من المتوقع أن يكشف تقرير لمؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” لسنة 2012 يصدر خلال الأسبوع أن التقشف المالي و ضغط الاجور يزيدان من ضعف النمو في البلدان المتقدمة
و التقرير الذي سيعرض للرأي العام والمختصين تحت عنوان “سياسات النمو الشامل والمتوازن “يؤكّد حسب مصادر اقتصادية دولية أن الاقتصاد العالمي يتباطأ أكثر مع وجود مخاطر قوية للانكماش وتواصل ركود النمو في الدول المتقدمة ,مما أدّى الى تراجع النمو العالمي من 4,1 في المائة سنة 2010 الى 2,7 في المائة سنة 2011 و يتوقع الخبراء استمرار الانخفاض خلال سنة 2012 الى أقل من 2,5 في المائة .بحيث يستبعد أن يتجاوز النمو خلال هذه السنة بالنسبة للدول المتقدمة 1 في المائة نظرا الى تواصل الركود في الاتحاد الاوروبي والى النمو الضعيف في كل من الولايات المتحدة الامريكية واليابان (2 في المائة).
في المقابل, تشير التوقعات الى أن يكون التوسع الاقتصادي في اقتصاديات البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية أقوى خلال سنة 2012 كما تبرز الارقام التنمية الدولية أن 75 في المائة من نمو الناتج العالمي الذي شهدته الفترة الممتدة بين سنتي 2006 و2012 قد تحقق في البلدان النامية مقابل 22 في المائة فقط من البلدان المتقدمة.
من جانب آخر, لفت الخبراء الى ازدياد التفاوت في الدخل ضمن كل بلد وفيما بين البلدان خلال السنوات الثلاثين الماضية, حيث تراجعت حصة الاجور في الدخل الاجمالي في مجمل الدول المتقدمة وفي العديد من البلدان النامية فانخفضت على سبيل المثال بنسبة 5 نقاط مئوية أو أكثر في أستراليا والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الامريكية وبنسبة 10 في المائة أو أكثر في ألمانيا وإيرلندا وفرنسا وأصبحت الفئة الاغنى التي تشكل 1 في المائة من السكان تستأثر بنسبة تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة من الثروة الوطنية في عدد من البلدان.
واستبعد نفس الخبراء تحقيق انتعاش كبير دون تحقيق الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل إيرادات كافية للإنفاق على الاستهلاك, و اعتبروا أن التركيز المفرط للدخل كان أحد العوامل التي أدت الى الازمة العالمية نظرا الى ارتباطه بتقديم حوافز عكسية الاثر الى ذوي الدخل الاعلى وبارتفاع مديونية فئات الدخل الاخرى .
ويقول اقتصاديون دوليون بمناسبة قرب اصدار مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية لتقريره السنوي أن تقليص الفجوات المتسعة في الثروة والدخل لن تكون له منافع اجتماعية فحسب,بل سيؤدي كذلك الى نمو اقتصادي أكبر, واعتبروا أن سياسات ضغط الاجور في البلدان المتقدمة من شأنها الزيادة في ضعف ديناميات النمو إذ تنحو الى رفع معدلات البطالة بدلا من تحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل.
واستبعد نفس الخبراء أن يكون اتساع الفجوة في الدخل والثروة في مختلف أنحاء العالم نتيجة حتمية للعولمة والتغير التكنولوجي بل كانت نتيجة للسياسات الاقتصادية المطبقة طيلة العقود الثلاثة الاخيرة ورأوا ضرورة عكس هذا المسار عن طريق تدخل الحكومات بسياسات مالية ونقدية وسياسات لسوق العمل.
و أوصى الخبراء بمنع هبوط الاجور والتفاوتات الكبيرة فيها في وظائف متشابهة وتحديد حد أدنى قانوني للأجور وتحسين شروط الوظائف العمومية. والاعتماد في مجال السياسة المالية على الضرائب التصاعدية وتخطيط الانفاق العام, وتوسيع الحيز المالي وحيز السياسات المالية التي تمكّن الحكومات من مواجهة تقلبات الدورة الاقتصادية وإعادة توزيع الدخل وتمويل اللاستثمار من أجل تحقيق نمو أكثر استدامة.