تونس-افريكان مانجر
أثار قانون إنعاش الاقتصاد وتسوية جرائم الصرف الذي تمت المصادقة عليه مؤخرا بالبرلمان، جدلا واسعا بين داعم له ومن يعتبره حاملا لإصلاحات اقتصادية هامة من شأنها أن تساهم في دعم مناخ الاستثمار، وبين من يرى انه سيخدم مصالح فئة معينة.
في هذا الصدد، اعتبر أستاذ الاقتصاد أرام بالحاج، في تدوينة نشرها على صفحته فايسبوك، أنه من حيث الشكل، لا يجوز تسمية القانون المصادق عليه مؤخرا من طرف مجلس نواب الشعب “قانون انعاش الاقتصاد” لغياب الرؤية والروح صلبه، وفق تعبيره.
واعتبر بالحاج، أن الإنعاش يجب أن يستهدف القطاعات ذات الأولوية والأهمية للاقتصاد التونسي الذي تأثر بفعل الجائحة من ناحية وان يقلب الموازين في كل ما يخص مناخ الأعمال من ناحية اخرى، وهو ما لم يتضمنه هذا القانون.
وأشار الى أنه من حيث المضمون، يمكن تقسيم القانون إلى 3 أنواع من الفصول: فصول مهمة وفي بعض الأحيان محمودة (الفصل 11 و18) و فصول مشبوهة وفي بعض الأحيان خطيرة (الفصل 8 و13) بالإضافة الى فصول غير واقعية وفي بعض الأحيان هلامية (الفصل 24 و25).
من جهته الخبير الاقتصادي أنيس الوهابي، اعتبر في تصريح لموزاييك، اليوم الأربعاء 14 جويلية 2021، أن قانون الإنعاش الاقتصادي المصادق عليه أول أمس في البرلمان مخيب للآمال ولتطلعاتهم.
وقال الوهابي، إنهم كانوا ينتظرون قانونا للتنشيط الاقتصادي يستجيب لعدة تطلعات ويهدف بالخصوص إلى استرجاع نسق النمو والادخار والاستثمار الذي تراجع كثيرا إلا أن القانون المصادق عليه أمس جاء بما تضمنه من إجراءات بمثابة قانون مالية جديد.
وأشار المتحدث، وفق ذات المصدر، الى أن هذا القانون لم يتضمن إجراءات فعالة وواضحة خاصة في ما يتعلق بالإجراءات الجبائية فضلا عن غموض بعض القرارات التي تهم الإعفاء على جرائم الصرف.
كما اعتبر أن الإجراءات التي تم إقرارها جبائية أكثر من تشجيعها للاستثمار الى جانب غياب توضيحات حول الشروط وتوقيت إصدار الأوامر الترتيبية الخاصة بتنفيذ هذه الإجراءات والتي تنتظر إجابة من الحكومة .
في المقابل يرى مراقبون للشأن الاقتصادي في تونس أن أهمية هذا القانون تتمثل في محاولة تجاوز الركود الاقتصادي الذي تعرفه البلاد، ودفع النمو، وإدماج القطاع الموازي في الدورة الاقتصادية الحقيقية، بالإضافة التخلص من إشكاليات مخالفات الصرف.
وقد اعتبرت في هذا السياق منظمة الأعراف أن هذا القانون يحمل أبعادا اقتصادية ومالية واجتماعية ومجتمعية وجاء لإنقاذ الاقتصاد الوطني في ظل الصعوبات التي تواجهها البلاد ويعتبره خطوة هامة على طريق تطوير التشريعات الاقتصادية والمالية وملائمتها مع تشريعات البلدان المتطورة، ومع الظروف التي تعيشها تونس خاصة جراء تداعيات أزمة فيروس كورونا.
كما يمثل أرضية مناسبة لتحسين المناخ العام للاستثمار والأعمال وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وجاذبية الوجهة التونسية، وسيساعد على المحافظة على ديمومة المؤسسات وعلى مواطن الشغل وخلق فرص عمل جديدة خاصة للشباب في كل الجهات والقطاعات.
جدير بالذكر أن قانون الإنعاش الاقتصادي، تضمن إجراءات لتخفيف الضغط الجبائي على الشركات والمستثمرين والمطورين العقاريين، وإدماج الأنشطة والعملة المتأتية من الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية بالإضافة الى مقاومة التهرب الضريبي ودعم الشفافية، فضلاً عن إجراءات لترشيد تداول الأموال نقداً.
ويتيح هذا القانون للمواطنين الانتفاع من قروض بنكية للتملك بنسبة فائدة سنوية تقدر بثلاثة في المئة، تسدّد على مدة أقصاها 40 عاماً، مع عدم اشتراط توفير تمويل ذاتي بالنسبة إلى المسكن الأول، وهو المطلب الاساسي للباعثين العقاريين.
كما نظر القانون في تأهيل مصالح الجباية لإسناد معرفات جبائية للأشخاص المخلين بواجب التصريح في الوجود، والتخفيض من ستة إلى أربعة أشهر في المدة القصوى المحددة لإجراء المراجعة الضريبية المعمقة.
كما نص على الرفع من ثلاثة إلى ستة في المائة في معلوم إسداء خدمة التسجيل المستوجب على العقود والتصاريح المتعلقة بنقل ملكية عقارات (الهبات والتركات)، واحتساب هذا المعلوم على أساس القيمة المحينة للعقارات المحالة.
وبطلب من وزير الاقتصاد و المالية تمت إضافة خمسة فصول جديدة اقترحتها الحكومة في هذا القانون حظيت بالمصادقة، ومن أهمها وضع خط تمويل بمبلغ 1100 مليون دولار، يخصص لإعادة تمويل القروض لفائدة المؤسسات المتضرّرة من تداعيات انتشار فيروس كورونا، بنسبة فائدة سنوية قارة لا تتجاوز ثلاثة في المئة، وتسدّد على مدة أقصاها سبع سنوات منها سنتان إمهالاً.
يشار الى مجلس نواب الشعب، صادق الاثنين الماضي على قانون يتعلق بإنعاش الاقتصاد وتسوية مخالفات الصرف بموافقة 110 نائبا واحتفاظ خمسة بأصواتهم واعتراض سبعة آخرين.