افريكان مانجر-وكالات
بدأت الهزات الارتدادية، التي خلّفها حراك الشعب الجزائري، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، تصل إلى الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط، حيث أبدت بعض عواصم الجنوب الأوروبي قلقها من تأثير الانسداد السياسي الذي تعيشه الجزائر، على إمدادات الطاقة، لكون الجزائر الممون الرئيسي للمنطقة بالغاز الطبيعي.
أول المخاوف جاء من باريس، التي لا تزال تلتزم الصمت رسمياً حيال تطور الأوضاع في الجزائر، إذ كشفت مجلة “لو نوفيل أوبسرفاتور” الفرنسية في عددها الصادر في الثامن والعشرين من فيفري الماضي، على لسان مسؤول في قصر الإليزيه أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جدّ قلق مما تعيشه الجزائر، لعدة أسباب منها احتمال تضرر جنوب فرنسا خاصة، من اضطرابات في إمدادات الغاز، ولا سيما أن الجزائر تعدّ الممون الأول لفرنسا”.
وتعدّ مدريد، ثاني عاصمة أوروبية تبدي مخاوفها من احتمال انفلات الأوضاع الأمنية في الجزائر، وتأثير ذلك على تدفق الغاز، إذ كشفت عدة صحف في مقدمتها “الباييس” في الثاني من مارس الجاري، عن وجود مخاوف لدى السلطات الإسبانية من تضرر العلاقات التجارية والاقتصادية والطاقة بين البلدين في حال سقوط البلاد في مستنقع الفوضى، أو التغيير المفاجئ للنظام، فالجزائر تعدّ ثالث مستورد من إسبانيا وأول ممون للدولة الأوروبية بالغاز الطبيعي.
لكن صحيفة “الموندو” الإسبانية نقلت عن فرانسيسكو ريناس، رئيس الشركة الإسبانية لتوزيع الغاز “ناتوريجي”، قوله في الرابع من الشهر الجاري إنه “لا خطر على إمدادات الغاز القادمة من الجزائر إلى إسبانيا عبر الأنابيب”.
وقال ريناس: “مهما سيحدث بشأن الرئاسيات في الجزائر، فإن عقد توريد الغاز من طرف المجمع الوطني للبترول والغاز (سوناطراك) سيستمر الالتزام ببنوده”.
وأشار إلى أن إمدادات الغاز الجزائري غطت نحو 51،3% من الحاجات الإسبانية خلال العام الماضي 2018، منها 47% عبر خط أنابيب الغاز “ميدغاز” المغاربي الذي يمر عبر المغرب وصولاً إلى إسبانيا، والبقية عبارة عن كميات من الغاز الطبيعي المسال، علماً أن سوناطراك تحوز 4% من أسهم شركة “ناتوريجي” الإسبانية ولها عائدات من تسويق الغاز في الشبكة الداخلية الإسبانية.
كما كتب الأمين العام الأسبق للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، مقالاً طويلاً نشر في المواقع الغربية في الرابع من مارس الجاري، حول ما تعيشه الجزائر واحتمال تضرر دول جنوب القارّة الأوروبية من تطور الأحداث، قائلاً: “الجزائر بلد جد مهم لفرنسا وإسبانيا وحتى إيطاليا، فهي على بعد 130 كيلومتراً عن مدينة ألميريا جنوب شرق إسبانيا على البحر المتوسط، والأهم أن هذه البلدان الثلاثة لديها تبعية في الغاز للجزائر”.
وتعتبر الجزائر من أهم مموني القارّة الأوروبية بالغاز الطبيعي، إذ تستورد القارّة العجوز قرابة 30% من حاجاتها من الغاز من الجزائر عبر ثلاثة أنابيب.
وحسب بيانات رسمية، تحوز إيطاليا أكبر حصة من الغاز الجزائري بنحو 60%، تليها إسبانيا بنحو 20%، وفرنسا 12%، ثم البرتغال 7%، وسلوفينيا 1%.
ووسط توالي المخاوف الغربية من مستقبل إمدادت الغاز الجزائري نحو الجنوب الأوروبي، تسعى السلطات الجزائرية إلى طمأنة الدول المستوردة، وخاصة أنه لم يمض سوى أشهر معدودة على تجديد أغلب العقود، وخاصة مع إسبانيا وفرنسا.
المصدر: العربي الجديد