على هامش المؤتمر الخامس للحزب الديمقراطي التقدمي الذي انعقد يومي 7و 8 أفريل من الشهر الجاري ,التقت “أفريكان مانجر” المستشار الجبائي وعضو المكتب السياسي للحزب الجمهوري,محمد صالح العياري ,وتركز الحوار حول البرنامج الاقتصادي للحكومة الحالية وما تضمنه من إصلاحات خاصة المتعلقة بالمنظومة الجبائية :.
· 1- لو تحدثنا عن تفاصيل انتمائك إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذي و بعد عملية الانصهار الاخيرة أصبح يعرف بالحزب الجمهوري؟
التحاقي بالحزب الديمقراطي التقدمي كان بمناسبة إعداد برنامج الحزب وبصفة خاصة البرنامج الاقتصادي والجبائي الذي كان لي شرف المساهمة فيه مع ثلة من الخبراء وقد وجدت المناخ الملائم الذي شجعني على العمل صلب هذا الحزب العريق.
كما أنه وبعد الانتهاء من إعداد البرنامج انضممت إلى هيئة الخبراء التي واصلت عملها وذلك للتعمق أكثر في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والمالية, مما أهّلها للقيام بدراسات معمّقة لمقارنة برامج الأحزاب الأخرى ونخص بالذكر برامج الاحزاب التي تحالفت مع الحزب الديمقراطي التقدمي في عملية انصهار لإنشاء حزب وسطي كبير وهو الحزب الجمهوري.
وقد لاحظنا التقارب الكبير في البرامج التي تم إعدادها ولعل هذا التقارب في البرامج وفي الأفكار والتوجهات العامة هو الذي كوّن الأرضية الملائمة لإتمام عملية الاندماج التي نتمنى أن تكون اللبنة الأولى لتمكين بقية الأحزاب الديمقراطية من الالتحاق بالركب ليصبح لنا حزب ديمقراطي وسطي كبير قادر على تحقيق التناوب على السلطة.
2- تحدثت عن برامجكم كأحزاب فما رأيك في البرنامج الاقتصادي للحكومة لسنة 2012 وخاصة فيما يتعلق بإحداثات الشغل الجديدة في ظل المعطيات والإمكانات الراهنة للبلاد؟
أعتقد أن توفير 25 ألف موطن عمل في القطاع العمومي و75 ألف أخرى في القطاع الخاص عملية ممكنة, لكن المناخ الاجتماعي والسياسي والاقتصادي العام للبلاد مبدئيا لا يسمح بذلك باعتبار أن نسبة النمو التي حددت ب3,5 بالمائة لن تمكننا إلا من إحداث 60 موطن شغل ,كما أنه من الصعب بلوغ تلك النسبة في هذه الظروف الراهنة باعتبار وجود العديد من المؤسسات المتضررة و التي لا تزال تعاني من مخلّفات أعمال النهب والحرق.
من جانب آخر, وبالنسبة للنقطة المتعلقة بالمنحة التي كانت تسند للعاطلين عن العمل(منحة أمل) وربطها بعملية الانتداب فهو إجراء في حد ذاته مشجع على خلق مواطن الشغل لكن هناك عائقا يجب التطرق إليه هو أن المؤسسة الاقتصادية تفتقد للسيولة المالية ممّا سيجعل تحقيق هذا الهدف صعب المنال ولكنها في كل الأحوال مبادرة لا يمكن إلا أن نباركها ونتمنى مساعدة المؤسسات للخروج من الأزمة الخانقة التي تعاني منها.
3- والإصلاحات المقترحة في المنظومة الجبائية كيف تراها؟
اعتقد أن البرنامج المقترح لم يتضمن إجراءات فورية تتماشى مع أهداف الثورة التي قام بها أساسا الشباب العاطل عن العمل والمواطنون القاطنون بالمناطق المحرومة. وباعتبار أن ميزانية الدولة ترتكز أساسا على المداخيل الجبائية ,فإنه لا يمكن أن نتجاهل القيام بإصلاحات جبائية جوهرية بتعلّة أن الحكومة مؤقتة وتمر بفترة انتقالية خاصة وأننا نعيش حكومات مؤقتة منذ اندلاع ثورة 14 جانفي وذلك على حساب الطبقات الكادحة والمطالبين بالضريبة الذين نخص منهم بالذكر الأجراء الذين يتحملون عبء أكبر من الجباية عن طريق الخصم من الموارد والذي يمثل حوالي 45 بالمائة من مجمل الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين.
فإذا كنا نريد إرساء عدالة اجتماعية يجب علينا حتما المرور عبر العدالة الجبائية وذلك بتوزيع العبء الجبائي على كل أصناف الشرائح الاجتماعية بأكثر عدالة,هذا إلى جانب النسب المرتفعة التي ما زالت تعاني منها الشركات (30 و35 بالمائة) بالمقارنة مع عديد البلدان القريبة من تونس في مستوى نموها الاقتصادي (مصر 20 بالمائة والأردن 15 بالمائة وبولونيا 19 بالمائة ورومانيا 16 بالمائة وتركيا 20 بالمائة) وذلك لإعطاء الدفع اللازم للمؤسسة الاقتصادية لبعث المشاريع وإنجاز الاستثمارات وخلق مواطن الشغل.
كما يجب إعادة النظر وبكل سرعة في النظام التقديري الذي يمثّل اليوم الحلقة الضعيفة في النظام الجبائي التونسي لأن هذا النظام يضم حاليا حوالي 380 ألف شخص خاضع بصفة غير قانونية لهذا النظام كما أن مساهمتهم في المداخيل الجبائية هزيلة جدا مقارنة بعددهم الهام.
ويجب أيضا الإسراع في مراجعة النظام الجبائي بالنسبة للأرباح والمداخيل المتأتية من التصدير التي علينا إخضاعها إلى النسبة الدنيا والتي هي في حدود 10 بالمائة وكذلك نظام الأرباح الموزعة التي تنتفع بالإعفاء الكلي من الضرائب حسب النظام الجبائي التونسي في حين أن هذه الأرباح الموزعة تخضع للضريبة في بلد مقر المنتفعين بها وذلك طبقا لاتفاقيات عدم الازدواج في الضريبة.
و في الختام ,وإذا ما أردنا أن نصف برنامج الحكومة فلا يمكننا القول أنه برنامج ثوري وطموح يرتقي إلى تطلعات الشعب التونسي الذي قاد ثورة نموذجية كانت الشرارة الأولى للربيع العربي.
4-كيف تقرأ اختيار تاريخ 20 مارس كموعد للانتخابات المقبلة؟
ان تحديد موعد الانتخابات القادمة هو شيء هام وضروري وذلك للحفاظ على المسار الديمقراطي والخروج من التجاذبات السياسية التي طفت على الساحة خلال الأشهر الأخيرة التي تلت انتخابات 23 أكتوبر,لكن الأهم من ذلك هو الإسراع بإنشاء لجنة مستقلة قارة للانتخابات وتحديد تشكيلتها لتبدأ عملها منذ الآن بصفة مسترسلة حتى تتجنب الارتجال وسوء التنظيم الذي لاحظنا بوادره في الانتخابات الفارطة .
فإذا أخطأنا في التجربة الأولى عند إحداث لجنة الانتخابات السابقة والتي كانت مواقفها في بعض الأحيان متذبذبة كتجربة أولى فإنه لا يمكن أن نسمح لأنفسنا أن تقوم بنفس الخطأ في مرّة ثانية خاصة وأن كل أنظار العالم متجهة نحو تونس التي نتمنى أن تصبح مثالا في التنظيم والديمقراطية.
شادية الهلالي