رسالة مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي إلى المواطن التونسي وإلى الطبقة السياسية المنشغلة حاليا بتقاسم المناصب كانت واضحة وفيها الكثير من التنبيه والتحذير من مغبة التغافل عن الوضع الإقتصادي الصعب والخطير الذي تمر به تونس هذه الأيام.
النابلي كان منقسما بين التفاؤل والتشاؤم حين التقيناه لإجراء هذا الحوار الذي استعرض فيه بالخصوص نقاط ضعف الوضعية الإقتصادية للبلاد.
س: ما هو تقييمك للوضع الاقتصادي الراهن في تونس وما هي الآفاق بعد انتخابات 23 أكتوبر؟ ج: نلاحظ أن الوضعية الاقتصادية الحالية مازالت صعبة ولا أعتقد أنه توجد بوادر استفاقة وانتعاشة مباشرة بعد هذه الانتخابات، بل إن صعوبات جديدة حصلت بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية الأوروبية على الصادرات والسياحة ومادة الفسفاط في تونس. عديدة هي الشكوك والأسئلة التي تحاصر الفاعلين الاقتصاديين بعد انتخابات المجلس التأسيسي.
س: كيف ترون نسبة النمو مع نهاية عام 2011؟ ج: نسبة النمو في تونس ستكون مستوى الصفر أو أكثر بقليل أي بين 0 و 5ر0 بالمائة رغم أن الثلاثي الرابع من السنة الحالية كان أفضل من الثالث.
س: وبخصوص نسبة العجز؟
ج: ينتظر أن تصل هذه النسبة إلى حدود 5ر5 بالمائة وهي نسبة مرتفعة وخطيرة. كما ننتظر أن تدهورا في المبادلات التجارية مع أوروبا بحكم الأزمة التي تشهدها هذه القارة وعلينا أن ننتبه إلى ما يجري في أوروبا لأن تأثيراتها جدية على بلادنا.
س: هل ستكون 2012 أيضا سنة صعبة؟
ج: 2012 ستكون حسب رأيي أصعب بكثير من 2011 والسبب في ذلك فقدان الهامش الذي كان متوفرا نسبا في العام الحالي.
س: هل لك أن توضح لنا أكثر؟
ج: تمكنا بعيد الثورة من تنفيذ بعض السياسات بفضل بعض الحلول المتوفرة ساعتها إذ أن نسبة عجز الميزانية كانت ضعيفة في أوائل السنة مما مكن من دفع المصاريف العمومية والرفع من العجز إلى مستوى 4 بالمائة أما سنة 2012 فستسهل بنسبة عجز أرفع مما كانت عليه في 2011 كما أن الرصيد الوطني من العملة الصعبة سيكون في 2012 أقل بكثير من 2011. وأضيف أن الطاقة الوطنية للتوريد هي الآن في مستوى 115 يوما ولا يمكن لنا أن ننزل بها إلى ما هو أقل من ذلك كما أنه كنا نستطيع في 2011 التخفيض في نسب الفائدة وهو أمر لم نعد نقدر على فعله مستقبلا في ظل الظروف الراهنة.
س: ماهي الامكانيات المتاحة لمواجهة هذه الصعوبات وكذلك متطلبات 2012؟ ج: ميزانية 2012 ستكون بدورها أصعب من سابقتها كما أن إمكانيات توسيع الصاريف ستكون محدودة جدا وأكثر مما كان الحال عليه في 2011
س: سنضطر إذن للجوء إلى التداين ؟
ج: لم يعد هذا خيارا لكن المسألة ستطرح على الحكومة المقبلة التي سيكون القرار بيدها إما التقليص من نسق ارتفاع المصاريف أو القبول بنسبة تداين مرتفعة جدا.
س: هل سنتجه نحو ميزانية تقشف؟
ج: أقول فقط إنه لم تعد لدينا الإمكانيات الكافية للترفيع في المصاريف وإحداث مشاريع جديدة ومواجهة البطالة. ستكون لنا إمكانيات محدودة للغاية.
س: هي توجد نية للتوجه نحو الأسواق الخارجية للتداين وفي أية ظروف؟
ج: هناك حكومة جديدة ستتشكل وسيكون القرار بيدها وفق الخيارات المطروحة أمامها.
س: إذن أين هي الوعودة التي تقدمت بها مجموعة الثماني والولايات المتحدة الأمريكية والأوروبيون
وخاصة فرنسا؟ ج: قلصنا في 2011 إلى أقصى حد من مستوى الاقتراض ولم نطلب إلى ما كانت الحاجة إليه ملحة لمواجهة تحديات الوضع ما بعد الثورة. تم الاقتراض من البنك العالمي والبنك الإفريقي للتنمية والوكالة الفرنسية للتنمية إلى جانب هبة من الاتحاد الأوروبي. توجد إمكانيات وفرضيات أخرى بالنسبة إلى سنة 2012 لكن يبقى هذا الأمر من شأن الحكومة القادمة.