تونس- افريكان مانجر
الوضعية المالية لشركة نقل تونس لا تسمح بتنفيذ برنامج اقتناءات جديدة لتجديد الاسطول، كما أنّ تفاقم “الترسكية” واستفحال ظاهرة تخريب الحافلات وعربات المترو ساهمت في تراجع مداخيل الشركة بأكثر من 40 %، وفقا لما أكده المتصرف المفوض لشركة نقل تونس عبد الرؤوف الصالح في حوار لـ “افريكان مانجر”.
ورغم الصعوبات التي تمر بها نقل تونس، فقد شدد المتحدث على ان الحكومة لم تحسم بعد ملف الزيادة في تعريفات التذاكر، وهي ملتزمة بدورها الاجتماعي وفقا لتعبيره.
وأشار أيضا، الى أنّ الشركة وضعت برنامجا ظرفيا لتحسين الخدمات وبرمجت اقتناء 300 حافلة مستعملة خلال السنة الجارية على ان يتمّ تنفيذ برنامج اقتناءات جديد لنحو 175 حافلة جديدة خلال الـ 3 سنوات القادمة.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا مع عبد الرؤوف الصالحالمتصرف المفوض لشركة نقل تونس:
- تشهد خدمات النقل العمومي في إقليم تونس الكبرى تراجعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يتسبب يوميا في تعطل مصالح المواطنين، فماهي الأسباب التي تقف وراء هذه الحالة “المتدهورة”؟
لا يختلف إثنان على أنّ قطاع النقل ركيزة أساسية لدفع العمل التنموي في البلاد، غير أنّ الوضعية المالية لشركة نقل تونس لا تسمح حاليا بالقيام بالاستثمارات الضرورية لتجديد الأسطول من حافلات وعربات مترو وعربات قطار لفائدة خط “تي جي أم”، ثمّ إنّ التعريفة المُعتمدة في الوقت الراهن لا تعكس الكلفة الحقيقية لأعباء النقل.
في المقابل، فقد سجلت أسعار المحروقات وقطع الغيار زيادات كبيرة الى جانب ارتفاع حصة الأجور، ممّا حال دون قدرة الشركة على تنفيذ برنامج شراءات جديدة.
- هل يوجد توجه لزيادة التعريفات؟
السياسية العامة للحكومة هي اعتماد التعريفة المنخفضة مراعاة للمقدرة الشرائية للتونسي، ومراجعة التعريفات يندرج ضمن خيارات الدولة في هذا المجال باعتبار ان النقل خدمة اجتماعية تستهدفمختلفالشرائح.
ونسعى لتحسين الخدمات وتأمين التنقلات الحضرية لكافة المواطنين في أفضل الظروف، بالاعتماد على الأسطول المتاح لنا.
ولم يقع بعد الحسم في ملف الترفيع في معاليم النقل العمومي، وهو موضوع لا يزال تحت الدرس، علما وأنّ مراجعة التعريفة تأخذ بعين الاعتبار عديد العوامل وتعتمد على عديد المقاييس أهمها سعي الدولة للالتزام بدورها الاجتماعي تجاه مختلف الفئات من طلبة وتلاميذ وموظفين…
وتُعد مراجعة التعريفة مسألة ضرورية لتحسين مداخيل شركة نقل تونس وتطوير الخدمات، فالأسعار الحالية لا تُغطي التكاليف وهي في حدود 0,500 د لنحو 83 % من الخطوط و1 دينار لـ 11 % من الأقسام في حين ان النسبة المتبقية والمتمثلة في 6 % يبلغ فيها ثمن سند الركوب 1,5 دينار.
في إنتظار تحسن الوضعية المالية، ماهي الحلول الآنية التي وضعتها الشركة للحد من تواصل تردي خدمات النقل والتقليص من الاكتظاظ في مختلف وسائل النقل ؟
يُقدر عدد الحافلات التي تُستغل يوميا بنحو 460، ونسعى للمحافظة على وتيرة السفرات بمختلف شبكة الخطوط على أن يتمّ الترفيع فيها خلال الفترة القادمة.
وقد تمت برمجة القيام بإصلاح عدد من الحافلات المعطلة كمرحلة أولى للترفيع من جاهزية الاسطول والارتقاء بالعدد، وبالنسبة لشبكة المترو فان عدد العربات المستغلة حاليا تراجع من 100 الى 60.
والوضع المالي للشركة لا يسمح بإصلاح كافة الاعطاب بسبب عدم توفر الاعتمادات لشراء قطع الغيار.
وكحلّ ظرفي سيتمّ تدعيم خطوط الحافلات باقتناء 300 حافلة مستعملة بقيمة 16 مليون دينار، وذلك قبل موفى شهر جوان القادم .
وعلى المدى المتوسط تُخطط الشركة لشراء 175 حافلة جديدة بقيمة 100 مليون دينار وذلك ضمن برنامج اقتناءات جديدة يمتد الى سنة 2026 وسيشمل اقتناء 718 حافلة، ويتضمن هذا البرنامج أيضا شراء 54 عربة مترو جديدة و18 عربة لفائدة خط تونس حلق الوادي.
- ماهي مصادر تمويل هذه الشراءات في ظلّ الصعوبات المالية ؟
سيتم توفير الاعتمادات المالية عن طريق ميزانية الدولة وعن طريق الممولين الأجانب بالحصول على قروض.
والشركة حاليا لا تملك السيولة المالية اللازمة للإيفاء حيث بلغ حجم ديونها1880 مليون دينار سنة 2022 منها 230 مليون دينار لفائدة البنوك ومزودي قطع الغيار، هذا بالإضافة إلى صعوبة الإيفاء بتعهداتها تجاه المزودين العموميين.
ثمّ إنّ الدّعم السنوي الذي ترصده الدّولة بعنوان منحة الاستغلال لا يسمح سوى بتغطية المستحقات المالية للأعوان البالغ عددهم حوالي 7350 عونا والذين بلغت نسبة أعبائهم 73,4%من المداخيل سنة 2022 مقابل 52% سنة 2010.
- هل من إجراءات جديدة لوضع حدّ لتفاقمظاهرة التنقل دون سند “الترسكية” ؟
استفحال ظاهرة “الترسكية” في الحافلات والمترو يُكبد شركة نقل تونس خسائر فادحة، فقد تراجعت تراجعت المداخيل بشكل ملحوظ باعتبار ان التنقل دون اقتطاع سند ركوب بات اليوم يمثل 40 بالمائة من الحجم الجملي لمعاملات الشركة.
ظاهرة أخرى لا تقلّ أهمية عن الأولى، وهي الاعتداءات المتكررة على الاسطول سواء بتعمد تعطيل تنقلات عربا المترو او تهشيم البلور وتخريب الحافلات مما اضر باستمرارية هذا المرفق العمومي، وسنويا تُسجل نقل تونس خسائر بنحو 1 مليار دينار جراء تصاعد موجة الاعتداءات على الاعوان والاسطول.
نحن نتفهم ردّة فعل المواطن في بعض الحالات جراء طول فترات الانتظار وحالات الاكتظاظ وغيرها، غير اننا ندعو الجميع الى تجنب مثل هذه التصرفات ومساعدتنا في ضمان استمرارية المرفق العمومي للنقل، وكلّ تأخير في تنفيذ برنامج الاقتناءات الجديدة هو خسارة للمواطن والشركة.
وحسب الإمكانيات المتاحة، فإنّ الشركة تعمل على تحسين الخدمات وتوفير سلامة الحرفاء والاعوان.