“فضوا مشاكل الحوض المنجمي نفض الاعتصام”, “من اجل محاسبة قتلة الشهداء”. “شعب تونس شعب حر لا أمريكا ولا قطر” ,اعتصامنا ضد القوانين المتعلقة بالنظام الداخلي للمجلس التأسيسي”…كلها شعارات لا يزال يرفعها إلى اليوم المعتصمون أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي بباردو.
الخيام التي نشرت هنا وهناك واللافتات والأعداد الغفيرة من المعتصمين والمتضامنين …كلها صور تذكرنا باعتصام القصبة وتعطينا فكرة واضحة عما يحدث في المكان .أحزاب وجمعيات ومجتمع مدني ,كل جاء ليضم صوته إلى الآخرين وليحمل مطالب أثقلت كاهله ولم يلق أذانا صاغية تخفف عنه هذا العبء.
زبير عيساوي(الحوض المنجمي) احتجاجه كان على نتائج المناظرة الأخيرة التي لم ير فيها مساواة وعدلا بل كانت حسب قوله امتدادا أخر لما كان يحدث في عهد النظام السابق حيث أن الناجحين في هذا الاختبار كانوا كلهم ينتمون للطبقة البورجوازية في ولاية قفصة في حين أن العديد من ذوي الاحتياجات الخصوصية لم يظفروا بشيء.
أخبرنا محدّثنا أنهم تقدموا بقضية ضد وزير التشغيل ولجنة الفرز في الحوض المنجمي والاتحاد العام التونسي للشغل وأنهم لن يفكوا اعتصامهم إلا إذا ما تمت الاستجابة إلى مطالبهم وأعادت الحكومة الاعتبار للمناطق المحرومة وتوفير أدنى مقومات العيش الكريم .وأشار الى انه رغم تنفيذهم لاعتصامهم أمام مقر المجلس الوطني التأسيسى و مساندة عديد المنظمات والأحزاب لهم فإن أصواتهم لم تسمع بعد.
يقول معتصم أخر وممثل عن حركة 24 أكتوبر أن سبب اعتصامه يأتي وفقا لقناعات شخصية يريد تبليغها, فهناك حسب قوله إستراتيجية يهودية وأمريكية تحاول فرض رأيها علينا وتقسيمنا إلى إسلاميين وغير إسلاميين وذلك بالتنسيق مع قطر التي تحيلنا بالتأكيد للحديث عن حزب النهضة المطلب الرئيسي للشاب المعتصم هو إلغاء أي تدخل أجنبي والتفريق بين السلط الثلاث وعدم الانفراد بالحكم وإعطاء الكلمة للشعب فضلا عن استرجاع الثقة في المجلس الوطني التأسيسي والابتعاد عن منطق الإقصاء.
اتحاد الشباب الشيوعي لم يتغيب أيضا وسجل حضوره لمساندة المعتصمين .أما عن مطالبه يقول مهدي العوجي (ممثل عن اتحاد الشباب الشيوعي) أنها ليست مجرد طلبات حزبية ضيقة بل هي مشتركة تختزل في تكريس المبادئ التي قامت عليها الثورة من شغل وعدالة اجتماعية وحرية وكرامة .وفي هذا الإطار يقول :”لسنا ضد حركة النهضة لكننا ضد المشروع الذي تقدمت به وضد أن تلتف على الأغلبية التي تتحدث عنها .قبل الانتخابات يقول محدّثنا النّهضة كان لها خطاب واليوم لها خطاب أخر فهي تكرس الديكتاتورية .نحن ضد تحويل الصراع إلى صراع إسلامي حداثوي ومطالبنا كما ذكرت تتعلق بحل القضايا الاستعجالية مثل الحوض المنجمي والعناية بالجهات الداخلية المنتفضة.”
“خبر عاجل من باردو إلى الحكومة : لا تتعودوا على “الهندي المقشر” لأنه يولد الاعتصام.” هكذا تحدث إلينا شريف عبد الرحيم(مواطن ومتضامن)فهو ينصح الحكومة بالاهتمام بالقضايا الاستعجالية والتي لها تأثير كبير على حياة البعض و إنقاذ ما يمكن إنقاذه عوضا عن ماراطون الجري إلى الكراسي والمناصب.
ردا على الاتهامات الموجهة لبعض الأحزاب المساندة لاعتصام باردو بأنها أحزاب فاشلة تعمدت إثارة البلبلة لتخفي إخفاقها أجاب عضو القيادة الوطنية لحزب العمال الشيوعي سمير طعم الله أن هذا الخطاب هو خطاب خشبي و مألوف تعودوا عليه منذ النظام السابق حيث أنهم “أقلية لا يمثلون الشعب” مثلما قال بن علي والسيد الباجي قائد السبسي و” أقلية نعرفهم جيدا” كما نعتهم سمير ديلو(عضو المكتب السياسي لحركة النهضة).من جهة أخرى أشار عضو القيادة الوطنية لحزب العمال الشيوعي أن الأحزاب التي لم يكن لها نصيب كبير في العملية الانتخابية خرجت قبل 14 جانفي مع مختلف مكونات الشعب التونسي من اجل إرساء حق يمثل أحد أسس الديمقراطية وهو حق التظاهر والاعتصام ونقد السلطة. لكن ما راعهم حسب قوله الا وكان الرد عليهم بنفس الأسلوب الذي كان يمارسه التجمع وشعبه ومليشياته لان ضرب الاعتصام لمحاولة تكسيره بالقوة مؤشر أخر على ضيق صدر الأشخاص الذين يريدون ان تتمركز السلطة في أيديهم.
وختم بقوله :إن الأقطاب الثلاثة المتواجدة صلب المجلس التأسيسي عوض أن تسارع في حل المشاكل المستعجلة للشعب بقيت في نزاعات على المقاعد والمناصب والصلاحيات ولم تقدم حتى مجرد إشارات ايجابية نفهم منها أنهم يفكرون في حل جذري لمطالب الثورة وتكريس الشعار المركزي للثورة بل بالعكس كل الإشارات التي وصلت إلى حد الآن تؤكد أنهم يسيرون بخلاف مطالب الشعب التونسي. مشهد أخر لم نتمكن من غض النظر عنه ونحن نتجول بين المعتصمين .شيخ في الثمانين من عمره جلس مرتعشا لم نكن نعرف من البرد أم من المرض .سبقته يداه قبل جيبه للحديث ليخرج لنا فاتورات ماء وكهرباء متخلدة. اسمه مختار النفزي جاء كما قال لنا ليتضامن مع معتصمي باردو حيث يقطن ومطلبه واحد وبسيط هو مراعاة ما قام به عبر السنوات من نضالات رفقة المناضل مصباح الجربوعي وتمكينه من بطاقة علاج مجانية.
مطالب وان كانت تبدو فردية إلا أنها تصب جميعها في خانة واحدة وهي ضمان الحق في العيش الكريم ونبذ التفرقة واللامساواة.