تونس- افريكان مانجر
مع إعلان تونس لحكومتها الجديدة برئاسة نجلاء بودن، تتجه أنظار المتابعين للشأن الوطني إلى كيفية تعاملها مع الملف الاقتصادي الذي يُنتظر أن يكون على رأس أولوياتها.
ويأمل التونسي أن يتحسن الوضع مع مُباشرة أعضاء الحكومة لمهامهم بشكل رسمي، اليوم الثلاثاء 12 أكتوبر 2021.
“مهمة غير مستحيلة”
ووفقا لآخر المؤشرات الرسمية، فإنّ تونس تحتاج الى تحركات دبلوماسية عالية لجمعتمويلات تقارب الـ 7 مليار دينار، فيما ينتظر ان يبلغ مجموع حجم الدين العمومي للبلاد سنة 2021 قرابة 11,2 مليار دينار، أي ما يمثل 92,7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي فيما تقدر ان ترتفع خدمة الدين العمومي إلى 15,7 مليار دينار بنسبة تصل إلى 33,4 بالمائة مقارنة بسنة 2020.
ويقول الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن إنّ حكومة بودن ستكون أمام “مهمة صعبة لكنها غير مستحيلة”، مشيرا الى أنّ تكوين الحكومة عنصر مهمّ لتحديد وتوضيح الرؤية في البلاد، وقد يكون له تأثير إيجابي على الترقيم السيادي لتونس الذي هو في طور الدرس من قبل وكالة “موديز”.
ورغم أنّ الوزراء أشخاص مشهود لهم بالكفاءة وهم قامات علمية هامة، فإنّ إعتبار حكومة نجلاء بودن “مُؤقتة” الى حين الانتهاء من الإجراءات الاستثنائية من أبرز العوائق التي تُواجهها، لافتا أيضا إلى أنّ وكالات الترقيم السيادي خاصة في ظلّ الوضع السياسي الراهن تعتبر أنّ تونس في حالة من عدم اليقين السياسي، بحسب ما صرح به محسن حسن لـ “افريكان مانجر”.
وللحدّ من هذه العوائق، يرى مُحدّثنا أنّه على رئيسة الحكومة العمل بدرجة اولى على إسترجاع الثقة في الوجهة التونسية والتواصل بشكل جيّد مع شركائنا بالخارج، كما أكد على ضرورة الانطلاق فورا في اعلان وثيقة توجيهية لعملها الاقتصادي والمالي تكون فيها الخطوط العريضة لتوجهاتها والإصلاحات المزمع القيام بها ليكون بمثابة رسالة طمأنة للمتعاملين الاقتصاديين في الداخل والخارج.
ودعا الخبير الاقتصادي، في ذات السياق الى الإسراع بتعبئة الموارد المالية لتمويل ميزانية 2021 والاعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2022.
الدول الصديقة لتعبئة الموارد المالية
وفي ظل توقف برنامج المفاوضات مع صندوق النقد وصعوبة خروج تونس الأسواق الدولية، يتعيّن على الحكومة العمل مع رئاسة الجمهورية لمحاولة تعبئة الموارد المالية من الداخل ومن الدول والصديقة والشقيقة، استنادا إلى إفادة المصدر ذاته.
وشدّد على وجوب إعداد خطة واضحة للانعاش الاقتصادي مع تواصل حالة الركود وتراجع الادخار الوطني بأكثر من 58 بالمائة، ووجود نحو 80 ألف مؤسسة صغرى ومتوسطة مهددة بالاندثار ، لافتا في هذا الصدد، الى أن الحكومة الجديدة مطالبة بالتركيز على الاستثمارات العمومية في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم والاتصالات… وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأكد الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق على ضرورة دعم الاستثمار الخاص من خلال إقرار جملة من الامتيازات الجبائية ووضع خطوط تمويل على ذمة المؤسسات الصغرى والمتوسطة المتضررة من جائحة كورونا، كما تحدّث عن أهمية ملف الحماية الاجتماعية والعمل على تقليص نسبة الفقر التي بلغت 20 % والحد من تفاقم أعداد العاطلين عن العمل.
وقال إنّ تحسين المقدرة الشرائية في ظلّ ارتفاع معدل التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، يجب أن يكون ضمن أولويات عمل الحكومة والتي يتوجب عليها العمل على التحكم في الأسعار وترشيد عمليات التوريد للمواد الإستهلاكية.
وإجمالا، يرى مُحدثنا أنّ حكومة بودن في مواجهة جملة من القضايا الحارقة وهي مدعوة لوضع منوال تنموي جديد يشرف على اعداده فريق عمل متكون من المختصين في المجال.
مخاطر الحط مجددا من ترقيم تونس
ومع إقتراب موعد عقد وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني للنظر في الترقيم السيادي لتونس، قال محسن حسن إنّه يأمل في نجاح مساعي البنك المركزي التونسي لحث الوكالة على تأخير إصدار التصنيف الجديد الى غاية شهر فيفري القادم.
وصرّح بأنّ تصنيف تونس في هذه الظروف سيكون سيئا، مشيرا إلى الحكومة الجديدة مطالبة بالعمل على أن “لا نقع في مطب تراجع الترقيم” لأنّ ذلك يعني دخول تونس درجة المخاطر وعدم القدرة سداد ديونها، بحسب تعبيره.
وكانت وكالة الترقيم “موديز”، خفضت خلال شهر فيفري الماضي، ترقيم اصدار العملة الاجنبية والعملة المحلية لتونس من ب2 الى ب3 مع الإبقاء على افاق سلبية
ويحيل هذا التخفيض وفق معايير الوكالة على ان المرحلة القادمة قد تتسم بمزيد تخفيض الترقيم السيادي لتونس الى – ج أأ1- اي ان البلد قد يصبح مصنفا في موقع عالي المخاطر بمعنى عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
كما قامت “موديز” بالتخفيض في ترقيم البنك المركزي التونسي من -ب2- الى -ب3- مع الإبقاء على افاق سلبية باعتبار ان البنك المركزي هو مسؤول من الناحية القانونية على خلاص كافة الإصدارات الرقاعية للحكومة.
وأبرزت الوكالة ان توجهها الى ترقيم -ب3- يعكس ضعف الحوكمة في تونس في مواجهة تفاقم التحديات الاجتماعية، مما يحد من هامش مناورة الحكومة على مستوى قيامها بإصلاح الجباية والقطاع العام بما من شانه ان يضمن استقرار قدرتها على التصرف في الدين العام.
وكان مصدر من البنك المركزي التونسي قد أكد في تصريح سابق لـ “افريكان مانجر” وجود إتصالات مع وكالة موديز للتصنيف الإئتماني لإقناعها بـتأخير إصدار تقريرها بإعتبار أنّ ترقيم تونس سينخفض مجددا.