دعت تونس قمة مجموعة الثمانى الملتئمة يومي 26 و27 ماي 2011 في دوفيل بفرنسا الى تبني خطة لدعم الثورة التونسية باعتبارها تمثل ملكا عموميا عالميا. واكد السيد الباجي قائد السبسي، الوزير الاول في الحكومة الانتقالية، في كلمته خلال جلسة مغلقة خصصتها مجموعة الثماني للربيع العربي، ان الامر يتعلق برهان سياسي واقتصادي فى الوقت نفسه مضيفا “ان فشل مسار التحول الديمقراطى قد يكون انتكاسة جدية للديمقراطية فى العالم”.
واوضح ان الرهان الاقتصادى يتجسم فى تحمل المجموعة الدولية “مسؤولية كبيرة للخروج من الحلقة المفرغة المتمثلة في ان الفقر وارتفاع البطالة يؤديان الى بروز التطرف ويدفع الى استفحال ظاهرة الهجرة”.
واكد ان حاجة تونس الى هذا الدعم “اكيدة ومستعجلة من اجل ضمان نجاح الانتقال الديمقراطى وتفادى مرحلة الانكماش الاقتصادى الذى تشهده الدول عادة فى هذه المرحلة”.
وقال إن اليوم هو الوقت الامثل بالنسبة الى المجموعة الدولية لتقديم دعمها الى تونس والى الدول العربية التي تعرف انتقالا ديمقراطيا وذلك للمساهمة في بروز شركاء جدد يكونون محرك النمو في الحوض المتوسطي.
واضاف ان تونس قادرة على الاعتماد على امكانياتها الذاتية لكنها تعول على “المساندة الارادية” للمجموعة الدولية لاستكمال المسار الذي اندرجت فيه وانجاح انتقالها الاقتصادي والاجتماعي.
وتهدف خطة الدعم على المدى القصير وفق الوزير الاول الى مجابهة انكماش النشاط فى عدد من القطاعات الهامة كالسياحة والاستجابة الى التحديات العاجلة فى ما يخص دعم الميزانية وتعزيز تنمية الجهات ومعاضدة مجهود التشغيل بالاضافة الى تقديم الاعانات الانسانية والصحية للاجئين من ليبيا فضلا عن المحافظة على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
وافاد في هذا الشان ان حاجيات التمويل على المدى القصير ترمي الى تعويض الموارد المالية التي كانت مبرمجة في البداية والتي لا يمكن تعبئتها في الظرف الراهن .
وتتضمن خطة الدعم كذلك مساندة على المدى المتوسط لبرنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سيمتد على 5 سنوات.
ويتمحور هذا البرنامج حول خمس اولويات تتجسد فى ارساء نظام حوكمة رشيدة والتجهيز السريع للجهات بالبنية التحتية وتنمية راس المال البشرى والاندماج فى الاسواق العالمية وتعصير القطاع المالى.
وحدد السيد الباجي قائد السبسي مطالب تونس الى مجموعة الثماني في ثلاثة مكونات يتعلق الاول منها، بدعم مالي قدره 25 مليار دولار على مدى 5 سنوات كموارد اضافية منها 5 مليارات دولار على المدى القصير.
وسيمثل هذا الدعم عامل دفع هام لتعبئة موارد اضافية وطنية ودولية عمومية وخاصة تقدر باربعة اضعاف هذا المبلغ وذلك لتامين الحاجيات الخاصة بالمسار الانتقالي .
واعتبر في هذا الخصوص، ان بعث مؤسسة مالية خاصة بالمنطقة “اشارة سياسية قوية وضمانا للتنسيق الامثل لجهود المجموعة الدولية”.
ويهم المكون الثانى، النفاذ الى الاسواق والشراكة من خلال ارساء اتفاق اندماج شامل ومعمق مع الاتحاد الاوروبى فى اطار “مرتبة الشريك المتميز” واتفاقيات تبادل حر وشراكة مع الدول الاخرى الاعضاء فى مجموعة الثمانى.
واضاف الوزير الاول، في هذا الصدد، ان تونس تتطلع الى منح بعض المنتجات التونسية المحددة بقائمة حق النفاذ الى اسواق المجموعة بصفة احادية الجانب ومؤقتة في انتظار دخول هذه الاتفاقيات حيز التنفيذ.
ويتصل المكون الثالث بارساء التقارب بين الشعوب من خلال برامج تبادل ونفاذ الى العلوم بالنسبة الى الشباب وشراكة للتنقل الحر بالنسبة الى الطلبة والمدرسين والباحثين واصحاب الاعمال.
وتوقع السيد الباجي قائد السبسي، ” أن يكون لاعلان مثل هذا البرنامج من قبل مجموعة الثماني انعكاسات داخلية هامة وذلك عبر تهيئة الظروف الملائمة لانتقال ديمقراطي يتسم بالانفتاح والحداثة”.
وابرز ان تونس تتوفر على عوامل ايجابية تساهم في انجاح هذا الانتقال كارتفاع نسبة التمدرس وتطور الطبقة الوسطى والمكانة المتميزة للمراة والتحكم فى التكنولوجيا الحديثة الى جانب تموقعها الاستراتيجي فى الحوض المتوسطى.
واعرب الوزير الاول في الحكومة الانتقالية عن اعتقاده في ان هذه العوامل عززتها الثورة بما كرسته من حرية التعبير والحوار الوطنى بين كل الاطراف السياسية والوطنية.
وشدد على ان هذه المكاسب “لا يجب ان تحجب الاخطار والضغوطات التى يتعرض لها الاقتصاد التونسي كتراجع السياحة وتداعيات الازمة الليبية وارتفاع اسعار النفط والمواد الغذائية فى الاسواق”.
ودعا في الختام المجموعة الدولية، وفى المقام الاول مجموعة الثماني، “الى المشاركة الفاعلة ودعم برنامج تونس التنموى والاعلان عن رزنامة التزمات مضبوطة يمكن للمجموعة الدولية اتخاذها واحترامها لتعزيز فرص نجاح هذا البرنامج”.