات حسب الولاءات
و قد أثارت مسألة التعيينات و التسميات في المناصب الحكومية على أساس الموالاة الحزبية لحركة النهضة جدلا واسعا خلال الفترة الأخيرة ،حيث وُجهت اتهامات للنهضة وحلفائها بنوايا السيطرة على الإدارة و من ثمة السيطرة على مفاصل الحكم.
و بحسب تصريح صحفي سابق لرئيس “الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة عبد القادر اللباوي فإنّ الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد بقيادة حركة النهضة قام باختراق الجهاز الإداري في تونس وتعيين أنصار الحكومة وقيادات الحزب الحاكم في المناصب الحكومية الحساسة بهدف التحضير لخوض الانتخابات القادمة بجهاز دولة موالٍ لها.
كما كشف ذات المصدر عن أنّ أكثر من 80٪ من جملة التعيينات الجديدة التي قامت بها حكومة علي العريض في الوظائف الحساسة والسامية للدولة تمتع بها أنصار وأعضاء حركة النهضة والموالين لها.
و استنادا إلى مسح قام به الاتحاد التونسي للمرفق العام الذي يُعتبر من أبرز مكونات المجتمع المدني في هذا المجال،فإنّ من بين 24 واليا يوجد لدينا 19 واليا مواليا للائتلاف الثلاثي الحاكم بينهم 14 واليا مواليا أو منتميا لحركة النهضة، إضافة إلى 80٪ من النيابات الخصوصية (البلديات) في البلاد ذات مجالس موالية تماما لحركة النهضة ومعينة من طرف رئيس الحكومة بالرغم من قرارات المحكمة الإدارية المبطلة لهذه التعيينات البلدية.
الرباعي يُراقب
و خلافا لما سبق ذكره،فقد اعتبر أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد في تصريح ل”افريكان مانجر”أن رئيس الحكومة الجديد ستكون أمامه الصلاحيات لمراجعة التعيينات و هو ما تنص عليه بنود خارطة الطريق.حيث ستقوم حكومة مهدي جمعة بتعويض الو لاءات بالكفاءات.
و أضاف الصادق بلعيد أنّ نجاح بن جمعة في مهمته الجديدة هو رهين الشخصيات التي سيتم تعيينها على مستوى الكفاءة و الاستقلالية،كما يُنتظر أن يتم التقليص في عدد الوزراء و تجميعهم حسب القطاعات.و إجمالا قال محدثنا إنّ هذه الحكومة الاستعجالية سيكون عملها مراقب من قبل الرباعي الراعي للحوار الوطني الذي لن يسمح باعتقاده على تجاهل مثل هذه المسألة.
هذا و سينطلق مثلما سبق و ذكرنا رئيس الحكومة القادمة مهدي جمعة بداية من يوم الأربعاء 18 ديسمبر في تشكيل فريقه الوزاري الذي سيحل محل الحكومة المتخلية والتي من المنتظر أن تستقيل في غضون أسبوعين وفق ما تنص عليه خارطة الطريق. كما ينتظر أن يتم تحديد تاريخ الانتخابات وإنهاء الدستور في حدود الثامن من جانفي المقبل.
بسمة المعلاوي