لقد خلقت الأحداث الأخيرة في الاقتصاد العالمي جواً من الذعر بين المستثمرين حيث فقد المستثمرون ثقتهم واصبحوا في محاولة دائمة لتصفية استثماراتهم وسحب اموالهم من الأسواق. وبما ان دبي احد المراكز المالية الرئيسية في العالم، تشهد الإمارة حالياً آراء مختلفة من الاقتصاديين والمعنيين بالشأن الإستثماري وشراء العقارات على الأخص يحركهم الخوف من فقدان المزيد مما استحوذ على المستثمرين الأفراد ومنعهم من الشراء أو الاستثمار في العقارات.
ولكن في الحقيقة هذا هو الوقت المناسب للإستثمار؛ فلقد أثبت التاريخ أن الأفراد الذين يستجيبون لأي ثورة في السوق ويخططون للإستفادة منها هم اللذين يتألقون بنجاح داخل هذه السوق. فمع التغير الحاصل في النموذج العالمي لا ينبغي أن يتوقع المستثمر مردوداً على استثماراته بين ليلة وضحاها فقد حان الوقت لتغيير وجهات النظر والاستثمار على المدى الطويل. والمستثمرالذي يفهم ذلك ويعمل به سيتمكن من الاستفادة من السوق مرة أخرى.
يجب ان ننظر الى التصحيح الحاصل في السوق كفرصة لا تعوض؛ فعلى الرغم من أن الوضع الحالي يبدو مؤلماً في المدى القصير ولكن هذه التقلبات هي جزء من الدورة الطبيعية للتوسع والنضج في سوق العقاري حيث لا يمكن لأي سوق ان يتخطى اهمية مفهوم العرض والطلب للحصول على استقراره ونموه، فإن الطلب على العقارات في منطقة الشرق الاوسط قوي جداً بالمقارنة مع أجزاء أخرى من العالم لذا ستواصل الشركات في اجراء معاملاتها التجارية في هذه المنطقة.
ونظراً للطبيعة المتغيرة للأسواق العقارية، فالمستثمر الذكي هو من يكون على استعداد دائم للتغيير في استراتيجيته من اجل التكيف مع الاستراتيجية الحالية للسوق حيث يسيطر اليوم الربح الطويل الامد الذي يتراوح ما بين 5 و7 سنوات ، لذا ينبغي على المستثمر أن ينظر بجدية الى هذه الفرصة في حال كان يتمتع بالنقد أو بإمكانية الحصول على رهن عقاري. فالاستثمار العقاري على المدى الطويل لن يعيد توليد رأس المال فحسب بل سيؤدي الى توليد إيرادات إيجار جارية تشير الأبحاث العالمية إلى أن مردودها يتراوح بين 12 إلى 16 ٪ مما يؤكد ان فوائد شراء العقارات في المنطقة تمتد اليوم إلى أبعد من مجرد توفير ميزة سعرية في السوق. وذلك يدفعنا الى النظر في مسألة أخرى: هل يعتبر سوق العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة سوقاً جذابة للمستثمرين على المدى الطويل في حين تمضي الأغلبية ما بين سنتين او ثلاثة في الدولة؟
بالنظر للمستقبل، سوف تصبح دبي في العقد المقبل احد أفضل المدن المخططة في العالم وذلك لعدة عوامل منها استثمارات الحكومة في التعليم والثقافة والتاريخ والتنويع من جهة والبنية التحتية الحديثة والمميزة من الجهة الاخرى والتي تسهل الإنتقال داخلياً مع المترو وشبكة من الطرق الحديثة وجواً مع زيادة قدرة المطار على الاستيعاب. وبالإضافة إلى ذلك أن مناطق الجذب السياحي في ازدياد مستمر في الإمارة على الاخص مع وجود أكبر وأفضل مراكز التسوق ومدينة رياضية جديدة ومع افتتاح المزيد من المطاعم العالمية، لذا بالنسبة لي لا يكمن السؤال في عودة دبي… وانما متى سوف تكون هذه العودة ومدى زخمها هذه المرة؟
علاوة على ذلك، ستبقى المنطقة صلة وصل بين الشرق والغرب وستحافظ على موقعها الإستراتيجي كمقصداً للسياحة والأعمال التجارية الدولية. وما هو هذا الإنخفاض الذي شهدناه مؤخراً في الأعمال التجارية الدولية الداخلة الى المنطقة إلآّ إنخفاضاً قصير الأمد وخلل مؤقت. لذا لا يمكننا الاّ ان نذكر بأن المخاطر والعوائد هما وجهان لعملة واحدة فعلى المستثمر ان يدرس معادلة الاستثمار والمخاطر التي تنتج عنها ويفهم البيئة المحلية والسياسية والقوانين والنزاعات المحتملة وقيّم الامكانات الشخصية والمالية ويدرس التغيرات المتوقعة في المستقبل قبل اقدامه على أي إستثمار.
سوف يكون التاريخ شاهداً دائماً على قصة نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح احد أكبر الاسواق العقارية في العالم في غضون عقداً واحداً، واعتقد جازماً أن هناك المزيد لتحقيقه. وفي حين لا يزال أثر الكساد العالمي موجوداً هنا من المهم أن نفهم أنه يتيح فرصاً جديدة وان ندرك ان المستقبل دبي هو حتماً مستقبل ذهبي.