تونس- افريكان مانجر
قال مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والاسكان والتهيئة الترابية نجيب السنوسي إنّ الوزارة شرعت في مراجعة بعض التشريعات الخاصة بمجال السكن على غرار قانون البعث العقاري ومراجعة منظومة ” فوبرولوس”..
وأضاف السنوسي في حوار خصّ به “افريكان مانجر” أنّ الأزمة التي يواجهها قطاع السكن ليست رهينة تغيير منظومة القروض فحسب، مُؤكدا أنّ الإرتفاع المشط في أسعار المساكن ليس وليد سنوات ما بعد الثورة بل هي أزمة بدأت في الظهور منذ سنة 2000.
وفي ما يلي نصّ الحوار:
ماهي أبرز العوامل التي جعلت أسعار العقارات ترتفع بشكل كبير في تونس؟
شهدت أسعار العقارات في تونس منذ سنة 2011 إرتفاعا كبيرا، ويُعزى ذلك لإستفحال ظاهرة البناء الفوضوي والغير مرخص له فضلا عن قلة الأراضي الصالحة للبناء وهذه النقطة من أبرز الإشكاليات التي تواجهها شركات البعث العقاري العمومي والخواص.
والحقيقة فإنّ إرتفاع أسعار المساكن ليس وليد سنوات ما بعد الثورة، فمنذ سنة 2000 سجلت أسعار مواد البناء قفزة كبيرة، حيث تضاعفت أسعار حديد البناء والاسمنت إلى جانب إرتفاع كلفة اليد العاملة.
كلّ هذه العوامل وغيرها جعلت من أسعار العقارات في تونس ترتفع بنحو 40 بالمائة خلال الـ 5 سنوات الأخيرة.
من المعروف أنّ شركات البعث العقاري العمومي وأساسا “السنيت” و”سبرولس” أحدثت أساسا لتوفير مساكن بأسعار معقولة لأصحاب الدخل المحدود، غير أنّنا لاحظنا أنّ مساهمة الشركات سالفة الذكر في توفير مساكن اجتماعية تراجعت.
فماهي أسباب التي أدت الى تقلص عمليات بناء المساكن الاجتماعية؟
فعلا، سجلت شركات البعث العقاري العمومي على غرار شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية “سبرولس” والشركة العقارية للبلاد التونسية “سنيت”نقصا كبيرا في انتاج المساكن الاجتماعية.
ويعزى ذلك الى غياب رؤية واضحة لمؤسسات البعث العقاري العمومي حتى تقوم بدورها كما يجب.
وفي هذا السياق وجب الإشارة الى ان الشركات المذكورة واجهت العديد من الصعوبات المالية خاصة وقد تمّ الاستيلاء على عدد من مساكنهما.
يُقال إنّ بعض الباعثين العقارين يُفضلون إبقاء الشقق مغلقة ومهملة لسنوات، عوض التفويت فيها بأسعار معقولة.
فماهي حقيقة العقارات الشاغرة؟
هناك فهم خاطئ لما يروج بخصوص المساكن الغير مسكونة والمغلقة بمختلف ولايات الجمهورية.
ووفق ما كشفته الارقام والإحصائيات الرسمية فإنّه يوجد بتونس نحو 500 ألف مسكن شاغر، وتعود غالبية ملكيتها لتونسيين بالخارج الذين يرفضون التفويت فيها.
وبالتالي فإنّ كلّ ما يروج بخصوص إغلاقها بسبب إرتفاع اسعارها مسألة ليست صحيحة، علما وأنّ 80 بالمائة التونسية تمتلك مساكن.
من يتحمل مسؤولية استفحال ظاهرة البناء الفوضوي الذي إمتد اليوم ليشمل مختلف الولايات وخاصة المدن السياحية، حيث قام البعض بتشييد منازل والاعتداء على الملك العمومي البحري؟
يُقدر المعدل السنوي للمساكن الجديدة بـ 79 ألف مسكن، منها 29 ألف مسكن غير مرخص له اي ان 37 بالمائة من البناءات في تونس هي بناءات فوضوية.
وفي ظلّ إرتفاع الظاهرة وانتشارها في كافة ولايات الجمهورية فإنّه لا بدّ من وضع خطة واضحة للتصدي للبناء العشوائي الذي استفحل بصفة خاصة في اقليم تونس الكبرى والمدن الكبرى التي تتوفر بها فرص عمل.
من المعلوم انه تم الشروع في اشغال ازالة المساكن البدائية او ما يُعرف بـ”الأكواخ” منذ سنة 2012، فما مدى تقدم أشغال هذا البرنامج؟
يتواصل العمل حاليا لانجاز البرنامج الخصوصي لإزالة المساكن البدائية والمقدّر عددها بـ 9 آلاف مسكن، وقد تمّ الشروع في تنفيذ هذا البرنامج منذ سنة 2012 غير انه واجه العديد من الصعوبات في تنفيذه.
وكان من المزمع إنجاز البرنامج عن طريق المقاولات، ونظرا للمسافة الكبيرة الفاصلة بين المساكن فقد شرعت وزارة التجهيز في اعتماد منظومة البناء الذاتي.
وتقدر الكلفة الجملية للمشروع بـ 200 مليون دينار، وقد تمّ إلى حدّ الآن إزالة 1700 مسكن فيما يتواصل حاليا إعادة تهيئة 1400 مسكن بدائي على ان يتمّ استكمال بقية المنازل خلال السنوات القادمة.
يشتكي العديد من المواطنين من ارتفاع نسب الفائدة الموظفة على قروض السكن، فهل تعتقد أن مراجعة منظومة القروض يمكن ان يكون حلا رئيسيا لتسهيل عملية امتلاك مسكن؟
حلّ أزمة قطاع السكن ليست رهينة مراجعة منظومة القروض السكنية، بل هي مرتبطة بنقاط اخرى حيث يتوجب علينا مراجعة بعض التشريعات الخاصة بمجال السكن على غرار قانون البعث العقاري
وذلك لمزيد توضيح العلاقة بين الباعث العقاري والمقتني وتبسيط الاجراءات.
كما يجب مراجعة منظومة ” فوبرولوس” لتسهيل شروط الحصول على قرض.
لا يختلف اثنان عل خطورة البناءات الآيلة للسقوط والمهجورة فضلا عن تأثيرها السلبي على المشهد الجمالي للمدن، وهو مطروح منذ سنوات.
فماهي خطة الوزارة للحد من ظاهرة البناءات الآيلة للسقوط؟
تعمل الوزارة حاليا على صياغة مشروع قانون جديد يخول لها التدخل في البنايات الآيلة للسقوط،
وسيتمّ تشرك كافة المتدخلين نظرا لأهمية الظاهرة التي باتت تُهدّد اليوم المشهد العمراني والجمالي.