تونس- افريكان مانجر
مع تواصل ارتفاع عدد قضايا الشيك دون رصيد المنشورة لدى المحاكم التونسية، تتالت الدعوات لتنقيح النصوص القانونية وتعديلها بما يدفع بإعادة العجلة الاقتصادية.
ورغم غياب المعطيات المحينة والأرقام الدقيقة بخصوص عدد الجرائم، فإنّ البيانات الصادرة عن البنك المركزي التونسي لسنة 2022، تُؤكد ان عدد الشيكات المرفوضة لعدم كفاية الرصيد أو انعدامه بلغت 392 ألف شيك من مجموع 25,3 مليون شيك وقع تداولها خلال سنة 2021.
عفو 2011… استثناء
مع تأخر وتعطل وزارة العدل في إحالة مشروع تعديل الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بقضايا الصكوك البنكية على انظار رئاسة الحكومة، تم الأسبوع الماضي تقديم مبادرة تشريعية لمكتب مجلس نواب الشعب تتعلق باقتراح عفو عام في جريمة اصدار صك دون رصيد.
للإطلاع على فحوى المبادرة وتفاصيلها، إلتقت “افريكان مانجر” رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب ياسر القوراري، وأوضح أنّ المبادرة تضم 3 فصول، وتتعلق بالقضايا المُسجلة الى غاية يوم 31 ديسمبر 2023.
وينصّ المقترح على انه ينتفع بالعفو كل من أصدر شيكا دون رصيد او اعتراض على خلاصه في غصر الصور المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شانه شهادة في عدم الخلاص قبل تاريخ 1 جانفي 2024.
كما ينتفع بالعفو العام كل من كان محلّ تتبع قضائي لدى المحاكم على اختلاف درجاته او صدر بحقه حكم قبل يوم 1 جانفي 2024، من اجل احدى الجريميتنبالفصلين 2 و3.”
وقال القوراري إنّ مقترح القانون “بقدر ما اكد على ضرورة ضمان حقوق المديون فانه لم يطرح الالية او الطريقة التي تضمن حقوق الدائن”، ولفت الى أنّ تونس، تاريخيا تقرّ عفو عام مع ضمان حقوق الدائنين دون تسقيف باستثناء العفو العام لسنة 2011 الذي لم يشترط خلاص الدين بإعتبار أنّ غالبية المورطين في قضايا الشيكات دون رصيد فروا باتجاه ليبيا، ومع اندلاع الثورة في طرابلس اتخذت الحكومة التونسية قرار العفو العام بتلك الشاكلة حفاظا على السلامة الجسدية للمورطين في جرائم الشيكات.
وتابع القوراري:” الظروف اليوم تغيرت والسياق مختلف تماما، ومن غير الممكن إقرار عفو عام دون ضمان خلاص اصل الدين، باعتبار أنّ أي اجراء لا يضمن حقوق جميع الأطراف قد يُهدد السلم الاجتماعي والاقتصادي”.
في المقابل، شدد محدثنا على ضرورة إيجاد حلّ جذري لتفاقم ازمة الشيكات دون رصيد.
الحرية للمورطين أولا؟
وذكر في هذا السياق الاجراء الذي اقره رئيس الجمهورية قيس يعد خلال سنة 2022، والمتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، مشيرا الى ان هذا العفو الذي انتهى العمل به يوم 31 ديسمبر 2023 اشترط سداد ديون المستحقين وقد استند الى فلسفة معينة وهي ثنائية حرية المدانين وضمان حقوق الدائنين.
ويرى رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان أنّ المبادرة الجديدة “ذهبت رأسا الى العفو و إعطاء الحرية للمورطين مع تحويل الديون الى ديون مدنية دون توفير الاليات القانونية والضمانات الكافية لذلك”.
ودعا وزارة العدل الى الإسراع بعرض مشروع تنقيح الفصل 411 المتعلق بالشيك دون رصيد بالمجلة التجارية على انظار رئاسة الحكومة للمصادقة عليه واحالته على البرلمان، وتساءل عن سبب التأخر سيما وان الوزيرة قد أعلنت في وقت سابق أنّ مشروع التعديل جاهز بنسبة 99 بالمائة.
وأفاد ان البرلمان سيضغط خلال الفترة القادمة من اجل التسريع بارسال مشروع القانون ومناقشته صلب لجنة التشريع العام.
وقال القوراري “نحن مع اطلاق سراح الموقوفين في جرائم الشيكات ومع عودة الفارين خارج حدود الوطن وإستئنافهم للحياة الاقتصادية، غير ان الدولة لا يمكن لها ان تقوم مقام الغير وتسقط الديون او تهدر الحقوق”.
تضارب الأرقام
وتابع “نريد ايجاد حلول على قاعدة تصور ورؤية جديدة للفصل 411، ولا نُريد ان نؤمن مجموعة من الضحايا ونخلق ضحايا جدد”، بحسب تصريحه.
وردّا على سؤال يتعلق بعدد المورطين في قضايا الشيكات، اكد القوراري أنّ الهيئة العامة للسجون تتحدث عن وجود نحو 460 شخص بين محكوم وموقوف في المقابل فان الجمعيات ومختلف منظمات المجتمع المدني تتحدث عن وجود ما بين 6 و7 الاف شخص في السجون بسبب عدم خلاص الصكوك.