تونس- افريكان مانجر
غياب احصائيات دقيقة وأرقام رسمية بخصوص تعاطي المواد المخدرة في تونس لا ينفي تنامي الظاهرة خاصة في صفوف الأطفال والشباب، استنادا الى ما أكده منصف بن عبد الله المندوب العام لحماية الطفولة بوزارة المرأة في حوار مع “افريكان مانجر”.
“كسر حاجز الصمت”
وقال بن عبد الله إنّ المخدرات واحدة من “الآفات التي استفحلت في المجتمع وقد حان الوقت لكسر حاجز الصمت بشأن هذا الموضوع”، وتبعا لذلك أطلقت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ مؤخرا المبادرة الوطنية للوقاية من مخاطر المخدرات، على أنّ تتواصل الى غاية تحقيق أهدافها وتحصين الاسرة التونسية، بحسب تعبير المصدر ذاته.
وأوضح أنّ المُبادرة تأتي في إطار تطبيق قرارات رئيس الجمهورية بتكثيف الجهود الوطنية للوقاية من الظواهر والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر وفي مقدّمتها آفة المخدّرات، وتنخرط فيها الى جانب وزارة المرأة كل الوزارات والهياكل المعنية على غرار وزارت الداخلية والصحة والشؤون الدينية ….
وتبعا لذلك تمّ إعداد مخطط اتصالي وطني للتوعية حول مخاطر المخدرات، وتم في هذا الاطار إنجاز الومضة التوعوية الوطنية للوقاية من مخاطرها ووقع الشروع في تنزيلها على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة العديد من الوجوه الإعلامية والرياضية والفنية المعروفة، لافتا الى أنّه لا يمكن التعاطي مع ملف المخدرات من الجانب الأمني فقط مُشددا على ضرورة تناول الموضوع من جانب أمني وديني ومجتمعي وصحي…
25 ألف إشعار
وكشف المندوب العام لحماية الطفولة عن وجود توجه لإنجاز دراسة إحصائية لمعرفة الأرقام الحقيقية والرسمية بخصوص استهلاك المواد المخدرة، وقال إنّ مندوبي حماية الطفولة يتلقون سنويا نحو 25 ألف إشعار لأطفال في وضعية تهديد، يتعلق أغلبها بالعجز عن الإحاطة والتربية، وفي إطار التقصي والعمل على دراسة الموضوع يتمّ الكشف عن حالات تستهلك المخدرات.
ويرى مُحدثنا أنّ ارتفاع عدد الإشعارات الى 25 ألف، يعكس تحسن نسبة الوعي لدى التونسي والمؤسسات في الاتصال بمندوبي حماية الطفولة، مشيرا في هذا الصدد الى تدعيم السلك بـ 40 مندوب حماية ليصل العدد الجملي الى 100 مندوب موزعين على كامل تراب الجمهورية.
ولفت الى وجود الخط الأخضر 192 والخط 1809 للإبلاغ عن حالات التهديد التي يتعرض لها الطفل.
وفي غياب دراسات حديثة عن استهلاك وادمان المخدرات في تونس، فإنّ دراسة ميدانية تعود الى سنة 2014، صادرة عن وحدة علوم الإجرام بمركز الدراسات القضائية، تُشير الى ان نسبة الادمان على المخدرات في تونس ارتفعت 70 % بعد سنة 2010، فيما لوحظ أن 30% من الفتيات في تونس يدمن المخدرات. كما أن 60% من المدمنين هم من الفئة العمرية المتراوحة بين 13 و18 عاما.
وأظهرت الدراسة أن 30 بالمائة من فتيات تونس مدمنات على مختلف أنواع المخدرات وأن هذه النسبة ترتفع لدى الطالبات بالمعاهد الثانوية وبالجامعات لتبلغ 40 في المائة مقابل 60 في المائة لدى الذكور.
بلد إستهلاك
من جانبه، أكد رئيس الجمعية التونسية للوقاية من المخدرات الدكتور عبد المجيد الزحاف في حوار مع “افريكان مانجر” انتشار المخدرات “بصفة مهولة خلال السنوات الأخيرة”، مبينا أنّ تونس لم تعد بلد عبور وأصبحت اليوم دولة إستهلاك، وفق قوله.
ورغم غياب أرقام حديثة ومؤشرات إحصائية جديدة حول الظاهرة، فإنّه ” يوجد على الأقل شخص في العائلة سواء الصغيرة او الموسعة يتعاطى المواد المخدرة”، وقال إنّ الأرقام المُتداولة حاليا تُشير الى وجود نحو 60 ألف شخص يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن، أما عدد المستهلكين لمادة القنب الهندي أو ما يُعرف بـ “الزطلة” فيتجاوز عتبة الـ 600 ألف في حين يبلغ عدد متعاطي الأقراص المهدئة تقريبا 500 ألف…
ورجح مُحدثنا أن تكون الأرقام أكثر ممّا سبق ذكره، مُبينا أنّه يوجد في كلّ عائلة سواء كانت صغيرة أو مُوسعة على الأقل فرد يتعاطى المخدرات، وذكر انّ الجمعية أنجزت خلال السنوات الأخيرة استبيانا شمل 10 مدارس.
وكشف الاستبيان وجود أطفال أعمارهم تتراوح بين 10 و12 سنة يتعاطون المخدرات، مُشيرا الى أنّ نسبة استهلاك التلاميذ للمخدرات تراوحت بين 6 و10 بالمائة.
ودعا الزحاف الى ضرورة تكثيف الجهود ومضاعفتها للتصدي لمواجهة ظاهرة استهلاك المخدرات.
أكبر العمليات في تاريخ تونس
وفي إطار الحرب المتواصلة على المخدرات وفي أكبر عملية حجز في تاريخ تونس، تم تفكيك شبكة دولية لترويج المواد المخدرة وحجز أكثر من “مليون” قرص مخدر “إكستازي” بقيمة تتجاوز 40 مليون دينار.
ووفق معطيات صادرة عن الإدارة العامة للحرس الوطني، فانه بناءً على معلومات دقيقة توفرت لدى إدارة الإستعلامات والأبحاث للحرس الوطني، بشأن اعتزام شبكة دولية لترويج المخدرات تستهدف الأوساط التربوية والشبابية بالأقراص المخدّرة من نوع “إكستازي”، وفي عمل أمني نوعي مشترك بين مختلف الوحدات الذي تم تنفيذه إنطلاقا من إحدى معتمديات ولاية نابل تم إيقاف أطراف من الوفاق المذكور، كما أمكن حجز مايقارب “مليون و200 ألف” قرص مخدّر من نوع “إكستازي” بقيمة تجاوزت 40 مليون دينار وعدد من السيارات الفاخرة استعملت في عمليات النقل، ومبلغ مالي.
وتمت العملية النوعية وفق ذات البلاغ بعد متابعة دقيقة ورصد محكم لتحركات الشبكة لمدة أشهر، تمت على اثرها مباشرة الأبحاث من أجل جرائم تتعلق بـالتوريد والتوسط والاتجار بالمواد المخدرة وغسيل أموال.