تونس- أفريكان مانجر
أكدت وزارة العدل اليوم الخميس 1 نوفمبر 2012 التحقيق القضائي المتخذ حاليا ضد رجل الأعمال المعروف كمال لطيف فيما نفت تورط بعض الأسماء الأخرى في هذا التحقيق من دون الكشف عن أسماء المورطين مع هذا الأخير.
وجاء في بيان لوزارة العدل عنونته الوزارة “من أجل النأي بالقضاء عن كل الحسابات والتجاذبات حول فتح بحث تحقيقي ضد السيد كمال بن يوسف اللّطيّف” “أنّ محاولة البعض الإيحاء بعلاقة للملف بما يحصل من تجاذبات سياسية في البلاد “قول مخالف للحقيقة” بما أنّ القرار بإجراء بحث في الموضوع والتحقيق فيه اتّخذ منذ 7 جوان 2011 أي قبل أشهر من الانتخابات”، وفق بيان رسمي أصدرته الوزارة.
وكانت معلومات تسربت منذ يومين عن فتح تحقيق قضائي حول احتمال تورط قيادات سياسية في التآمر على أمن الدولة والتخطيط لانقلاب.
وتشمل هذه الاتهامات كل من الوزير الأول السابق الباجي قايد السبسي ووزراء من النظام السابق وهم كمال مرجان وأحمد فريعة ومحمد جغام. كما شملت هذه الاتهامات رجلي الأعمال المعروفين ناجي المهيري وكمال لطيف الذي أكد خبر التحقيق القضائي بشأنه فيما نفى الآخرون هذا الأمر مؤكدين عدم علمهم به.
ونفت وزارة العدل في بيانها تورط هؤلاء في هذه القضية مكتفية بالقول: ” تعمّد البعض الزجّ ببعض الأسماء ضمن من شملهم قرار الإنابة العدلية الصادر يوم 30 أكتوبر 2012، أمر مخالف للحقيقة وانتهاك لسرية التحقيق ومحاولة للتأثير على سير البحث وإرباكه”. ولم يكن واضحا في البيان ما إذا كان يوجد مورطين ضمن المجموعة التي تم الكشف عنها أم هناك مورطين آخرين خارج هذه المجموعة وهو ما يؤشر على انتقائية القضاء في توجيه مثل هذا الاتهام.
ودعت وزارة العدل في بيانها “كل مكونات المجتمع السياسي والمدني ووسائل الإعلام الى النأي بالقضاء عن كل الحسابات والتجاذبات باعتبار أنّ القضاء المستقلّ المتحرّر من كلّ الضغوط هو الضامن لبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات والتي لا يعلو فيها أحد على القانون ولا يدان أحد قبل تمتعه بحقه كاملا في الدفاع عن نفسه”، بحسب تعبير محرر البيان الذي أكد أنه تم اصدار هذا البيان على إثر ما راج من أخبار حول فتح بحث تحقيقي ضد كمال اللّطيّف وكل من سيكشف عنه البحث من أجل التآمر الواقع لارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي طبق الفصل 68 من المجلة الجنائية.
وأكدت الوزارة في ذات السياق “على إرادتها في حماية استقلال القضاء وحياده التام عن كل الحسابات الإيديولوجية والسياسية والفئوية مجددة ثقتها التامة في القضاة الشرفاء وفي قدرتهم على فصل ما يعرض عليهم من ملفات بعدل وإنصاف لا سلطان عليهم إلاّ للقانون”، وفق تعبيرها في البيان.
فتح القضية منذ اكثر من عامين
وقالت الوزارة إن القضية تم فتحها منذ 4 جوان 2011 من طرف أحد المواطنين حيث قام هذا الأخير برفع شكاية الى وكالة الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس أفاد من خلالها علمه بمخطط يستهدف الاعتداء على الأشخاص والأملاك طالبا فتح بحث في الموضوع وتتبّع من تثبت إدانته.
وقد تبين في تصريحات لرجل الأعمال المتهم كمال لطيف أن هذا المواطن يتمثل في المحامي شريف الجبالي وقال إن ذات المحامي رفع ضده قضيتين سابقا وخسرهما متهما أن هذا المحامي له علاقة وثيقة مع رجل أعمال معروف (شفيق جراية) تعوّد على تشويه سمعته والتشهير به، بحسب كمال لطيف.
وكشفت وزارة لعدل أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس اتخذ قرارا بإجراء بحث منذ 7 جوان 2011، طبقا للفصل 31 من مجلة الإجراءات الجزائية وعهد بذلك إلى أحد قضاة التحقيق طالبا منه فتح بحث وإصدار البطاقات القضائية اللازمة.
من جانبه أصدر قاضي التحقيق المتعهّد بالملف منذ 7 جويلية 2011 إنابة للجهات الأمنية المختصّة بالبحث في مسائل محدّدة واستمرّت الأبحاث بسماع الشاكي وعدد من الشهود، وفق بيان الوزارة.
ويلاحظ أنه الاجراءات بخصوص هذه القضية توقفت أكثر من عام قبل استئنافها يوم 17 أكتوبر 2012 بإصدار قاضي التحقيق قرار في اطّلاع وكيل الجمهورية على أوراق البحث. لتطلب بعد ذلك النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس من قاضي التحقيق المتعهّد بالملف يوم 19 أكتوبر 2012 توجيه تهمة التآمر الواقع لارتكاب أحد الاعتداءات ضدّ أمن الدولة الداخلي طبق الفصل 68 من المجلة الجزائية ضدّ كلّ من عسى أن يكشف عنه البحث وإصدار البطاقات القضائية اللازمة بعد سماع عدد آخر من الشهود.
ويفيد بيان وزارة العدل أن قاضي التحقيق أصدر قرارا بتحجير السفر على السيد كمال اللطيف منذ 25 أكتوبر 2012، الى أن يأتي ما يخالف ذلك ومواصلة الابحاث في القضية.
استغراب
ويستغرب بعض المراقبين اقتصار وزارة العدل في توضيحها على رجل الأعمال كمال لطيف من دون الكشف عن مورطين آخرين الذين لمحت إلى تواجدهم في بيانها. كما يتساءل بعضهم عن مدى قدرة مواطن عادي على توفير أدلة واثباتات حول تورط شخص ما في قضية أمنية خطيرة وهي التآمر على أمن الدولة وعن غياب الأجهزة الأمنية التابعة للدولة والمتخصصة في الأمن القومي في مثل هذا الملف الخطير.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن مؤامرات انقلابية في تونس والتآمر على الدولة بعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، حيث اتهمت سابقا الحكومة الحالية أطرافا لم تكشفها بمحاولة انقلابية بعد احداث 9 أفريل 2012 كما تم تسريب فيديو يظهر فيه زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي في لقاء مع أطراف يرجح أنهم من التيار السلفي يعمل على اقناعهم بعدم التسرع في مخططاتهم مادام الجيش والأمن تحت سيطرة حزبه ويلاحظ أنه لم يتم رفع قضية بخصوص هذين الحادثتين رغم خطورتها وجدية مصدرها.