تونس-افريكان مانجر
أكد الخبير الجبائي أنيس بن سعيد أن تحقيق العدالة الجبائية في تونس يمرّ حتماً عبر إصلاح جذري وعميق لمنظومة جبائية وصفها بـ”المعقّدة وغير الفعّالة”، محذرًا من تداعيات الاستمرار في هذا الوضع على التوازنات المالية والاجتماعية للدولة.
وفي تصريح لموقع “أفريكان مانجر”، أوضح بن سعيد أن المنظومة الجبائية في تونس تعاني من تضخم غير مسبوق في النصوص القانونية، حيث تم إدراج أكثر من 250 نصاً جبائياً جديداً بين سنتي 2022 و2025، من خلال ثلاثة قوانين مالية متتالية.
وأشار إلى أن هذا التعقيد أفضى إلى حالة من الارتباك، حتى بين المختصين في المجال، ما يعرقل متابعة الفاعلين الاقتصاديين للنصوص الجبائية.
وبيّن أن تبسيط المنظومة أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط لضمان النجاعة، بل أيضاً للحد من الاختلالات التي تُثقل كاهل المطالبين بالأداء وتدفع بالبعض إلى التهرب أو النشاط في القطاع الموازي.
وفي هذا الإطار، شدّد بن سعيد على أهمية توسيع القاعدة الجبائية عبر دمج القطاع الموازي، مؤكداً أن وزارة المالية لم تنجح إلى حد اليوم، في استقطاب هذا القطاع أو تقديم معطيات رسمية بشأن حجمه وتأثيره، مرجعًا ذلك إلى اعتماد إجراءات غير مشجعة وصعبة التطبيق.
وقال: “الإجراءات الحالية فشلت في تقليص حجم القطاع غير المنظم، بل وعجزت عن تحفيز الناشطين فيه على الانخراط في المنظومة الرسمية، وهو ما يستوجب وضع سياسات جديدة أكثر نجاعة مع إقرار إجراءات جزرية ضذ الناشطين في القطاع غير المنظم”.
كما دعا إلى إرساء سياسات جبائية قائمة على مبدأ التوازن وتكافؤ الفرص، موضحًا أن الإصلاح الجبائي يجب أن يكون من أولويات الدولة إذا ما كانت تسعى فعلاً لتحقيق عدالة اجتماعية واقتصادية مستدامة.
واعتبر بن سعيد أن المنظومة الحالية تُحمّل العبء الأكبر للفئات الملتزمة، خاصة الأجراء الذين تُقتطع من أجورهم نسب قد تصل إلى 30% شهريًا، رغم هشاشة قدرتهم الشرائية، لافتًا إلى أن فئة الأجور المتراوحة بين 1000 و1500 دينار تتحمل جزءاً كبيراً من العبء الجبائي.
وفي ختام تصريحه، شدّد على ضرورة اعتماد الرقمنة وتعميم المعاملات عن بعد، لتقليص الاحتكاك بين المواطن والإدارة، وتعزيز الشفافية والفعالية في تطبيق القانون الجبائي.