تونس-افريكان مانجر
أحالت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على أنظار وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس ملف شبهات فساد مالي وإداري في صفقة اقتناء عوارض خشبية، كانت أبرمتها الشّركة الوطنية للسّكك الحديدية التّونسية مع أحد المزوّدين الأجانب خلال سنة 2017.
وتعلقت شبهات الفساد بمسؤولين كبار بالشركة من بينهم الرّئيس المدير العام ومدير المراقبة القانونية ومدير الشّراءات ومدير إدارة صيانة السكّة والمنشآت الفنية والمباني.
وبحسب ما أعلنت عنه هيئة مكافحة الفساد في نشريتها الأسبوعية اليوم الإثنين 16 أوت 2021، فان منطلق البحث في هذا الملف كان بموجب عريضة مدعّمة بمؤيدات وعدد من الملاحق وردت على الهيئة بتاريخ 24 نوفمبر 2020 تضمّنت تبليغا عن إخلالات وتجاوزات وشبهات فساد في الصفقة المذكورة ومنها خاصّة عدم مطابقة العوارض الخشبية المقتناة للشروط والمواصفات الفنية المطلوبة.
وأفادت الهيئة، انه امام جدية الموضوع وأهمية الشبهات المثارة ، قامت في نوفمبر 2020 بأعمال التقصي المستوجبة في علاقة بالملف.
وتتعلّق الصفقة محلّ شبهات فساد بطلب عروض دولي أصدرتهُ الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية بتاريخ 4 أفريل 2017 لاقتناء 13.690 عارضة خشبية، في إطار سد حاجياتها ومنها خاصّة تجديد مسار السكة الحديدية على الخط رقم 1 الرّابط بين تونس وبنزرت والخط رقم 10 الرّابط بين منطقتي بئر بورقبة والحمامات ورقم 22 الرابط بين سوسة والمنستير والمهدية وكذلك الخط الرّابط بين العاصمة وجندوبة. وقد تمّ إمضاء عقد الصفقة من طرف الرّئيس المدير العام للشركة يوم 20/10/2017 مع مزوّد أجنبي بقيمة 2.010.082،000د والذي شرع عمليا في وسق العوارض إلى تونس على أقساط بداية من شهر جانفي 2019 بلغت في مجملها 9.534 قطعة بتاريخ 3/10/2019 من الكمية العامة المتفق عليها.
إلاّ أنّه تبيّن للهيئة بمناسبة التقصّي في الموضوع وقوع إخلالات وتجاوزات في مسار الصفقة محل التتبع وخاصّة في مرحلة قبول العوارض الخشبية والإمضاء على محضر الاستلام الوقتي وإيداعها مباشرة بورشات الشركة دون فرزها والتثبت من مدى مطابقتها للمواصفات والشّروط الفنية المطلوبة.
كما تبيّن وجود كمية من العوارض الخشبية غير الصالحة للاستعمال تقدّر بــــ 2255 عارضة من مجموع 5876 قطعة أمكن للجهات المختصّة اختبارها ومعاينتها بعد إثارة الشبهات. وهو ما يعني أنّ أكثر من %38 من تلك العوارض غير مطابقة للمعايير والمواصفات الفنّية، ما يمثل خطرا جديا على جولان القطارات وعلى سلامة المسافرين في صورة تركيبها.
وقد تبين كذلك أنّ جزء من العوارض غير الصالحة للاستعمال، قد سبق توزيعه وتركيبه بعدد من خطوط السكّة ببعض المناطق بالجمهورية،
وأكدت الهيئة إنّ التحريات بينت ان إختصاص المُمثلين اللذان أوفدتهما الشركة إلى رومانيا للتحقق من مدى مطابقة العوارض الخشبية للمواصفات الفنية المطلوبة لا علاقة له بميدان الخشب وبالتالي لا يؤهلهما لا واقعا ولا قانونا لإجراء تلك المعاينة الدقيقة والمهمّة والتي كان يُفترضُ أن يقوم بها “خبير معتمد” في الخشب أو ممثلا عن أحد المراكز الفنية المختصّة، المؤهلين دون سواهم للتّحقق في مدى مطابقة المنتوجات للمعايير القياسية والتأكّد من نوعية الخشب المستعمل ومصدره ومؤشر الصلابة وطريقة طلائها ومن حصول المُصنّع على شهادة المطابقة التي تثبتُ التزامه بمعايير الجودة سواء الاختيارية أو الإلزامية وذلك قبل شحن العوارض إلى تونس.
كما ثبت بالرّجوع إلى المنظومة الدّيوانية “سند” وبعد مراجعة التصاريح الدّيوانية وأنّ الشركة الوطنية للسّكك الحديدية التونسية قد تسلمت وإلى غاية 30/10/2019 عدد 9.534 عارضة خشبية قادمة من رومانيا عبر ميناء رادس. في حين أشارت التحريات إلى أنّ ورشات الشركة لم تتسلّم فعليا سوى 9.338 قطعة، أي بنقص قدره 196 عارضة خشبية لم يتسنّ تحديد مآلها.
ولفتت الهيئة ، الى انّ الرّئيس المدير العام قد استغل صفته لعدم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية ضد من ثبت تورطهم في التجاوزات التي أُعلم بها ضمن التقرير الرقابي. بل وسعى إلى استغلال نفوذه وممارسة ضغوطات على فريق تدقيق جديد عيّنهُ بتاريخ 24/02/2021 لإعادة البحث في الملف من خلال إدراج معلومات ومعطيات من شأنها ضرب مصداقية وجدّية التقرير الأصلي.
وقد ثبت ان الشركة الوطنية للسكك الحديدية قد قامت بتاريخ 12 مارس 2021 أي بعد يوم من توصلها بمكتوب هيئة مكافحة الفساد، بتوجيه مراسلة الى المزود الاجنبي لإعلامه بأنها تفطنت لوجود كميات من العوارض غير المطابقة للمواصفات الا انه المزود رفض الطلب و تمسك بان العوارض التي تم شحنها سليمة و انها تضررت نتيجة الإهمال و تركها لأكثر من سبعة اشهر داخل الحاويات بميناء رادس.