تونس-افريكان مانجر
من المنتظر أن تعلن تونس خلال هذه السنة عن قانون جديد للصرف والذي يهدف إلى تعصير منظومة الحالية للصرف عبر إقرار مبدأ مواصلة التمشي التحرري التدريجي من أجل بلوغ مرحلة التحرير الكلي للعلاقات المالية مع الخارج مع المحافظة على التوازنات الاقتصادية الكليّة.
و في هذا السياق أكد محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، في تصريح سابق بأن قانون الصرف الجديد سيسمح وبصفة تدريجية بالتحرير الكلي للدينار التونسي ،حيث سيتضمن إجراءات تتعلق بالمعاملات المالية و الالكترونية، فضلا عن تسهيل نفاذ المؤسسات الناشئة إلى الأسواق الخارجية، إلا انه لن يسمح بفتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
و تضمنت النسخة الأولية لقانون الصرف الجديد ، بحسب وثيقة تحصلت عليها افريكان مانجر ، فصولا تهم مراجعة الآجال وتبسيط الإجراءات المتعلقة بفتح الحسابات بالعملة الأجنبية بالنسبة للمستثمرين والسماح وفق شروط للوسطاء المرخص لهم المقيمين باعتمادهم كضامن للبنوك الأجنبية وللفروع المفتوحة في الخارج بما يسمح بتنفيذ التمويل المطلوب من قبل المؤسسات المتعاملة مع الأسواق الخارجية.
مراجعة عميقة لمفهوم الاقامة
و من بين الإجراءات الجديدة ، و التي تهم محاور تعصير مجلة الصرف ، تم إقرار التقليص في مدة الإقامة الدنيا للحصول على صفة المقيم أو غير المقيم من سنتين إلى 183 يوما في السنة واعتماد معيار مركز النشاط المهيمن ، مما سيمكن من الاستجابة للوضعيات الحقيقية لأشخاص الطبيعيين التي أصبحت تتميز بمرونة التنقل واتساع مراكز النشاط وتشابكها.
و تضمنت الفصول الجديدة مراجعة عميقة لمفهوم الإقامة ، عبر منح صفة غير المقيم بشكل دائم بالنسبة للمستثمرين الأجانب، مما سيمكنهم من تفادي الإشكاليات التي يتعرضون لها حاليا و المتمثلة في الغموض حول صفتهم بعد إقامتهم سنتين بالبلاد التونسية و بالتالي انتفاعهم بحرية التصرف في استثماراهم وإعفائهم من طلب في ترخيص البنك المركزي التونسي لتحويل المرابيح أو مداخيل التفريط في الاستثمار.
و سيكون لإجراءات الإقامة الجديدة انعكاسات ايجابية لتمكين التونسيين الناشطين بالخارج من فتح حسابات بالعملة دون انتظار مدة سنتين ، بالإضافة إلى منح إمكانية فتح حسابات بالدينار التونسي الى الأشخاص الطبيعيين الأجانب الأمر الذي يؤدي على تنويع مصادر الدخل بالعملة بالنسبة للبنوك التونسية. كما سيتم تمكين الأشخاص الذين يمارسون العمل عن بعد مع وجودهم بالبلاد التونسية خلال فترة من السنة من المحافظة على صفة غير مقيم وبالتالي مواصلة انتفاعهم بالتسهيلات الصرفية.
تحرير التحويلات بعنوان الاستثمار
و تضمنت النسخة الأولية من القانون الجديد إقرار حذف ترخيص البنك المركزي التونسي بالنسبة إلى جميع عمليات الاستثمار الأجنبي بتونس بما في ذلك الاستثمار في القطاعين العقار ي والتجاري و و الاقتصار بالتالي على تراخيص الملائمة التي تمنحها الجهات المختصة بمقتضى قوانين الاستثمار أو القوانين الخاص .
و أقر القانون الجديد مبدأ تحرير التحويلات بعنوان الاستثمار بالخارج مع تمكين السلطة الترتيبية بمقتضى أمر من وضع أسقف للتحويلات خلال مرحلة انتقالية على أن تأخذ بعين الاعتبار عند وضع هذه الأسقف، جملة من المعايير الموضوعية وخاص منها آفاق تدويل نشاط المؤسسات التونسيةو متطلبات النمو و التوازنات المالية الكبرى للاقتصاد الوطني و عائدات الاستثمار بالخارج.
وتجدر الإشارة إلى أن حجم التحويلات بعنوان الاستثمار بالخارج قد بلغت خلال الفترة الممتدة من سنة 2000 إلى سنة 2021 حـوالي 1586 م.د. أما المداخيل المرتبطة بهذه الاستثمارات فقد ناهزت خلال نفس الفترة حوالي 968,6 م.د. في حين و أن المداخيل المتعلقة بتصفية الاستثمارات فقد بلغت 406,5 م.د.
