من بين ما يقارب 3800 مسجد يسيطر السلفيون على حوالي 120 مسجدا . وعديد هذه المساجد تواتر فيها العنف وأدّى ببعض المصلين من ذوي الاعتدال الى الانقطاع عنها . ويذكر الرأي العام ما حصل في شهر رمضان الماضي بين المصلين العاديين والسلفيين من مشاحنات بخصوص بعض طقوس التعبّد التي يعمد السلفيون الى فرضها على غيرهم .
كما يذكر الرأي العام ما جرى من تبادل عنف بين المصلين في غار الدماء وفي جامع سيدي اللخمي في صفاقس وفي الجامع الكبير في باجة وفي عديد المساجد والجوامع في مدن البلاد ،وكذلك المنع الذي جوبه به الامام المعين من قبل الوزارة للجامع الأعظم قبل أسابيع حيث عمد حسين العبيدي الامام الذي تمت ازاحته وتشبث بموقعه بدعم من جماعته وأتباعه الى التصدي له ومنعه من اعتلاء منبر الخطابة في يوم جمعة .
ولم ينفك وزير الشؤون الدينية يؤكّد أن الظاهرة آيلة الى التقلّص والزوال ولكن الأحداث تثبت العكس . حيث أن جامع الفتح الذي كان نورالدين الخادمي امامه منذ الثورة وانطلقت منه عديد المظاهرات ذات المنحى المتطرف واصل على نفس النهج بعد تركيز الوزير لأحد أتباعه خلفا له . ورأينا أن الاحتجاج الدموي على السفارة الأمريكية يوم 14 سبتمبر انطلق من باحة جامع الفتح . كما رأينا أن المظاهرات الفاشلة التي سعى السلفيون الى تنظيمها يوم الجمعة 21 سبتمبر في تحدّ لقرار وزارة الداخلية قد انطلقت من جامع الفتح أيضا . وأبوعياض الذي تحدّى وزير الداخلية وقوات الأمن في بداية الأسبوع فعل كل ذلك من جامع الفتح كما يحصل في كل مرّة .
المشكلة اذن ليست في تأكيد الوزير أن سيطرة الوزارة على المساجد تترسّخ ، ولكن في المناخ الذي تشيعه الخطب النارية في عديد المساجد ومنها اما يحسب على الاعتدال ، والتي تجعل المواطن لا يجد فيها ما ينتظره .