أجرت “رويترز” حوارا بالهاتف مع محمد خوجة مؤسس جبهة الاصلاح السلفية في تونس والذي حصل على التأشيرة منذ يوم واحد أكّد فيه أن الحكومة التي تقودها حركة إسلامية منحته التأشيرة ليصبح اول حزب سلفي مرخص له في البلاد فيما رفضت الحكومة الانتقالية السابقة منحه التأشيرة على خلفية أن بعض مؤسسيه حوكموا في قضايا أمنية في إشارة إلى محاكمات الاتجاه الإسلامي والجبهة الإسلامية في أواخر ثمانيات القرن الماضي، واعتبر مؤسس الحزب أنها كانت قضايا سياسية. وأضاف أن منهجهم هو منهج السنة والجماعة بمفهوم سلف الأمة الصالح .
وفي معرض تفسيره لتغيير وجهة نشاطهم بدخولهم عالم السياسة بدأ بالتباين مع مجموعات سلفية أخرى ترى ” بان السياسة نجسة ولا تتفق مع الدين ” مؤكّدا :”نحن نقول هذا ليس صحيحا ولا نتفق معهم ونقول ان الاسلام دين حرية وديمقراطية.” ويضيف ” اقتنعنا بالدخول في عالم السياسة لأننا نعتقد ان السياسة من بين المهام الموكلة للمسلمين وانها من بين العبادات”. ويتجه الحزب الجديد الى المشاركة في الانتخابات القادمة .
ورغم ما يعلنه من أفكار بغرض طمأنة الرأي العام بقوله : “لن نفرض اي شيء مثل اللباس أو غيره وحزبنا سيكون مفتوحا لكل التونسيين ممن يقتنعون بمبادئنا مبادئ الاصلاح ” الا أنه لا يلبث أن يضع خطوطا حمراء بالحديث عن المقدسات الدينية دون أن يوضّحها وعما يطلبه الشعب المسلم الذي يدّعي أن حزبه يمثله :” لكن لن نقبل بأي تعدّ على مقدساتنا الدينية ونحن سائرون في مسار التغيير للتعبير عن مطالب الشعب المسلم دون نفاق.”
وردا على سؤال حول مسؤولية الحزب في تغيير النظرة للتيارات السلفية التي ترفض انشاء احزاب وتقول ان الديمقراطية حرام قال محمد خوجة “لرويترز”: “بالفعل علينا مسؤولية كبيرة للتعبير عن مطالب هذا الشعب المسلم في اطار الالتزام بمبادئ العمل السياسي المدني السلمي ولكننا لسنا متخوفين من السياسة وما كان يمنعنا قبلا من المشاركة هو اعطاء الشرعية للنظام السياسي السابق.”
ويقول مؤسس جبهة الاصلاح محمد خوجة” ان حزبه يلتزم بالقيم المدنية للدولة ويحترم خصوصيات التجرية الديمقراطية في اطار سلمي بعيد عن كل اشكال العنف”.
ويرى محللون ان وصول حركة النهضة الاسلامية المعتدلة للحكم ساهم في تعديل بعض التيارات السلفية لمواقفها تجاه العمل السياسي. وشدّد مصدر حكومي لرويترز على أن الحزب حصل على التأشيرة وفقا لقانون الأحزاب الذي يؤكد على احترام المبادئ المدنية للدولة.
وكان راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي تقود الحكومة مع حزبين علمانيين قال في وقت سابق انه يؤيد الترخيص للتيارات السلفية التي تلتزم بمبادئ الديمقراطية في مسعى لاستقطابها وجعلها جزءا من المشهد السياسي في البلاد بدلا من اقصائها .
ويضم الحزب مجموعة من القياديين ممن حوكموا في ثمانينات القرن الماضي عندما كانوا ينتمون لتيار الجبهة الاسلامية وهم نوفل ساسي ورفيق العوني وكمال بن رجب وفؤاد بن صالح وعبد اللطيف المغني وخالد بن خالد ومحمد علي الحراث.
سياسيا، وصف نوفل ساسي حزبه بالمعتدل الذي يؤمن بآليات العمل الديمقراطي والدولة المدنية وخيارات الشعب الانتخابية، معتبرا أن الحزب ليس جديدا في العمل السياسي في تونس وإنما هو امتداد لتاريخ طويل من النشاط السري ضد نظام بن علي منذ الثمانينات تاريخ صدور أول بيان تأسيسي له، حسب ما نقله عنه موقع خفايا.
وتجدر الملاحظة إلى أن التيار السلفي نجح في استقطاب شريحة كبيرة من الشباب التونسي الذين يمثلون القاعدة الأوسع خلال التظاهرات التي يقومون بتنظيمها.
و يتوقع مراقبون أن يكون سماح السلطات لمثل هذا الحزب للنشاط السياسي القانوني محاولة منها لخلق توازن مع باقي التيارات السلفية المتشددة في تونس وخاصة منها الجهادية والتكفيرية والتي لا تؤمن بالديمقراطية بخلاف حزب جبهة الاصلاح الذي أكد على التزامه بمبادئ النظام الديمقراطي والدولة المدنية. علما وأن قانون الأحزاب في تونس يمنع وجود أي خلفية دينية أو طائفية بالنظام الأساسي للأحزاب المرخص لها.
و ينتظر أن يعقد حزب جبهة الإصلاح ندوة صحافية للإعلان عن توجهاته ومبادئه السياسية.