يبدو أن الثورة التونسية ليست الوحيدة التي عمّقت جراح المؤسسات التونسية و عطّلت مصالح رجال الاعمال,فالثورة الليبية أيضا ألقت بأعبائها على عدد من المؤسسات الأجنبية المنتصبة على ترابها ومنها المؤسسات التونسية أو التونسية – الليبية التي تعرضت إلى نفس الأحداث التي شهدتها تونس أثناء الثورة من عمليات نهب وتخريب وتعطّل للمصالح والأعمال.
مشاغل حملها عدد من المستثمرين التونسيين في ليبيا الذين واكبوا صباح اليوم فعاليات الملتقى التونسي الليبي للاستثمار والشراكة في القطاعات الفلاحية والغذائية والبناء والأشغال العامة و الذي تحتضنه تونس من 27 إلى 28 من الشهر الجاري وطرحوا مجموعة من الاسئلة المتعلقة بمصير هذه المؤسسات المتضررة وطرق جبر الأضرار وكذلك دور الحكومة الليبية في صرف التعويضات الضرورية ومحاولاتها لاستعادة ثقة المستثمرين الأجانب في مناخ الأعمال الليبي وخاصة في الظروف الامنية الراهنة؟
وفي هذا السياق, أفادنا الجليدي العرف ,مدير مجموعة بولينا بليبيا والتي تضم 14 شركة متواجدة على التراب الليبي و تشغل حوالي 1500 عامل من بينهم ألف عامل تونسي أن 250عاملا فقط عادوا إلى حد الآن لمباشرة عملهم في ليبيا في حين لايزال البقية في تونس.
وأضاف مدير مجموعة بولينا بليبيا أن حجم استثماراتها في ليبيا يبلغ 200 مليون دينار وأنه على الرغم من عودة بعض المشاريع للعمل فإن البعض الآخر لا يزال معطّلا ,مشيرا إلى أن الأضرار الكبيرة قد لحقت مؤسسات تونسية ليبية مشتركة متواجدة خاصة في الجنوب كما أضاف أن مجمع بولينا تكفل بمصاريف عودة العمال التونسيين عند اندلاع الثورة بليبيا حيث سخّرت لهم طائرة لتقلهم إلى تونس كما أنها صرفت حوالي 2 مليون دينار لهؤلاء العمال عند عودتهم إلى تونس وهو الأمر الذي كبّد المجموعة خسارة كبرى ومصاريف إضافية في الوقت التي تعطّلت فيه أشغالها.
من جانبه,حدثنا مدير عام مجمع مقاولات وأشغال عامة ,فرع ليبيا, والتي لها العديد من الفروع في عدد من الدول الافريقية وساحل العاج,عصام بن يوسف عن الصعوبات التي مرّ بها المجمع جرّاء ثورة ليبيا وكذلك أحداث ساحل العاج.
وقال أن فرعهم في ليبيا متواجد منذ سنة 2006 وأن الشركة الأم التي تأسست منذ سنة 1974 تضم حوالي 3500 عامل كان منهم حوالي 85 عاملا تونسيا في ليبيا قبل الثورة الليبية.
وذكر بن يوسف أن أعمال الشركة توقفت بعد الثورة وهم الآن بصدد حصر الأضرار التي اعتبرها طفيفة نظرا لأنهم قاموا بتأمين معدّاتهم لدى الخواص و قاموا باسترجاعها بعد الثورة.
وعبّر عن استعدادهم لمباشرة العمل في أقرب الآجال خاصة وأن الحكومة الليبية دعت كافة شركائها المحليين والأجانب إلى مواصلة أعمالهم مقابل تنازل عن 50 بالمائة من مستحقاتها(فواتير كهرباء وخدمات….) وذلك في انتظار صرف التعويضات.
وعن حجم أضرار الشركة قال بن يوسف أنها وصلت إلى حدود 500 ألف دينار بالنسبة لليبيا و 6 مليون دينار في ساحل العاج كما أوضح أن شروط استعادة واستئناف النشاط يبقى دائما رهين التحسن الأمني واتضاح الرؤيا اللذين من المنتظر وحسب رأيه أن يتحسنا في غضون ال 3 أشهر مقبلة.
لجان لتقييم الأضرار
عضو المجلس الليبي لصناع وتجار المواد الغذائية,مفتاح عمر الشريف وعلى الرغم من عدم استحضاره لرقم المؤسسات الاجنبية المتضررة من أحداث الثورة الليبية,قال أن الحكومة الليبية شرعت في تكوين لجان مختصة هي جاهزة الآن لتقييم الأضرار في الشركات التونسية وغير التونسية المتضرّرة وتعويضها عن طريق مبالغ مالية مباشرة.
وأكد أن ليبيا قامت بعديد التسهيلات والإجراءات على غرار تطوير قانون الاستثمار حتى يكون أكثر مرونة بما يمكن المستثمر المحلي أو الأجنبي من الاستثمار في ليبيا,مبرزا أن المستثمر التونسي يحظى بميزة خاصة من حيث الاتفاقيات التي من شأنها أن تمكن من إقامة علاقات اقتصادية ايجابية بين الطرفين.
أما على المستوى الأمني فأوضح أن المناخ الأمني في ليبيا مستقر وأنه لا خوف على الاستثمار والمستثمرين في ظل هذه المعطيات الجديدة التي أفرزتها الثورة في ليبيا.
ويذكر وفقا لما أفادنا به رياض عطية, مدير مركزي بمركز النهوض بالصادرات أنه يتواجد بليبيا حوالي 30 مشروعا تونسيا بما قيمته 176 مليون دولار أمريكي إضافة إلى ما يقارب ألف مؤسسة تونسية مصدّرة نحو ليبيا.
كما أشار المدير المركزي لمركز النهوض بالصادرات إلى أن عدد هذه المؤسسات المتضرّرة بعد الثورة الليبية ضئيل لا يتجاوز 10 مؤسسات.
شادية الهلالي