انتقد رئيس كتلة المعارضة في المجلس الوطني التأسيسي في تونس والقيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي محمد الحامدي في حوار مع الموقع الالكتروني “إيلاف” محاولة حركة النهضة السيطرة على مفاصل الدولة عن طريق تعيين موالين لها، كما تحدث عن سبب تعليقه و8 نواب في “التأسيسي” نشاطهم في الحزب الجمهوري والذي تم الإعلان عنه منذ أيام.
وأكّد أن التعيينات التي أجرتها حركة النهضة للولاة تثير مخاوف جدية خاصة و أن ذاكرة التونسيين مجروحة باعتبار أن اهم ادوات استبداد النظام السابق كان عن طريق الدمج بين الحزب والإدارة وعلّق على هذه التعيينات بالقول ” هذا السلوك يحيلنا إلى ممارسات نظام بن علي ” .
الحكومة لم يشكك في شرعيتها لكنه وصفها بالانتقالية التي تؤمّن مرحلة محددة زمنيًا وفسّر ما أسماه ” الشروع في زرع المحسوبين على حركة النهضة في مفاصل الدولة ” برغبتها في” مصادرة المستقبل وإبقاء الموازنة الانتخابية نفسها” لأن التعيينات حسب وصفه “قامت على اساس الولاء الحزبي بل طالت حتى علاقات المصاهرة ” مستعيدا ما كان جاريا قبل الثورة عندما “كانت الادارة هي الاداة التي اعتمدها نظام بن علي لخنق امكانيات المعارضة خاصة ان الولاة الذين عزلتهم الحكومة لم يخطئوا.” وفق تصريحه .
وعن الموقف الذي اتخذه بمعية 8 مناضلين قرروا تعليق نشاطهم في الحزب الديمقراطي التقدمي عشية اعلان عملية توحيده مع حزبين آخرين إلى حد الساعة رفع الحامدي اللبس الذي اعترى موقفه قائلا :” تعليق نشاطنا في الحزب الجمهوري ليس احتجاجًا على المسار التوحيدي فنحن مع الاندماج وانما هو احتجاج على ما وقع في المؤتمر التوحيدي في الجزء المتعلق بالديمقراطي التقدمي حيث وقعت اخلالات وكان هناك مناخ سياسي غير سليم وتشويه لخط اصلاحي داخل الحزب كالإشراف على العملية الانتخابية من طرف مترشحين و تجاوزات أخرى كشفت محاولة اقصاء خط معين مما دفعنا الى اصدار بلاغ بتعليق نشاطنا الى حين استكمال مشاوراتنا لنفكر في خيارات سياسية محددة لتصحيح الوضع.”
وعن المشاكل الحاصلة داخل الحزب التقدمي قبل المؤتمر التوحيدي وأسباب عدم الاعلان عنها في وقت مبكر أشار الحامدي الى أنها بدأت بعد اعلان التقرير الذي يخص النكسة الانتخابية والذي كان له (أي محمد الحامدي ) شرف صياغته النهائية ولدى عرضه على اللجنة المركزية صادقت عليه بأغلبية مريحة ولكن هذا التقرير لم يؤخذ به، بل حجب عن المناضلين وأضاف :” ومن هنا بدأت تتضح عملية اقصاء للخط الاصلاحي والقفز على معطيات هذا التقييم بالهروب الى الامام في المسار التوحيدي بحيث لم يعد التوحيد ضرورة يتطلبها الواقع السياسي بل مهربًا للتغطية على ضرورة تحمل المسؤولية.”
وفي موضوع الاستقطاب الذي يمكن أن يزيد من حدته تشكيل الحزب الجمهوري الجديد أكّد محمد الحامدي أن “الاستقطاب الثنائي بين الحداثيين والإسلاميين موجود على المستوى الثقافي وينعكس على المستوى السياسي” وأفاد أن مصلحة قوى المعارضة الديمقراطية و مصلحة البلاد يقتضيان أن يتم تخفيف حدة هذا الاستقطاب الثنائي حتى يظل المشهد السياسي محكوما بصراع البرامج اكثر مما تحكمه الراديكالية الثقافية التي يمكن أن تؤدي الى ما يشبه الحرب الأهلية، و علق بالقول ان هذه “المخاطر موجودة”.
أما جهود الباجي قائد السبسي فلم ير فيها محمد الحامدي في غياب الاعلان عن حزب ما يمكن تسميته بمبادرة على الاقل سياسيًا وأقصى ما هنالك أن قائد السبسي يتحدث عن توجه وسطي ويحاول التقريب بين اطراف الحركة الديمقراطية الوسطية ويشير الحامدي الى أنه “يمكن ان نتقاطع معه في توجهات عامة رغم عدم وجود اي علاقة تنظيمية بيننا وبين السبسي أو الاحزاب الدستورية.”
الحامدي أضاف أن المتعاطفين مع البورقيبية والتجمعيين ما زالوا لهم وجود ولهم حراكً داخل بعض مجاميعهم لتوحيد صفوفهم تأهبًا للعودة إلى الحياة السياسية، وهذا طبعًا من حقهم ما لم يقع أي منهم تحت طائلة القانون القضائي “ولكن انا لا اميل الى التقدير المبالغ فيه لحجمهم وإمكانية تأثيرهم في المشهد السياسي فقد يكونون جزءًا منه بصيغة من الصيغ” والمهم حسب رأيه أن لا ينحصر المشهد السياسي بين النهضة والدستوريين العائدين، فالحياة السياسية في تونس اكثر ديناميكية وتعقيدًا في نظره قبل أن يضيف : ” لا ننسى أن الدستوريين وخاصة التجمعيين ما زال ينتظرهم ملف العدالة الانتقالية الذي سيبعد الكثير منهم عن الحياة السياسية ” .