تونس-افريكان مانجر
مازال الشارع التونسي منذ 4 نوفمبر الماضي تاريخ تعليق جلسات الحوار الوطني في انتظار نتيجة المشاورات الرامية إلى استئنافه،و بحسب بعض التسريبات الأولية الصادرة عن بعض الأحزاب السياسية و جمعيات من المجتمع المدني فإنّ الحوار الوطني و بعد أن عُلقت عليه الآمال هو الآن في حالة”احتضار”وقد دخل طريقا مسدودة.و يبدو أن الحوار الوطني و إلى غاية كتابة هذه الأسطر فشل في تقريب وجهات النظر و تحقيق التوافق حول الشخصية المرشحة لخلافة علي العريض على رأس الحكومة التونسية.
حرب جديدة من الإضرابات
وكانت الأنظار تتجه مساء اليوم الاثنين 2 ديسمبر 2013 إلى مقر وزارة حقوق الإنسان و العدالة الانتقالية،حيث كان يُتوقع أن يعقد الاتحاد العام التونسي رفقة المنظمات الراعية للحوار ندوة صحفية لإطلاع الرأي العام على نتيجة الحوار و حقيقة ما يجري في الكواليس خاصة و أن الرباعي تعهد في أكثر من مناسبة بالكشف التي تقف وراء تقدّم المشاورات، إلا أنه تم الترجع في آخر لحظة عن هذا الموعد الذي تم تأجيله إلى يوم الأربعاء المقبل.
سبب الخلاف
و يُعزى سبب الخلاف كما هو معلوم للجميع إلى غياب التوافق حول اسم الشخصية المرشحة لمنصب رئيس الحكومة القادمة بعد أن تمسكت حركة النهضة بالوزير السابق في حكومة الحبيب بورقيبة الأمر الذي رفضته أغلبية الأطراف المجتمعة على طاولة الحوار.
ومع اقتراب موعد إسدال الستار على مفاوضات الحوار الوطني قال عضو المجلس التأسيسي لسنة 1957 مصطفى الفيلالي ل”افريكان مانجر” إن فشل الحوار سيُدخل البلاد في “ثورة مُدمرة تأتي على الأخضر و اليابس” لأن التونسي بدأ يفقد الثقة في رجال السياسة.
و قد اعتبر محدثنا أنّ السبب الرئيسي في تعثر استئناف الحوار الوطني و استكمال ما جاء في خارطة الرباعي يعود إلى الانشقاق الداخلي لحركة النهضة.و في صورة الإعلان عن الفشل فإن تونس ستشهد على حدّ قول محدثنا حربا جديدة من الإضرابات العامة،مضيفا أن إضراب 4 ولايات الأسبوع الماضي ليس سوى عينة صغيرة ممّا يمكن أن تؤول إليه الأمور في تونس.
من جانبه قال أستاذ القانون الدستوري صادق بلعيد ل”افريكان مانجر” إنّ الرباعي الراعي للحوار سيكون المسؤول أمام الشعب عن فشل أو نجاح الحوار،و عليه فإن اتحاد الشغل و بقية شركائه مطالبون بالتخلي عن دور الوسيط بين الأطراف السياسية ليُصبح طرفا فاعلا و يقوم بنفسه بتعيين الشخصية الأنسب لتولي منصب رئيس الحكومة.كما اقترح على الرباعي تكوين لجنة خبراء لإنهاء صياغة الدستور.
إلى غاية اليوم:النهضة متمسكة بالمستيري
و ممّا يُرجح كفة الفشل هو التصريحات المتتالية لحركة النهضة و التي تُؤكد فيها تمسكها بأحمد المستيري لرئاسة الحكومة،و هذا الصباح قال رئيس مجلس شورى حركة النهضة فتحي العيادي في تصريح إذاعي إنّ الحركة مازالت تعتبر أحمد المستيري من أفضل المرشحين لمنصب رئاسة الحكومة، مشيرا إلى أن الحركة منفتحة على كل المقترحات التي سيقدمها ممثلو الأحزاب السياسية في لقائهم مساء اليوم بالرباعي الوطني.
وأضاف انه إذا تم اختيار احمد المستيري لمنصب رئيس الحكومة فانّه بالإمكان القول أن “البلاد تتجه نحو تحقيق المسار الديمقراطي”، حسب تعبيره.
و كلنا يعلم أن المستيري مرفوض من أغلبية الأحزاب المعارضةالمشاركة و خاصة جبهة الإنقاذ،و رغم التعتيم الكبير على مجريات الأحداث و كواليس المشاورات فإنّ التصريحات الإعلامية تُعطي لمحة عمّا يحدث وراء الأبواب المقفلة منذ عدّة أسابيع.
اتحاد الشغل:أزمة سياسية بامتياز
و مع بداية العدّ التنازلي للحوار الوطني سواء بإعلان فشله أو استئناف أعماله،فقد قال أمين عام اتحاد الشغل حسين العباسي إن الأزمة في تونس هي أزمة سياسية بامتياز و قد دخلت مرحلة الخطر والانهيار و في صورة عدم نجاح الحوار فستكون البلاد مفتوحة أمام كل المخاطر.
و يبدو أنّ فترة الانتظار طالت أكثر من اللزوم فقد صعّد عدد من النشطاء في المجتمع المدني من حدّة لهجتهم مستنكرين عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين جميع الأطراف،فقد كتب منذ قليل رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية سامي الرمادي على صفحته الخاصة على الفايس بوك أن المعلومات التي بلغته تُؤكد أن مصير الحوار الوطني سينتهي إلى الفشل.
و أضاف الرمادي أنّ البلاد ستمر قريبا بأيام سوداء مؤكدا في الآن ذاته على ضرورة مواصلة النضال من أجل إرساء الدولة المدنية الديمقراطية. من جانبها قالت الأستاذية و الناشطة في المجتمع المدني رجاء سلامة أنه إذا فشل الحوار الوطنيّ فإنّنا سندخل مرحلة أخرى خطيرة و اقترحت العصيان المدنيّ السّلميّ للوصول بالبلاد إلى حلّ يُخرجها من أزمة تركت أثرها السلبي على الشأن الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد.
و في انتظار الإعلان الرسمي و النهائي عن نتيجة مفاوضات استئناف الحوار الوطني فإنّ الاحتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات مثلما يردده دائما السياسيون في تعليقهم حول فشلهم.
بسمة المعلاوي