مراجعة نشاط الصرف اليدوي
و جاءت الإصلاحات الجديدة في النسخة الأولية لقانون الصرف بمراجعة منظومة نشاط الصرف اليدوي عن طريق مكاتب صرف وذلك من خلال فتح هذا النشاط إلى الذاوات المعنوية المكونة في شكل شركات ذات مسؤولية محدودة أو خفية الاسم مع تفويض تحديد الشروط المالية والكفاءة المهنية والسمعة والنزاهة الخاصة بهذا النشاط إلى أمر المحافظة على آلية الترخيص في ممارسة هذا النشاط وتحديد الشروط التقنية المتعلقة بعمليات الصرف اليدوي عن طريق البنك المركزي التونسي.
و دعا القانون الجديد إلى توضيح الإطار الذي يمكن أن تمارس فيه مؤسسات الدفع عمليات الصرف اليدوي تطبيقا ألحكام الفقرة الثانية من الفصل 20 من القانون عدد 48 لسنة 2016 المتعلق بالبنوك و المؤسسات المالية بالإضافة إلى منح مدة 3 سنوات لمكاتب الصرف الحالية لكي تتحول إلى شركات مع ضبط رأس المال الأدنى و حجم الأموال الذاتية الصافية.
وقد بلغ عدد مكاتب الصرف المرخص لهم في ممارسة نشاط الصرف اليدوي 325 مكتبا سنة 2018 منها 90 %في حالة نشاط فعلي موزعة بشكل متفاوت على مختلف واليات الجمهورية.
كما وصل حجم العملات التي تم شراؤها لدى المسافرين من قبل هذه المكاتب 5739 مليون دينار ومثلت حصة مكاتب الصرف في سوق الصرف اليدوي حوالي 47%مقابل 53%بالنسبة للبنوك خلا سنة 2022.
فتح حسابات بالعملات أو بالدينار
و أقرت النسخة الأولية إمكانية فتح حسابات بالعملات أو بالدينار القابل للتحويل لجميع المقيمين الذين لهم موارد أو مداخيل بالعملات وذلك في نطاق الحالات وطبقا لشروط والمقاييس لتي يضبطها البنك المركزي التونسي.
و على هذا الأساس سيتم توسيع هذه القائمة تدريجيا بمقتضى مناشير يصدرها البنك المركزي وفقا خاصة لتطور الوضعية الاقتصادية لتشمل الناشطين في قطاع الخدمات الحرةfreelance و الأشخاص الطبيعيين الذين يسدون خدمات بالخارج في إطار عقود عمل مبرمة مدة معينة مع الشركات الغير مقيمة و الأشخاص الطبيعيين الذين يحققون أرباحا بعنوان استثمارات في شركات غير مقيمة منتصبة بالخارج أو بالبلاد التونسية.
ويهدف هذا الإجراء أيضا إلى تحفيز الأفراد على إرجاع المداخيل التي يحققونها بالعملات بتونس وبالتالي دفع الادخار بالعملات.
كما سيتم إقرار حق المقيمين في فتح حسابات دفع لدى مؤسسات ومنظومات الدفع والتبادل والتجارة الالكترونية الأجنبية على غرار منظومةPaypal وذلك سعيا وراء تطوير الدفع الالكتروني وذلك حسب ما ستفضي إليه المفاوضات التقنية مع هذه المؤسسات والمنظومات المذكور من نتائج.
مراجعة المخالفات الصرفية
و سيصاحب هذه الإجراءات كذلك مراجعة المخالفات الصرفية والعقوبات المترتبة عنها وذلك عبر تصنيف المخالفات الصرفية لأول مرة قصد تحقيق المزيد من الشفافية تجاه جميع المتعاملين الاقتصاديين مع الخارج ، بالإضافة إلى التخفيض مدة العقوبة الجسدية من خمس سنوات إلى سنتين الخاصة بالمخالفات الصرفية باعتبار صبغتها الاقتصادية، مما يؤدي هذا الإجراء إلى إقصاء الجرائم الصرفية من مجال التجريم الذي ينص عليه القانون 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال ، مع الترفيع في الخطايا المالية الدنيا من 300.000 د إلى 500.000 د.
هذا و يتم حاليا مناقشة أهم المحاور التي جاءت بمشروع القانون الجديد و ذلك في إطار ورشة عمل تحت إشراف رئاسة الحكومة وبمشاركة عدد من الوزارات على غرار وزارة المالية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ووزارة الصناعة والمناجم والطاقة، ووزارة التجارة وتنمية الصادرات، ووزارة التشغيل والتكوين المهني، ووزارة تكنولوجيات الاتصال، ووزارة النقل، ووزارة السياحة، والبنك المركزي التونسي.