تونس ـ افريكان مانجر
تشير بعض الأرقام الى ان القدرة الشرائية للمواطن التونسي تراجعت بأكثر من 42 بالمائة خلال السنوات الأخيرة في ظل إنخفاض معدلات النموّ الاقتصادي.
وقد صُنفت تونس في المرتبة الثالثة على مستوى شمال افريقيا ضمن قائمة المدن الأكثر غلاء.
زيادة غير معلنة
ويقول المهتم بالشأن الاقتصادي محمد العيفة في حديث لـ “افريكان مانجر” إنّه من المتوقع ان يتواصل تراجع القدرة الشرائية للتونسي بسبب الإرتفاع الكبير، والغير مٌعلن أحيانا، في أسعار العديد الخدمات والقطاعات على غرار خدمات الاتصالات وفواتير الكهرباء والغاز والأدوية والخدمات الصحية والتبغ…
وأوضح أنّ 85 % من المواد الموجودة في السوق التونسية حرة، وقد سجلت قفزة كبيرة على مستوى الأسعار دون أن ينتبه لذاك المستهلك.
واكد المصدر ذاته أنّ أسعار المواد المدعمة لم تشهد زيادة كبيرة منذ سنة 2011، غير ان تدهور المعيشة على نحو خطير يتحمل جزء من مسؤوليته المستهلك التونسي بسبب تغير سلوكه وخياراته في الحياة. كما لاحظ أن تزامن المواسم الاستهلاكية واقتراب موعد عيد الإضحى والعودة المدرسية دفعت بالمواطن الى التداين والاقتراض من البنوك وهو ما اثقل كاهله وجعله غير قادر على تلبية كافة الحاجيات…
البحث عن عمل اضافي
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي وجدي بن رجب إنّ ضعف القدرة الشرائية للمواطن وعجزه عن توفير الحاجيات الاساسية دفعه للبحث عن عمل إضافي، وهذه الظاهرة ستكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد التونسي وشدّد المتحدث على استفحال ظاهرة العمل الاضافي سيعمق الازمة الاقتصادية خاصة اذا علمنا ان عددا من الموظفين يقبلون على العمل في مجال التجارة واساسا البضائع المهربة وهو ما يشجع على انتشار ظاهرة التهريب والتهرب الجبائي.
وأفاد بن رجب أنّ الزيادة المتتالية في الاجور ليست الحلّ الامثل للحد من تراجع المقدرة الشرائية للتونسي، مشيرا الى ان الحل يكمن في التحكم في مسالك التّوزيع ومراقبة الخدمات التّي تشهد كثيرا من الإنفلات.
كما تحدّث الخبير الإفتصادي عن الحلول على المدى البعيد حيث شدّد على ضرورة مراجعة منوال التّنمية وخلق الثّروة والإستثمار وخلق مواطن شغل، حتّى تتمكّن تونس من الخروج من الأزمة الإقتصاديّة والتصّدي لأيّ مظهر من مظاهر الإنهيار الإقتصادي والتّأسيس لمرحلة أفضل.
سلوك عشوائي
وبحسب ما أعلنه المعهد الوطني للاستهلاك، فإنّ نسبة كبيرة من الأسر التونسية لها سلوك عشوائي وغير منضبط في الإنفاق خاصة في المواسم والأعياد، مما يضطر حوالي ربع المستهلكين إلى اللجوء إلى التداين بمختلف أنواعه.
وأكدت أرقام رسمية للبنك المركزي التونسي تضاعف حجم القروض البنكية المسندة إلى الأسر التونسية مرتين، ليمر من 10.7 مليار دينار في ديسمبر 2010 إلى 20.8 مليار دينار في مارس 2017.
ويرى مدير المعهد طارق بن جاوية، أن مجمل هذه المعطيات تؤكد بشكل قاطع ترسخ ظاهرة التداين الأسري في تونس وتوسعها بشكل لافت من منطلق حرص المستهلك على تحسين ظروف عيشه.
كما بين في حوار سابق مع وكالة تونس افريقيا للأنباء، أنّ نسبة هامة من القروض أضحت موجهة لتغطية الاستهلاك اليومي لا سيما في السنوات الأخيرة، مفسرا الأمر بتواتر المواسم الاستهلاكية ما ولد ضغطا على الأسر التونسية بما رفع النفقات، معللا هذه المسألة بتغير النمط الاستهلاكي للتونسي الذي بات في ارتفاع أكثر بسبب بروز سلوكيات جديدة منها الحرص على الترفيه.
وقال ا إن 40 بالمئة من الأسر التونسية لها سلوك عشوائي وغير منضبط في الإنفاق خاصة في المواسم والأعياد.
المواطن يشتكي
في المقابل، عبر العديد من المواطنين عن تذمرهم واستيائهم من الإرتفاع المشط في أسعار المواد الاستهلاكية مشيرين الى ان الترفيع في الرواتب لم تساهم في تحسين وضعيتهم نظرا للزيادات المتتالية في أسعار المواد الغذائية وأسعار عديد الخدمات والقطاعات.
بدورها، أعربت منظمة الدفاع عن المستهلك في اكثر من مناسبة عن انشغالها من “الارتفاع الفاحش” لأسعار المواد الاستهلاكية (مواد غذائية، مواد تنظيف، خدمات…)، داعية كافة السلط المعنية للتدخل العاجل ولاتخاذ كافة الإجراءات المناسبة والاحتياطات اللازمة للتصدي للظاهرة.