عنوان مستفز ولكنّه منطقي و طبيعي لتعلّق الأمر بالحياة البشريّة .
إنّ متابعة معطيات الحوادث من خلال موقع المرصد الوطني لحوادث الطّرقات ONSR وهي قاعدة معطيات هامّة جدّا من جهة ما توفّره من أرقام ومتابعة لنتائج الحوادث البدنيّة من جرحى وقتلى، وهي متابعة يوميّة وشهريّة لأسباب الحوادث والمتسببين فيها وساعات وقوعها وتوزيعها حسب الولايات وتصنيف الطريق الواقعة فيه. وبالتالي فهي قاعدة يتمّ تغذيتها وتحيينها بصفة متواصلة يمكنها أن تكون مرجـع هام للأكاديميين والباحثين في مجال الوقاية من حوادث الطرقات.
إن متابعة تطوّر الحوادث في السنوات الأخيرة تظهر تحسّن في عدد الحوادث، حيث سجّلت سنة 2019 ما يقارب5972 حادث نتج عنها 1150 قتيل و 8574 جريح ، مقابل 9351 حادث نتج عنه 1623 قتيل و14144 جريح في سنة 2012 أي بمعدّل إنخفاظ سنوي للحوادث على إمتداد ستة سنوات بــــ 6% وبـــــ5% للقتلى و7% للجرحى.
إن العنصر الهام الآخر الذي يضاف إلى شرف التقليص من الحوادث هو الزيادة في أسطول السيّارات حيث تطوّر بين سنتي 2012 و 2019 بمعدل سنوي يقارب 5 % وذلك مما يقارب 1,650 مليون سيّارة إلى 2,3 مليون سيارة سنة 2019 .
عديد العناصر تدخل نظريّا في هذا الأمر من تطوّر للتشريع ومجهود وحرص أمني على المراقبة والتصدّي للسياقة العشوائيّة ومجهود الجمعيّات الفاعلة في مجال الوقاية من حوادث الطرقات وكذلك الإهتمام الخاص لهذا الجانب من قبل الإعلام.
أمر آخر مهمّ ذكره وهو المتعلّق بتموقعنا عالميّا من هذا الجانب. خطئ شائع تموقعنا في المراتب الأولى من ناحية الحوادث. والحقيقة كما تظهرها إحصائيّات المنظّمة العالميّة للصحّة ومجلّة ATLAS MAGAZINE ، تظهر تونس في المرتبة 59 من جملة 96 دولة من ناحية عدد قتلى حوادث الطرقات على كل 100 ألف مواطن. فقد بلغ هذا العدد 22.8 قتيل مقابل 2,7 لدى سويسرا وهي في المرتبة الأولى ومقابل 34,7 لدى دولة زمبابوي وهي في المرتبة الأخطر.
فرنسا تسجّل 5.5 و قطر 9.3 ومصر 9.7 ، ثمّ تركيا بــــــــــ12.4 و المغرب 19.6 قتيل.
ويبلغ المعدّل العام لهذا المؤشّر 18,1 قتيل لكل 100 ألف ساكن. وضع إستراتيجيّة للعمل على المعدّل كهدف، يمكّن من إنقاذ أكثر من 500 حياة بشريّة.
مؤشر ثان معتمد للمقارنة بين المجهودات المبذولة في مجال الوقاية من حوادث الطرقات يهمّ عدد القتلى بالنسبة لكل 1000 سيّارة . فقد سجّلنا 1,3 قتيل تحلّ به تونس في المرتبة 47 من ناحية الأفضليّة. يبلع معدّل هذا المؤشر 0,7 قتيل لكل 1000 سيّارة . وتصل أعلى نسبة وهي 92 قتيل لكل 1000 سيارة بالسودان و0.03 بالنسبة للسويد وسويسرا. ونحن في مرتبة تسبق المغرب من ناحية الأفضليّة ، وتحتلّ مصر مرتبة ليست ببعيدة بـ 1,1 قتيل لكل 1000 سيّارة.
لقد كان لـ COVID 19 أثر طيّب على حوادث الطرقات حيث بلغ عدد القتلى خلال أشهر مارس إلى جوان 210 قتيل مقابل 380 في السنة الفارطة. وبذلك مكنت الكرونة من إنقاذ 170 نفس بشرية.
والأمر المحيّر في هذا الجانب هو تسجيل 30 قتيل خلال فترة الحجر الصحّي الكامل وهو شهر أفريل، وتمّ تسجيل 150 جريح. وشهدت بعض الأيّام 10 و 11 حادث بدني نتج عنها 14 و 13 جريح. فهل أن هذه الحوادث وقعت في مناطق الجولان القريبة من السكن أو كانت نتيجة إخلال بعضنا للقوانين والتراتيب.
ومع بداية الرجوع والتوّجه شيئا فشيئا نحو التقليص من الحجر الصحّي بدأت الحوادث تعود لطرقاتنا حيث شاهدنا وقوع 7 قتلى في يوم واحد 10 ماي على سبيل الذكر وشاهدنا وقوع 30 جريح في يوم 26 و 30 ماي .
وبدأ إرتفاع المعدّل اليومي للقتلى من قتيل واحد في شهر أفريل إلى 1,5 في شهر ماي ثمّ 2,4 في شهر جوان. وكأننا نتدّرج لنسترجع “إنجازاتنا” في السنة الفارطة ذات المعدّل اليومي بـــــــ 3,1 قتيل.
و كذلك الشأن لمعدّل الجرحى الذي تطوّر من 5 جرحى في شهر أفريل إلى 11 جريح في شهر ماي ثمّ 16 في شهر جوان ، مقابل معدّل يومي بـ 23,6 لسنة 2019 .
يبدو أن الشهر الحالي والأشهر القادمة ستعود لنفس نسب الحوادث المسجّلة سابقا من قتلى وجرحى.ويمكن أن تتظافر الجهود لكي لا يتجاوز معدّل الحوادث رقم 2,5 مثلا ، وألاّ يتجاوز معدّل الحوادث 18 وهي مستويات يمكن العمل عليها بداية من شهر جويلية وهو أمر يتوافق مع البرنامج التحسيسي المعلن عنه من قبل المرصد الوطني لحوادث الطرقات . علما وأن أشهر جويلية وأوت وديسمبر هم الأشهر الأصعب من ناحية القتلى ( 120 لكل منهم في سنة 2019) .
تجنّد جميع الأطراف من أمن وجمعيّات وإعلام بمجهودات خاصّة خلال بقيّة السنة بإعتماد مفهومStop and go الإقتصادي ، يوم ضغط ذا درجة حماس عالية يتجند فيه جميع المعنيين أمن وإعلام وجمعيات، تتخلله أيام هدنة ، يمكن أن يكون له إنعكاس إجابي على الطرقات.
رسالة للشباب، أوّل سبب وفاة الشباب بين 15 و 29 سنة هي حوادث الطرقات .