تونس-افريكان مانجر
شهدت العلاقات التونسية الأردنية خلال السنوات الأخيرة تطورا هاما على الصعيد الاقتصادي و التجاري وذلك من خلال تعزيز آليات التعاون الثنائي بين البلدين و تفعيل اللجان القطاعية المشتركة التي تهدف إلى استجلاء المكامن الاستثمارية و التصديرية والنظر في السبل الكفيلة بتوسيع قاعدة التبادل التجاري بين البلدين، بحسب ما أكده السفير التونسي بالأردن خالد السهيلي.
آليات التعاون الثنائي
وفي حوار خاص لموقع افريكان مانجر، أكد السفير التونسي بعمان-الاردن، خالد السهيلي، أن العلاقات الثنائية بين البلدين عرفت نقلة نوعية منذ سنة 2018 حيث تم تفعيل 20 لجنة قطاعية ذات طابع اقتصادي و تجاري، بالإضافة إلى علاقات التعاون و التعامل المستمر بين الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة و الصناعات التقليدية و غرفتي التجارة و الصناعة الأردنية.
واعتبر السهيلي، أن ثراء الإطار القانوني بين البلدين الذي يُغطي معظم مجالات التعاون ساهم في تحسين و تطوير المبادلات، على غرار اتفاقية التجارة الحرة التونسية-الأردنية التي تم توقيعها سنة 1989 و اتفاقية منظمة التجارة العربية الكبرى.
وقد تم بداية السنة الجارية، عقد الدورة الأولى للجنة التجارية المشتركة التي تم خلالها مناقشة الصعوبات التي من شأنها أن تحد من انسياب السلع بين البلدين إلى جانب طرح مسألة تسويق مادة زيت الزيتون التونسي للأسواق المجاورة عبر بوابة الأردن في إطار التكامل و المنفعة المشتركة.
تونس بوابة الأردن للأسواق الإفريقية
و استنادا لما أكده السفير التونسي بالأردن، فانه تم الاتفاق خلال انعقاد اللجنة التجارية المشتركة على ان تونس يمكن أن تكون بوابة الأردن للولوج للأسواق الإفريقية.
وأضاف قائلا: “تونس تسعى أن تكون بوابة الأردن للأسواق الإفريقية و بالإمكان أن تكون الأردن كذلك بوابة لتونس لأسواق الدول المجاورة لها…وبذلك يصبح البلدان بوابة استثمار و أعمال”.
تطور المبادلات التجارية
وفي معرض حديثه عن حجم التبادل التجاري، قال السهيلي، إن التبادل التجاري بين تونس و الأردن و على الرغم من انعكاسات جائحة كوفيد-19، إلا أنها حققت تطورا بنسبة 18%، حيث بلغت سنة 2021، 107،6 مليون دينار، مقابل 85 مليون دينار سنة 2020.
ولفت إلى أنه لأول مرة تتجاوز المبادلات التجارية بين البلدين عتبة 100 مليون دينار، و قد سجل الميزان التجاري السنة الماضية فائضا يقدر بـ 3،8 مليون دينار أي بنسبة تغطية 107،3%.
كما سجلت الصادرات التونسية نحو السوق الأردنية نموا خلال العام الفارط بنسبة 35،85%، إذ بلغت حوالي 56 مليون دينار، مقابل 44 مليون دينار سنة 2019.
و أبرز محدثنا، أن مجالات التصدير متعددة و أبرزها الأسماك الطازجة، حيث تقوم تونس أسبوعيا بتصدير 10 أطنان من السمك الطازج إلى السوق الأردنية.
وأشار، الى أن منتوجات البحر و الأسماك تمثل 30% من حجم الصادرات نحو السوق الأردنية إلا أنها، شهدت نوعا من التراجع بسبب عودة المنافسة التركية و المصرية إلى جانب منافسة المنتوجات الاسياوية إلى المنتوج التونسي بشكل عام.
وتاتي في المرتبة الثانية في قائمة الصادرات التونسية نحو الأردن، القواطع الكهربائية و المواد الغذائية و معلبات السردين و التن و العجين الغذائي و قطع غيار السيارات و السيراميك و البلاط و فسفاط الصوديوم.
وخلص إلى أن الصادرات التونسية نحو السوق الأردنية تتميز بتنوعها و شموليتها لكل القطاعات و المجالات.
وفي سياق متصّل، فقد بلغت الواردات التونسية من الأردن 51،9 مليون دينار خلال سنة 2021 مقابل 33،2 مليون دينار سنة 2020، و نُشكل الأدوية أكثر من نصف المشتريات الجملية تليها الأسمدة و الأنابيب البلاستيكية.
إشكاليات الشحن الجويّ
وأفاد المصدر ذاته، أن من بين أهم الإشكاليات التي تقف عائقا أمام مزيد تطوير المبادلات التجارية تتعلق خاصة بارتفاع تكلفة الشحن بسبب عدم وجود خط شحن جوّي مباشر وهو ما يدفع بالمصدرين إلى إرسال بضاعتهم عبر تركيا، فضلا عن أن المملكة الأردنية تحتكر الخطّ و بأسعار مشطه، وفق تعبيره.
