تونس-افريكان مانجر
مع اقتراب دخول قانون الشيكات الجديد حيز التنفيذ، احتد الجدل حول بدائل الشيك في المعاملات التجارية بين مختلف شرائح المجتمع خاصة في صفوف التجار الذين يعتمدون منذ تسعينات القرن الماضي بشكل كبير على الشيك كوسيلة خلاص حينية أو مؤجلة في معاملاتهم اليومية.
فبينما يُعتبر القانون خطوة مهمة نحو الحد من ظاهرة الشيكات دون رصيد وتعزيز الثقة في المعاملات المالية، يواجه المتعاملون الاقتصاديون تحديات في فهم تفاصيله وآليات المعاملات الجديدة، وكيفية استئناف العمل بالكمبيالة.
تفاصيل القانون الجديد
و بالعودة إلى نص قانون الشيكات الصادر بالرائد الرسمي في 2 أوت 2024، فتتمثل أهم جوانب التنقيح في إنشاء منصة رقمية للمعاملات بالشيك، التي من المنتظر أن يصدرها البنك المركزي مع بداية فيفري القادم، و تتيح هذه المنصة من خلال QRcode، لمستلم الشيك التحقق من توفر الرصيد في حساب صاحب الشيك، مما يحول الشيك من أداة ضمان إلى أداة خلاص رقمية.
ووفقًا للقانون الجديد، إذا قَبل متسلم الشيك دون توفر رصيد كافٍ في حساب صاحبه، فإنه سيُحمَّل المسؤولية الجزائية، وقد يتعرض للملاحقة القانونية.
وفي صورة عدم انخراط أحد المؤسسات المصرفية في المنصة الرقمية الموضوعة من قبل البنك المركزي فإنها ستخضع لإجراءات عقابية و ستكون هذه البنوك ملزمة بدفع مبالغ الشيكات التي تقل عن 5 آلاف دينار، وفي حالة عدم الانخراط، سيتم تحميلها 10% من قيمة الشيكات. علاوة على ذلك، يجب على البنوك التحقق من قدرة حامل دفتر الشيكات على السداد، وأن تصدر له شيكات تتناسب مع قدرته المالية لمدة سنة، مع مراجعة دورية لهذه القدرة بناءً على الوضع الاقتصادي.
وقد انطلقت البنوك رسميا الاثنين 20 جانفي 2025، في قبول مطالب دفاتر الشيكات في صيغتها الجديدة على أن تكون جاهزة على أن تكون هذه الصيغة الجديدة جاهزة في غضون الأسبوع القادم.
العقوبات الجديدة
و استنادا الى نص القانون، فقد تم الإبقاء على فلسفة العقوبة السجنية، إلا أنه تم إدراج تغييرات هامة فيها واعتماد التدرج في العقوبة السجنية، حيث تم في إطار تحيين الفصل 411 التنصيص على النزول بالعقوبة السجنية من 5 سنوات إلى سنتين، إلى جانب تجريم من أصدر ومن تسلم الشيك.
كما تم إقرار عقوبات بديلة لمن ليس له سوابق، وتم إقرار آلية ضم العقوبات مع تخفيض عدد السنوات، على سبيل المثال: من لديه مجموع عقوبات يفوق 20 سنة يتم ضمها والنزول بها إلى 10 سنوات.
وإذا كان مجموع العقوبات يتراوح بين 10 و20 سنة، فإنه يتم الضم واتخاذ حكم وحيد ضد الشخص والنزول بها إلى 5 سنوات.
وهو ما يعني أن هذا القانون ينص على الضم والتخفيف.
الصلح
وبحسب القانون الجديد، فإن مرحلة الصلح أصبحت وجوبية بين الأطراف المعنية قبل المرور إلى التقاضي، وهي عبارة عن خطوة أولى يتخذها وكيل الجمهورية.
ويهدف الصلح إلى التسوية خلال سنة، خاصة في الحالات التي يتم فيها تسليم الشيك دون التثبت من توفر الرصيد، مع تذكير بأن متسلم الشيك بدوره يتحمل المسؤولية.
أما ما بعد الصلح، فهناك 4 سيناريوهات للتسوية، أولها اتفاق صلح بين الطرفين يتم بموجبه الإيقاف المؤقت للتتبعات (فرضية الصلح الثنائي). ثانيا سداد جزء من مبلغ الدين مع تقسيم المبلغ المتبقي على سنتين.
أما السيناريو الثالث فينص على دفع 10% من مبلغ الشيك، وإبرام الصلح وإعلام الجهات المعنية بسداد المتبقي من الدين خلال ثلاث سنوات.
و رابعا يستفيد من الصلح بمجرد إبرامه دون سداد أي مبلغ، على أن يتم دفع 20% خلال السنة الأولى والمتبقي على مدى سنتين وهو صلح احادي الجانب.
وفي حال الانتفاع بإحدى صيغ الصلح، يتم إيقاف التتبعات الجزائية مؤقتاً مع منع صاحب الدين من السفر. أما في صورة عدم التخلف عن السداد، لا يتم إثارة الدعوى تلقائياً وإنما يثيرها المستفيد، وإذا ثبت لوكيل الجمهورية أن المدين حسن النية وقام بسداد 70% من أصل الدين، يمكن منحه سنة إضافية لمرة واحدة، وبذلك تصبح مدة الامهال أربع سنوات.
وإذا كان المعني بالصلح عمره 60 سنة، يتم الاكتفاء بالمدة المقضاة حتى ولو لم يسدد كامل المبلغ، ويظل التتبع المدني قائماً في حقه مع الاستفادة من الصلح و تحجير السفر.
و يشار الى ان الاستفادة من الأثر الرجعي للقانون الجديد لا يكون إلا في مجالات الصلح و التسوية.
كما أن هذا القانون ليس بمفعول رجعي، بل يشمل صيغ الصلح فقط في المرحلة الانتقالية، وفي انتظار المنصة، يُعفى المتعاملون الجدد بالأوراق الجديدة من التجريم فيما يتعلق بالشيكات الأقل من 5000 دينار، وتنطبق عليهم أحكام الفصل 411.
و ما يميز القانون كذلك أن القضايا أصبحت لا تُثار تلقائياً من قبل البنوك، وإنما من قبل الشخص المستفيد متسلم الشيك.
الكمبيال بديل عن الشيك
وفي خضم الحديث عن التغييرات الحاصلة في قوانين المجلة التجارية، عادت التساؤلات حول الفرق بين الكمبيالة البنكية والشيك في التعاملات الاقتصادية.
و بحسب المشرع التونسي، فان الشيك يُعد أداة دفع فورية تُستخدم لتسديد الأموال مباشرة عند تقديمها، و يرى خبراء أن التعامل بالشيك في تونس اتخذ في السنوات الأخيرة منحى مخالفا للقانون باعتباره ليس وسيلة دفع مؤجلة و هو ما تسبب في ارتفاع قضايا الشيك دون رصيد.
أما الكمبيالة البنكية فهي أداة دفع مؤجلة تُستخدم لسداد المبالغ المالية في وقت لاحق.
وقد ارتفعت في الفترة الأخيرة المعاملات بالكمبيالات،