وفي رده عن سؤال يتعلق بأسباب عدم وجود خط مباشر بين البلدين، أوضح السهيلي، انه تم تعليق الخط الجوي المباشر سنة 2008 بسبب نقص الأسطول لدى الناقلة الوطنية.
ودعا السهيلي، السلطات التونسية إلى التفكير في إرساء خط مباشر في اقرب وقت ممكن نظرا لمردوديته على المبادلات الاقتصادية و التجارية بين البلدين.
ويرى السهيلي، أنه على الرغم من ثراء الإطار القانوني و الإمكانيات و الفرص المتاحة فقد بقي حجم المبادلات التجارية دون المأمول و لا يتناسب مع الإمكانيات و الفرص المتاحة و لا يتماشى كذلك مع الأطر القانونية الموضوعة بين البلدين.
القطاع السياحي
وبخصوص المجال السياحي، يقول السفير التونسي، “ان تونس بادرت سنة 2015 من منطلق قناعتها بأهمية التقارب و تشبيك العلاقات و المصالح التجارية بين البلدين برفع التأشيرة على الأردنيين وهو ما ساهم في تسهيل تدفق سياح هذا البلد على تونس”.
وأضاف، “من جهتها الأردن قامت سنة 2019 بإلغاء التأشيرة على التونسيين، وهي كلها عوامل ساهمت في تحسين الأرقام في المجال السياحي بشكل خاص و تعزيز التبادل التجاري بشكل عام”.
وقد بلغ عدد السياح الأردنيين الذين زاروا تونس خلال سنة 2021، 2725 سائحا مقابل 1488 زائر منذ بداية السنة الجارية.
وأفاد محدثنا، أن عدد السياح بين البلدين قبل تفشي فيروس كورونا في العالم كان في حدود الـ7000، مؤكدا أن القائمين على هذا القطاع من الجانبين يعملون على توفير كل الإمكانيات و الظروف الملائمة لعودة النسق.
دور القطاع الخاص
وفي معرض حديثه عن دور القطاع الخاص في تعزيز التعامل و التبادل التجاري و الاقتصادي،اعتبر السهيلي، انه من الضروري أن يضطلع القطاع الخاص بدور كبير في تعزيز المصالح و تحقيق المنفعة المشتركة مع التركيز على القطاعات الواعدة التي تتيح فرص التكامل بين البلدين على غرار صناعة الأدوية و المستلزمات الطبية و الاقتصاد الرقمي و النسيج و الملابس و السياحة و الصناعات التقليدية.
ودعا السفير التونسي بالأردن، القطاع الخاص إلى المبادرة باستغلال الفرص و الإمكانيات المتاحة و استغلال الحوافز و آليات التعاون الثنائي لدفع الاستثمار و تطويره.
ولفت إلى وجود لجنة مشتركة تونسية أردنية في مجال الاستثمار تساعد و تسهل عملية انسياب السلع، إلى جانب لجان أخرى في مجال تهيئة و انجاز المدن الصناعية و في عديد المجالات وهي لجان تعمل على تذليل الصعوبات و العراقيل التي تحول دون تقدم الأعمال و تطوير الاستثمار.
كما شدد على ضرورة استغلال القطاع الخاص بالبلدين للحوافز والامتيازات التي تتيحها الاتفاقيات على الصعيد الثنائي ومتعدد الأطراف بالاضافة إلى استغلال الميزة التفاضلية لموقعي البلدين كمنصتي أعمال واستثمار للولوج إلى الأسواق المجاورة والأمريكية والكندية والأوروبية والأفريقية.
وبحسب السهيلي، فان تونس على مستوى التبادل التجاري العربي، فإنها تحتل المرتبة السادسة من حيث المبادلات التجارية بعد الإمارات و مصر و السعودية و الأردن و قطر.
جدير بالذكر، فانه تم الاتفاق مؤخرا على تنظيم زيارة عمل لوزير الاستثمار الأردني إلى تونس، بمناسبة عقد اجتماع اللجنة المشتركة التونسية-الأردنية في مجال الاستثمار.
المشاركة في إعادة الاعمار
وفي حديثه عن فرص الاستثمارات المتاحة، أكد خالد السهيلي، توفر عديد الفرص للمؤسسات الاقتصادية التونسية لتطوير و تنويع مجالات أعمالهم في الأردن، بالإضافة إلى إمكانية المساهمة في إعادة اعمار العراق و سوريا.
الاستثمارات الأردنية في تونس
وتُقدر حجم الاستثمارات الأردنية في تونس بـ339 مليون دينار، وتوجد 16 شركة مستثمرة بتونس توفر 1398 موطن شغل.
وتنشط الشركات الأردنية في قطاعات الصناعات الغذائية و الصناعات الصيدلانية ومجالات أخرى مختلفة أبرزها الخدمات و البلاستيك.
وفي ختام حوارنا، شدد السفير التونسي بعمان –الأردن خالد السهيلي، على أن العلاقات الأردنية التونسية سواء السياسية أو الاقتصادية متميزة و في تطور متواصل و شهدت زخما خلال السنوات الأخيرة.
وتابع قائلا:” سنعمل على مزيد تطوير هذه العلاقات ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي نظرا لمردوديتها و أهميتها بالنسبة للبلدين”.